الأقباط متحدون - المجلس النيابى الراحل .. والإعتذار الإخوانى
أخر تحديث ٠١:٥٠ | الأحد ٢٣ سبتمبر ٢٠١٢ | ١٢ توت ١٧٢٩ ش | العدد ٢٨٩٢ السنة الثامنة
إغلاق تصغير

المجلس النيابى الراحل .. والإعتذار الإخوانى


بقلم: سعيد السني

 دائرة فحص الطعون بالمحكمة الإدارية العليا أصدرت مساء أمس حكماً مهماً  بـ "زوال المصلحة وزوال الطعن" ,  وذلك فى الطعن  المرفوع من المرشحة السابقة ماجدة نبيل فهمى , بشأن إنتخابات مجلس الشعب , وقالت المحكمة فى حيثياتها ل"رفض الطعن" .. أنه قد تبين لها من واقع حكم المحكمة الدستورية العليا في 14 يونيو الماضي , أن مجلس الشعب باطل منذ انتخابه، وأن وجوده قد زال بقوة القانون، دون الحاجة لاتخاذ أي إجراء آخر.

 
هذا الحكم الذى صدر مساء أمس هو بمثابة "رصاصة الرحمة"  للقضاء تماماً على "مجلس الشعب" الميت" أصلاً  "مواتا ًإكلينيكياً" منذ لحظة ميلاده , وبعبارة أخرى , كأنى بالمحكمة وقد قالت فى حكمها  : "إن المجلس النيابى  قد مات و الموتى لايعودون إلى الحياة" , إذ أن هذا المجلس "الراحل", هو أساساً  مولود غير شرعى ولد سفاحاً ,نتيجة علاقة إنتخابية غير مشروعة ,تمت بقانون باطل , أى إستناداً لقانون غير دستورى , تمت صناعتة على عجل إرضاء لجشع جماعة "الإخوان المسلمين" ونهمها لإلتهام أكبر عدد من مقاعد المجلس , إذ أصرت "الجماعة" ومارست  كل الضغوط بأساليبها المقيتة على تعديل قانون الإنتخاب , كى يسمح بمزاحمة الأحزاب على ثلث المقاعد المخصص للمستقلين , وتحت الضغط وافق المجلس العسكرى , الحاكم آنذاك ,وعّدَّلَ القانون تلبية للرغبة الإخوانية الجامحة , مع أن هذا التعديل يخالف الإعلان الدستورى الصادر فى 30 مارس 2011 , و الذى "يمنع" مزاحمة الأحزاب ل"المستقلين" فى ثلث المقاعد , ومن هنا , فإن قانون الإنتخاب "بعد تعديله" إرضاء للجماعة ,صار غير دستورى , وجرت الإنتخابات على أساسه , وبالتالى ولد مجلس الشعب  سفاحاً  موصوماً ب"عدم الدستورية"منذ لحظة ميلاده  , وحين وصل الأمر للمحكمة الدستورية العليا , فإنها حكمت يوم 14 من شهر يونيو الماضى حكمها الشهير ب"عدم دستورية" قانون الإنتخاب , وأن هذا يعنى بالضرورة والتبعية  أن  المجلس كله صار منعدماً , أى أنه قد مات , ولم يعد موجودا على مسرح الحياة السياسية .
 
لم يتَقَبل "الإخوان" حكم  الدستورية العليا , بل راحوا  بكل ما أوتوا من قوة فى يطعنون فى "المحكمة"  ويشوهون صورتها, ناصعة البياض , وهى  التى تضم نخبة من أعظم قضاة مصر , والحائزة على  مكانة رفيعة بين المحاكم الدستورية بالعالم , ومع ذلك , فلم يتورعوا عن "رد" قضاة المحكمة بالكامل ,يوم النطق بالحكم     ( 14يونيو الماضى) , بتقديم طلب "رد"  ل"هيئة المحكمة" بالكامل , فى سابقة لم تحدث من قبل , لمنع المحكمة من الفصل فى الدعوى , و بلغ سعار غِل وحقد "الجماعة" على المحكمة وقضاتها , أن أحد نجومها المحامين , وكان نائباً بالمجلس "الضال", قد تقدم ببلاغ للنائب العام , متهماً  قضاة المحكمة ب"التزوير" فى الحكم الصادر بحل المجلس ( !!!) , مستندا على أوهام بأن المحكمة أرسلت منطوق ونَص الحكم إلى المطبعة الأميرية لنشره بالجريدة الرسمية , قبل أن تنطق به ,أوتُصدره بساعات , وثبت كذبه , وهو يحاكم حالياً  وزميله , أمام الجنايات بتهمة السب والقذف لقضاة محكمتنا العليا , وواصلت "الجماعة"  حملاتها بالفضائيات والصحف على المحكمة وقضاتها , فيما تولت  ميليشاتها الإليكترونية  عمليات التشويه البشعة بمواقع التواصل الإجتماعى على الإنترنت , ضد المحكمة كياناً , وشخوصاً , وقد كان للمستشارة تهانى الجبالى نائب رئيس المحكمة فى شخصها ومكانتها وقيمتها , النصيب الأكبر من سهام الطعن والتشويه , لكنهم لم ولن ينالوا منها , فهى شخصية قوية وسوية و أحسبها بألف رجل , وأقوى من الجماعة وحملاتها ..
 
على أن هذا الحقد  "الإخوانى" على المحكمة الدستورية العليا , سبق وأن عبر عن نفسه فى المجلس المنحل حين حاول تمرير مشروع يضرب دور المحكمة ,وينال منها ويجعلها مجرد هيئة إستشارية للمجلس الراحل غير مأسوف عليه  , إلا  أن "الجماعة" فشلت فى تمريره , نتيجة الرفض الشعبى لهدم المحكمة , لكنها تحاول مرة أخرى ومعها السلفيين , فى الجمعية التأسيسية , بالنص فى الدستور المنتظر على ان تكون المحكمة الدستورية العليا , هى مجرد "دائرة" بمحكمة النقض , وهذا النص من مقترحات المستشار أحمد مكى وزير العدل , الذى يبدو هو الآخر فى حالة ثأر من "الدستورية العليا".
 
وعودة للحكم الصادر أمس من دائرة  فحص الطعون الاولى بالمحكمة  الأدارية .. فقد صدر هذا الحكم برئاسة المستشار مجدى العجاتى نائب رئيس مجلس الدولة , وهو من القضاة  المشهود لهم بلعدل والنزاهة والحيدة  , وسبق له وقت ان كان رئيساً لمحكمة القضاء الإدارى أن أصدر أحكاماً قوية لم تكن على هوى النظام السابق , وقد جاء حكم دائرة "العجاتى" صادما "لجماعة الإخوان المسلمين" , ويقضى على اى امل يراودها فى عودة المجلس الراحل  للحياة , بعد أن أخذتهم نشوة "الأخونة" لمفاصل الدولة ومكوناتها .
 
وأسكرتهم الإنتصارات التى حققوها فى  السيطرة على السلطات, وظلوا طوال الأيام القليلة الماضية يمارسون الإرهاب والتخويف والتمهيد لعودة الإبن الضال المولود سفاحاً , وأعنى مجلسهم النيابى, الذى أنتزعوا الأغلبية فيه مع حلفائهم السلفيين , بكل سبل المراوغة والرشاوى الإنتخابية الدنيئة من سكر وزيت وما شابه , مستغلين الجهل المتفشى والفقر الشائع بين الملايين من الطيبين أبناء هذا الشعب المنكوب بهذه الجماعة التى حسبت أن غزوتها نجحت وأن الفتح الإخوانى لمصر , قد تم وأكتمل لها , وأن شعب مصر , بكل مكوناته قد دان لها وخضع , بعد أن صار تحت الإحتلال الإخوانى , أو أنه أسير لديهم , وأرادوا تطبيق "شريعة الغاب" , وتطويع القضاء .. أضلتهم الآمانى , وأغراهم المنافقين من رجال القضاء السابقين والقانون الذين يحلمون بأن تظلهم الجماعة بظلها .  
 
إن هذه الأحكام القضائية التى أشرنا إليها سواء الصادر فى يونيو الماضى من المحكمة الدستورية العليا , بحل المجلس , أو المحكمة الإدارية العليا مساء أمس ب"زوال وجود المجلس" .. هى أحكام تصدر تحت قاعدة فقهية أصيلة ومتجذرة , وهى :"أن الأحكام القضائية .. كاشفة وليست مُنشئة" , بمعنى أن المحكمة الدستورية لم تقررهى حل المجلس , وإنما كل ما هنالك أنها كشفت عن بطلان قانون الإنتخاب , بما يعنى عدم شرعية وجوده من الأساس , وكذلك حكم  الإدارية العليا , وبحسب تفسير أستعيره من  المستشار محمد حامد الجمل الرئيس الأسبق لمجلس الدولة ,تفسيرا منه للكاشف والمنشئ , بانه عندما يموت شخص , تستخرج له "شهادة وفاة" من السجل المدنى .. وهذا لا يعنى أن السجل المدنى  هو الذى قرر وفاة الشخص, وإنما فقط أعطى شهادة كاشفة عن وفاتة .
 
على  جماعة الإخوان المسلمين أن تعتذر عنرالسباب  وإساءات التى وجهتها  للمحكمة الدستورية العليا ,بسبب حل مجلس الشعب , وعليها أن تتراجع نفسها  عن أساليبها الإنتقامية  لتشويه من لايخضع لطلباتها وإرادتها  , لأنها الآن فى خصومة تتزايد يوما بعد يوم مع الشعب نفسه , ولتنسى  مجلس الشعب الراحل ,وتطوى صفحته ,  وتكف عن محاولات إعادته للحياة لأنه قد مات والموتى لايعودون إلى الحياة .

More Delicious Digg Email This
Facebook Google My Space Twitter
المقال الموضوع يعبر فقط عن رأي صاحبه وليس بالضرورة عن رأي أو اتجاه الموقع