إعداد / ماجد كامل
خرجت علينا وسائل التواصل الاجتماعي بخبر صادم ومؤلم هو رحيل المؤرخ الكنسي الأستاذ أمير نصر ( 1949- 2021 ) مساء يوم الاربعاء الموافق 26 مايو 2021 ؛ أثر أزمة قلبية مفاجئة لم تمهله طويلا ؛ وفور سماعي بالخبر الحزين تداعت إلي ذهني شريط طويل من الذكريات والأحاديث والحوارات معه وعنه ؛ أما عن أمير نصر نفسه ؛ فلقد ولد في 19 فبراير 1949 بحي الظاهر بالقاهرة ؛ ولقد عشق قراءة التاريخ ودراسته منذ فجر شبابه ؛ فالتحق بالكلية الإكليركية خلال عام 1970 ؛ وتخرج فيها خلال عام 1974 ؛ وخلال فترة دراسته بالكلية الإكليركية ؛ تتلمذ علي يد صفوة من أساتذة الكلية لعل من أولهما المتنيح قداسة البابا شنودة الثالث الذي طالما كان يؤكد علي تأثيره الكببر عليه – المتنيح الأنبا غريغوريوس – المتنيح الأنبا يوأنس أسقف الغربية – المتنيح الدكتور موريس تواضروس – المتنيح الدكتور وهيب جورجي – المتنيح الاستاذ شاكر باسيليوس ....... الخ . ثم ألتحق بعدها بكلية الآداب قسم التاريخ بجامعة عين شمس ؛ ولقد أتيحت له الفرصة في كلية الآداب أن يتتلمذ علي يد أساطين أساتذة التاريخ بجامعة عين شمس نذكر منهم ( المرحوم الدكتور إبراهيم نصحي أستاذ التاريخ اليوناني الروماني – المرحوم الدكتور رأفت عبد الحميد أستاذ تاريخ العصور الوسطي – الأستاذ الدكتور أسحق عبيد أستاذ العصور الوسطي أطال الله حياته ومتعه بالصحة والعافية – المرحوم الأستاذ الدكتور أحمد عزت عبد الكريم رائد دراسات تاريخ التعليم في مصر – المرحوم الأستاذ الدكتور عبد العزيز نوار أستاذ تاريخ مصر الحديث والمعاصر – المرحوم الأستاذ الدكتور عبد الخالق لاشين أستاذ تاريخ مصر الحديث والمعاصر – الأستاذ الدكتور أحمد زكريا الشلق أستاذ تاريخ مصر الحديث والمعاصر ورائد درسات تاريخ الفكر المصري المعاصر في مصر أطال الله حياته ومتعه بالصحة والعافية .... ألخ ) . ولقد تقدم بعدها للحصول علي درجة الماجستير بالجامعة ؛ غير أن طبيعة عمله بأسقفية الخدمات العامة والإجتماعية في قطاع الدياكونية الريفية قد حال دون إتمام تلك الرسالة ؛ وخلال فترة عمله بالأسقفية تأثر كثيرا بالمتنيح الأنبا صموئيل ( 1920- 1981 ) ؛ الذي تأثر به كثيرا وكان دائما ما يؤكد فضله عليه في الخدمة والرعاية ؛ ولقد أتيحت له طبيعة عمله في برنامج تعليم الكبار أن يقرأ ويدرس منهج المفكر البرازيلي الكبير باولو فريري Paulo Freire ( 1921- 1997 ) الذي طالما كان يشيد بأهمية منهجه وفضله في محو الأمية تماما في البرازيل ؛ وكان يقوم بتطبيق هذا البرنامج في مصر ؛ وخلال فترة خدمته في الأسقفية ؛ أحتك بقيادات الأسقفية الكبار مثل المتنيح الأنبا صموئيل – المتنيح الأنبا أثناسيوس مطران بني سويف – المتنيح المهندس يوحنا الراهب – نيافة الانبا سيرابيون أسقف لوس أنجلوس – نيافة الأنبا يؤانس أسقف أسيوط حاليا ؛ ولقد أستمر في خدمته بأسقفية الشباب خلال الفترة من ( 1978 – 2009 ) حيث أحيل إلي المعاش ليعاوده الاشتياق إلي عشقه الكبير وهو تاريخ الكنيسة ؛ ولقد تم تعيينه أستاذا لمادة تاريخ الكنيسة بالكلية الإكليركية بالقاهرة بناء علي تزكية مقدمة من نيافة الحبر الجليل الأنبا موسي أسقف عام الشباب ( أطال الله حياته ومتعه بالصحة والعافية ) . وكان ذلك خلال عام 1995 ؛ولقد قام بتدريس مادة تاريخ الكنيسة في إكليركيات ( القاهرة – المنوفية – الأقصر – الفيوم – النمسا – الكويت ) . وخلال خدمته بأسقفية الشباب ؛ قام بتأسيس مجموعة الحياة الكنسية ؛ وقام بتقسيم برنامجها إلي أربعة فروع هي ( العقيدة والطقس - كتابات الآباء- تاريخ الكنيسة – التسبحة والألحان ) . كما شارك في برنامج التنمية الثقافية بالأسقفية ( وكان لكاتب هذه السطور الفرصة للمشاركة معه في هذا البرنامج ) . وشارك أيضا من خلال تاريخ الكنيسة في برنامج المشاركة الوطنية من خلال تدريسه لموضوع المواقف الوطنية للكنيسة القبطية عبر العصور ؛ وشارك أيضا في كورس تاريخ الكنيسة من خلال المحاضرة التي كان يعشقها عشقا عن مارمرقس الرسول . وكان آخر منصب يتولاه قبل نياحته بفترة هو خدمته في مركز معلم الأجيال بالزيتون ؛ وإشرافه علي مجلة الحياة الكنسية .
ولقد كان الأستاذ أمير نصر يتميز بموهبة الكتابة ؛ فأثري المكتبة المكتبة القبطية بالعديد والعديد من الكتب التي ( كما كان يقول لي دائما أنها تجاوزت التسعين كتابا ) . أذكر منها في حدود ما تمكنت من التوصل إليه :-
1- مارمرقس الرسول ومدرسة الإسكندرية ( كان له عشق وهيام خاص بمارمرقس الرسول وكان دائما ما يردد هو أبونا كلنا وسبب وجودنا ) .
2- فيثارة الكنيسة الأنبا بنيامين مطران المنوفية الأسبق ( وأذكر أنه وضع صوته في القداس نغمة مميزة لرنة الموبايل الخاص به ) .
3- قراءة في حياة أبونا مينا البرموسي المتوحد – البابا كيرلس السادس .
4- ناظر الإله الإنجيلي القديس مارمرقس الرسول في حياتنا الكنسية ( أنظر صورة غلاف الكتاب ضمن مجموعة الصور الملحقة بالمقالة ) .
5- القديس العظيم مارمرقس الرسول بين كرسي الإسكندرية وكرسي روما .
6- دير البراموس ( تاريخه – قديسيه – أهم معالمه ( كان له عشق خاص بهذا الدير وكان يمضي فترة صوم السيدة العذراء بالكامل في هذا الدير ومعه كتبه ومراجعه ؛ وكان دائما ما يردد عبارة البابا يؤانس التاسع عشر ( 1855- 1942 ) " دير البراموس البهي " .
7- له كتاب عن الأسقف إيسذوروس أسقف ورئيس دير البرامس ( أذكر أنه كلفني بتصوير مجلة صهيون بالكامل من مقتنيات دار الكتب خلال فترة عملي بها ) .
8- الكنيسة تواجه الهراطقة .
9- المشاركة الوطنية للأقباط في العصر الحديث ( وقد صدر مرة عن المركز القبطي للدراسات الاجتماعية ؛ ثم صدر مرة أخري عن أسقفية الشباب ) ( أنظر صورة غلاف الكتاب ضمن مجموعة الصور الملحقة بالمقالة ) .
10- تحقيق ونشر بحث كتاب متي ولد المسيح للبابا مكاريوس الثالث .
11- القديس أنبا هرون القس .
12- القديس الانبا ايسسذوروس القس .
13- القديسة إبراكسية الناسكة .
14- القديسان الروميان مكسيموس ودوماديوس .
15- القديسة دميانة الشهيدة .
16- جماعة الغالبين .
17- القديس الأنبا يوساب الأبح .
18- القديسان الناسكان أنبا أبلو وأنبا أبيب .
19- الأب الروحي ؛ مراجعة القس سيدراك إبراهيم .
20- مقدمة في تاريخ الكنيسة .
21- الكنيسة تواجه الوثنية .
22- من هذه الطالعة من البرية .
23- الزيارة المشهودة لدير الانبا شنودة بسوهاج .
وعلي المستوي الإنساني ؛ كان الأستاذ أمير يعشق القراءة جدا ؛ ولن أنسي موسم الزيارة السنوية لمعرض القاهرة الدولي للكتاب ؛ حيث كان يصر علي نزولنا معا لهذا المعرض ؛ وكان يقوم بمسح شامل لمعظم أجنحة المعرض ؛ وبالرغم من كبر سنه وضعف صحته ؛ كان يحمل الكتب بنفسه رغم ثقل الكثير منها خصوصا الموسوعات الضخمة التي كان يحرص علي شراءها ؛ وكان يهتم جدا بزيارة أجنحة ( المركز القومي للترجمة – الهيئة المصرية العامة للكتاب – دار الكتب والوثائق القومية – الهيئة العامة لقصور الثقافة – الهيئة العامة للآثار المصرية – دار مدبولي – الشروق – الدار المصرية اللبنانية ........ ألخ ) . وأذكر جيدا أنه فرح جدا بإقتناء الموسوعات الضخمة التي أصدرتها مكتبة الأسرة مثل ( موسوعة الخطط التوفيقية لعلي مبارك – موسوعة مصر القديمة لسليم حسن – موسوعة قصة الحضارة لول ديورانت – موسوعة وصف مصر للحملة الفرنسية .... الخ ) كما فرح جدا بإقتناء المجموعة الكاملة لمجموعة تاريخ البطاركة لساويرس بن المقفع التي صدرت عن مكتبة مدبولي في ستة مجلدات ؛ وكنت حاضر لحظة شراءها ورأيت بعيني كيف فرح بإقتناءها كثير ) .
وطول السنة كان يتابع صفحة عروض الكتب بجريدة الأهرام ؛ وكثيرا ما كان يتصل بي ليطالبني بالسؤال عن كتاب معين من إصدرات هيئة الكتاب أو دار الكتب أو المركز القومي للترجمة . وكان يعشق جدا كتابات ومقالات الكاتب الكبير توفيق الحكيم ؛ وكان يقول هو كاتبي المفضل ؛ وفي مكتبتي الخاصة كان يخصص ركنا خاصا لكتب ومقالات وحوارات توفيق الحكيم ؛ كما كان يعشق كتابات طه حسين ؛ أحمد لطفي السيد ؛ أحمد بهاء الدين ؛ محمد حسنين هيكل . وأذكر أنه كان يكن تقدير خاص لكتابات الكاتب الصحفي الكبير المرحوم كامل زهيري ؛ ولقد حضرنا معا ندوة عن نهر النيل ألقي فيها الكاتب الكبير محاضرة طويلة عن أهمية نهر النيل وكانت هذه المحاضرة في قاعة الأنبا صموئيل بالكاتدرائية ؛ وقبلها قام الأستاذ أمير بالقاء محاضرة تمهيدية عن تاريخ نهر النيل تسبق محاضرة الكاتب الكبير ؛ ولقد نالت هذه المحاضرة استحسان الجميع .
أما عن مارمرقس الرسول ؛ فلقد كان هو عشقه الكبير ؛ وكان يعتبره هو سبب وجود المسيحية في مصر ؛ فكان يحفظ كل كتاب ؛ بل كل سطر كتب عن مارمرقس ؛ وكان يحفظ عن ظهر قلب كل ما ورد عن مارمرقس في كافة الكتابات الكنسية ( خولاجي – أبصلمودية – قطمارس – دفنار - كتب تماجيد – ترانيم عنه ..... الخ ) ؛ وكان يحرص علي إلقاء محاضرة ثابتة عنه في كل محاضرات الكلية الإكليركية ؛ وكورسات أسقفية الشباب واجتماعات الشباب ؛ ولقد جعل اللوجو الخاص سواء صفحته علي الفيس بوك صورة لمارمرقس الرسول .
نطلب له الراحة والنياح ؛ ونطلب بركة صلواته عنا ؛ وأن يعوضه الرب عن كل أتعابه في ملكوت السموات .