محرر الأقباط متحدون
"نحن مدعوون لكي نعيش اللقاء السياسي كلقاء أخوي، لاسيما مع الذين لا يتّفقون معنا؛ وهذا يعني أن نرى في الشخص الذي نتحاور معه أخًا حقيقيًا، وابنًا محبوبًا لله" هذا ما قاله قداسة البابا فرنسيس في كلمته إلى أعضاء الأخوّة السياسيّة لجماعة " Chemin Neuf"
حيث استقبل قداسة البابا فرنسيس صباح اليوم الاثنين في قاعة كليمينتينا في القصر الرسولي بالفاتيكان أعضاء الأخوّة السياسيّة لجماعة " Chemin Neuf" وللمناسبة وجّه الأب الاقدس كلمة رحّب بها بضيوفه وقال يسعدني أن أرحب بكم أيها الأعضاء الشباب في "الأخوة السياسية" لـجماعة "Chemin Neuf". عندما التقينا العام الماضي، أوكلتم لصلواتي مشاركتكم في حدث Changemakers في بودابست، حيث عشتم لحظات لقاء وتنشئة وعمل أيضًا في الجمعيات المحلية. إنَّ الطريقة التي عشتم بها هذا الحدث تبدو لي تطبيقًا جيدًا للمعنى الحقيقي للسياسة، لاسيما بالنسبة للمسيحيين، لأنَّ السياسة هي لقاء وتأمُّل وعمل.
تابع البابا فرنسيس يقول إنَّ السياسة قبل كل شيء هي فن لقاء، من المؤكد أن هذا اللقاء يعاش من خلال استقبال الآخر وقبول اختلافه في حوار محترم. ولكن كمسيحيين، هناك المزيد: بما أن الإنجيل يطلب منا أن نحب أعداءنا، فلا يمكنني أن أكتفي بحوار سطحي ورسمي، مثل تلك المفاوضات التي غالبًا ما تكون عدائية بين الأحزاب السياسية. نحن مدعوون لكي نعيش اللقاء السياسي كلقاء أخوي، لاسيما مع الذين لا يتّفقون معنا؛ وهذا يعني أن نرى في الشخص الذي نتحاور معه أخًا حقيقيًا، وابنًا محبوبًا لله. لذلك يبدأ فن اللقاء هذا بتغيير النظرة إلى الآخر، وبقبول واحترام غير مشروط لشخصه. إذا لم يحدث هذا التغيير في القلب، فإن السياسة تخاطر بأن تتحوّل غالبًا إلى مواجهة عنيفة لكي نجعل أفكارنا تنتصر، في بحث عن مصالح معينة بدلاً من الخير العام، ضدَّ مبدأ أن "الوحدة تسود على الصراع".
أضاف الأب الأقدس يقول المسيحية '> من وجهة النظر المسيحية ، السياسة هي أيضًا تأمُّل، أي صياغة مشروع مشترك، وهكذا أوضح إدموند بورك، سياسي من القرن الثامن عشر، لناخبي بريستول أنه لا يستطيع أن يكتفي بالدفاع عن مصالحهم الخاصة، ولكنّه يفضل بأن يُرسَل نيابة عنهم لكي يعمل مع أعضاء البرلمان الآخرين على رؤية خير للبلد بأسره من أجل الخير العام. كمسيحيين، نحن نفهم أن السياسة، بالإضافة إلى اللقاء، تسير قدمًا أيضًا بفضل تأمُّل مشترك، في بحث عن هذا الخير العام، وليس فقط من خلال مواجهة المصالح المتضاربة والمتعارضة في كثير من الأحيان. باختصار، "إنَّ الكل يتفوَّق على الجزء". وبوصلتنا لكي نطوِّر هذا المشروع المشترك هي الإنجيل، الذي يحمل إلى العالم رؤية إيجابية عميقة للرجل الذي يحبه الله.
ختامًا تابع الحبر الأعظم يقول السياسة هي أيضا عمل. يسعدني أن أخوتكم لا تكتفي بكونها فُسحة للنقاش والتبادل، ولكنها تقودكم أيضًا إلى التزام ملموس. كمسيحيين، نحن بحاجة دائمًا إلى أن نقارن أفكارنا بضخامة الواقع، إذا كنا لا نريد أن نبني على الرمل حيث ينتهي به الأمر عاجلاً أم آجلاً بالسقوط والانهيار. لا ننسينَّ أبدًا أن "الواقع هو أكثر أهميّة من الفكرة". ولذلك أشجع التزامكم لصالح المهاجرين والبيئة. كما أنني علمت أن البعض منكم قد اختاروا أن يعيشوا معًا في وسط حي للطبقة العاملة في باريس، لكي يكونوا في إصغاء دائمٍ للفقراء: إنه أسلوب مسيحي لعيش وممارسة السياسة!
وخلص البابا فرنسيس إلى القول لقاء، تأمُّل وعمل: نجد هنا برنامج سياسي بالمعنى المسيحي، وأعتقد أنكم تختبرون ذلك بالفعل، لا سيما في لقاءاتكم المسائية يوم الأحد: من خلال الصلاة معًا للآب الذي منه ينطلق كل شيء، من خلال الاقتداء بيسوع المسيح، ومن خلال الاصغاء إلى الروح القدس يكتسب اهتمامكم بالخير العام قوة داخلية قوية جدا وملهمة. لأن هذه هي الطريقة التي تُمارَس بها السياسة على أنها "أسمى أشكال المحبّة"، كما وصفها البابا بيوس الحادي عشر. إن صلاتي ترافقكم في هذه المسيرة، أشكركم على إصغائكم وأبارككم ولا تنسوا أن تصلّوا من أجلي!