محرر الاقباط متحدون
شارك الأنبا باخوم ، النائب البطريركي لشؤون الإيبارشية البطريركية للأقباط الكاثوليك ، والمتحدث الرسمي للكنيسة الكاثوليكية بمصر في المؤتمر الدولي بالأردن ، الذي عُقد من الخامس والعشرين، وحتى السابع والعشرين من ايار مايو الجاري، تحت عنوان "واقع ومستقبل المسحيين بالشرق الأوسط" وتمّت فيه مناقشة عدة مواضيع أهمها: واقع ومستقبل المسحيين بالشرق الأوسط ، تأثير السياسة على الأوضاع بالشرق الأوسط ، بالإضافة إلى أهمية التعايش السلمي والأخوَّة الحقيقية.
قال ، الأنبا باخوم ، ان مصر كبلد لها ثقافتها الخاصة، بسبب تاريخاها الغني : من ثقافات وحضارات، غزاة وطامعين. شعب يعشق أرضه، (تراب الوطن)، وخيار الهجرة بالنسبة له هو الخيار الأخير دائمًا مهما كانت الظروف. وان كانت هناك احصائيات للهجرة او السفر للبحث عن حياة أفضل من الناحية الاقتصادية فهذا أمر يشترك فيه الجميع (مسلمون ومسيحيون). أما عن هجرة اليهود المصريين فهذا أمر يطول شرحه، وبالمثل الجاليات الأجنبية.
وتابع ، عاشت مصر مرحلة من أخطر مراحلها في تاريخها الحديث والمعاصر وعاشت الكنيسة، قادتها ومؤمنيها هذه المرحلة ايضا كجزء لا يتجزأ من هذا الوطن ويمكننا القول أن الخطر كان مضاعف. وفي كل هذا لم يضعف انتمائهم لوطنهم وايمانهم بأن ما يحدث سيمر كما مر الكثير من مضايقات وأحداث. فالخوف والقلق لم يكن فقط على الكنيسة (شعبها وقادتها) بل الخوف الأكبر كان على الوطن فلسنا كمسيحين أقباط نعيش في جزيرة منعزلة فروحانيتنا وطقوسنا وصلواتنا لا تنفصل عن ثقافتنا وانتماؤنا لوطننا. فشبابنا جنود في جيش هذا الوطن وبناتنا أعضاء في أحزابه وعاملين في مؤسساته. كانت الكنيسة ومازالت ثابتة غير محايدة، صامدة بتعاليمها ومبادئها. وتركت لمؤمنيها الاختيار في توجهاتهم السياسية والحزبية مع الاحتفاظ بقواعد الايمان الراسخ والتعاليم الكاثوليكية الواضحة. ولم تنقطع صلاتها من أجل الوطن.
اذن استقرار المسيحين في مصر مرتبط باستقرار بلدهم ، والمشاركة الحقيقية في عملية الإصلاح، بكل محاورها: (الاقتصادي، التعليمي، الثقافي، الديني،،)
واكمل ، بعد ثورتين وأعمال عنف وتعديات وازمات سياسية داخلية وخارجية، ثم ازمة فيروس كوفيد ١٩ الذي عانت منه البشرية جمعاء. كانت القيادة السياسية المصرية واضحة وصريحة في قراراتها ومصارحتها بكل شفافية لوضع البلاد على كل المستويات ومن ثم التأثيرات التي يمكن حدوثها في حال الدخول في طريق اصلاح حقيقي. ومن ثم حشدت لهذا الهدف كل مقدرات الوطن وموارده. شارك الجميع ممن لهم نوايا حسنة ولا ننكر معاناة الكثيرين ممن لحقهم غلو الاسعار وارتفاع تكلفة المعيشة في ابسط متطلباتها. وهنا يجب أن نلقي نظرة على الوضع الاقتصادي العالمي وليس فقط في دول الشرق الأوسط فنحن نعيش في عالم واحد، قرية صغيرة.
وبالتالي يمكننا القول أن ارتفاع الأسعار ورفع الدعم، في مصر أمر لا يخص الإدارة المالية لمصر فقط. وبالتالي أيضًا ارتفاع نسبة الديون الخارجة وارتفاع نسبة التضخم وسعر الدولار أمام العملية المحلية، وارتفاع سعر الذهب، ارتفاع سعر برميل النفط،،،كلها قضايا يجب أن تناقش في ضوء الازمة الاقتصادية العالمية.
وعلى الصعيد المحلي نجد، بنية تحتية جديدة، مشروع حياة كريمة، سكن الشباب، طرق، مدن جديدة، أراضي زراعية جديدة. مشروعات قومية توفر فرص عمل كبيرة جدا للعاطلين، بناء كنائس جديدة يصاحبه دعم كبير من الدولة من حيث الموافقات والإجراءات القانونية، وتقنين الكنائس القديمة، قانون الأحوال الشخصية المشترك للطوائف.
وتابع ، أحيانًا يتم حصر قضايا المسيحية في مصر خاصة، في أزمة بناء الكنائس أو ترميمها! وأرى أن احدى المشاكل الحقيقية في وضع المسيحيين بمصر هو احساسهم الدائم بأنهم أقلية، وتوقعاتهم مع كل رئيس جديد في جمع الحقوق المهدرة منذ عدة عقود (كتعينيهم في الوزرات السيادية، ورئاسة الجامعات الكليات).
إذن الأزمة ليست فقط اقتصادية، وليست فقط في بناء الكنائس من عدمه. إنما في وجود واقع لابد من الإقرار به والتفكير جديًا في مواجهته بطرق تتوافق ودعوتنا الدائمة للعيش المشترك. هذا الواقع يمكننا تسميته ان جاز التعبير: “الهواء السلفي ” الذي يملأ الأجواء في هذه البقعة من الأرض (بلاد الشرق الأوسط) فمازال وجود التيارات الفكرية المتشددة في صورتها الأخيرة والظاهرة للعيان في ما يسمى الاتجاهات الدينية السياسية لن تنتهي من مصر او الشرق الاوسط بهذه السهولة. لذا يمكن أن يأخذ الحديث مسارات أخرى : دورنا في دعم عمليات الإصلاح الحقيقية في بلادنا، وساقترح عمليا بعض النقاط في الختام.
واضاف ، مرة أخرى عودة للعيش المشترك تحاول الدولة المصرية جاهدة مع قيادات مشيخة الازهر الشريف وجود حل في التعامل مع التيارات المتشددة من خلال تجديد الخطاب الديني . تضع الكنيسة (بطوائفها الثلاثة بمصر) نفسها دائمًا تحت مظلة الدعوى للسلام والعيش المشترك متحفظة بعض الشيء في بياناتها الرسمية وغير الرسمية تجاه ما يثير غضب الاقباط الذي يصل في أقصى درجاته عند لوم قياداته الدينية ومجلس اساقفته من ردة فعلهم وتصريحاتهم “غير المؤثرة” بحسب تعبيرهم.