محرر الأقباط متحدون
استقبل قداسة البابا فرنسيس اليوم الاثنين الرهبان والراهبات المشاركين في الجمعيتين العامتين لرهبانية خدام العناية الإلهية الفقراء وخادمات العناية الإلهية الفقيرات. وفي بداية كلمته حيا الأب الأقدس الجميع خاصا بالذكر الرئيس العام والرئيسة العامة، ثم تحدث عن اختتام الجمعيتين العامتين أمس الأحد مذكرا بالموضوع الذي اختير محورا لكليهما، ألا وهو "نبوة الشركة". وقال البابا إن شركتنا تولد وتنمو قبل كل شيء في الثالوث، وتظهر بشكل ملموس في الأخوّة وروح العائلة وأيضا في الأسلوب السينودسي الذي تبنتاه الرهبانيتان في تناغم مع مسيرة الكنيسة بكاملها. ثم أعرب قداسته عن سعادته لرؤية أخوة وأخوات العناية الإلهية معا وبحضور بعض العلمانيين الذين شاركوا في الجمعيتين العامتين معززين هكذا هويتهم وانتماءهم، وهذه أيضا نبوة شركة، قال البابا.
توقف الأب الأقدس بعد ذلك عند كاريزما الرهبان والراهبات فقال إنهم مدعوون إلى أن ينعشوا في العالم الإيمان بالله الآب، وإلى تسليم الذات ببنوة إلى عنايته. وتابع البابا فرنسيس أننا حين نتأمل في حياة يسوع وعظاته، وأيضا في حديثه إلى التلاميذ، فسنجد أن في قلبه كانت هناك في المرتبة الأولى هذه الرغبة، التعريف بالآب وجعل الأشخاص يلمسون صلاحه. لقد عاش يسوع هكذا، منغمسا تماما في إرادة الآب، وكانت رسالته تهدف إلى إدخالنا في هذه العلاقة البنوية والتي جوهرها الثقة في العناية الإلهية، في أن الآب يعرفنا أكثر مما نعرف نحن أنفسنا ويعلم أفضل منا ما نحتاج إليه. وقال البابا لضيوفه إنهم قد انجذبوا إلى هذا البعد الأساسي لسر المسيح وقد اختاروا، وعلى خطى مؤسس الرهبانية القديس جوفاني كالابريا، أن يشهدوا له وذلك بشكل خاص برفقة الأكثر فقرا، الآخِرين، مَن أقصاهم المجتمع.
وفي حديثه عن القديس جوفاني كالابريا وصفه البابا فرنسيس بالنبي، وقال للرهبان والراهبات إن مؤسس الرهبانية قد ترك لهم إرثا عليهم الحفاظ عليه. وتابع الأب الأقدس أن المسيرة التي قاموا ويقومون بها هي قراءة متجددة للمسيرة التي أرشد إليها الله القديس جوفاني كالابريا، وشدد على أن هذا القديس الذي كان منخرطا في الكنيسة قد نجح في الإجابة على الاحتياجات من خلال توجهه إلى الضواحي ليُظهر وجه الله الأبوي بأمانة مبدعة باحثا عن طرق جديدة من أجل أن يتحقق حلم الله في جماعتكم، قال الأب الاقدس لضيوفه.
وتابع البابا فرنسيس حديثه إلى الرهبان والراهبات مشيرا إلى أن تعزيزهم مع الفقراء الثقة في العناية الإلهية يجعل منهم صانعي ثقافة العناية الإلهية والتي يعتبرها الأب الأقدس حسب ما ذكر ترياقا ضد ثقافة اللامبالاة. وأضاف أن الروحانية المسيحية المتعلقة بالعناية الإلهية لا تعني القدرية أو انتظار أن تهبط من السماء حلول المشاكل والخيور التي نحتاج إليها، بل تعني السعي إلى التشبه بأبينا السماوي في عنايته بخلائقه وبشكل خاص بمن هم أكثر ضعفا وصغرا، تعني أن نتقاسم مع الآخرين القليل الذي لدينا كي لا يُحرم أحد مما هو ضروري، وهذه هي الرعاية الضرورية لمواجهة اللامبالاة.
هذا وأراد البابا فرنسيس التشديد على التقاسم وذلك لقناعته بأنه جزء من نبوة الشركة. وتحدث هنا عن المثل الذي قدمه لنا المسنون، أجدادنا، فقال إنه كان طبيعيا بالنسبة لهم، مع وصول شخص إلى البيت بشكل مفاجئ أو في حال طَرق شخص فقير أبوابهم طالبا مساعدة، أن يتقاسموا معه طبقا من الحساء أو غيره. وتابع الأب الأقدس أن هذا أسلوب ملموس لعيش العناية الإلهية في التقاسم، وأكد ضرورة استعادة قيمٍ بعينها وعقلية مَن يكسر الخبز مبارِكا الله الآب، واثقا في أن هذا الخبز سيكون كافيا لنا وللقريب الذي هو في حاجة إليه.
وفي ختام حديثه دعا البابا فرنسيس الرهبان والراهبات إلى تفادي الانغلاق والمرجعية الذاتية، وشجعهم على انفتاح أكبر دائما لمعانقة الجديد والأسلوب الذي ألهمهم الله إياه والذي يريده من أجلهم. وشدد على أن الضواحي الجغرافية والوجودية التي يدعوهم إليها الله هي مكان إعلان محبة الآب عبر الرحمة، وإبراز حنان وجه الله بدون أحكام مسبقة أو استبعاد، محبة الفقراء بأن نكون فقراء. ثم شدد قداسته على ضرورة تقديم الشهادة ببساطة وتواضع وشجاعة وفي المقام الأول بإنسانية، كما وشدد لضيوفه على أهمية الإنسانية داخل جماعتهم أيضا، وحذر البابا في هذا السياق من الثرثرة والتي وصفها بسم قاتل داعيا إلى الحديث المباشر والصادق مع مَن قد تكون لدينا مشاكل معهم.