الأحد ٢٣ سبتمبر ٢٠١٢ -
٠٠:
١٢ ص +02:00 EET
بقلم: مينا ملاك عازر
الآن تستطيع قبيلة "السواركة" أن تنام هانئة البال، مرتاحة الضمير، فقد أخذت بحق دمها، وثأرت لكرامتها وشهيدها، قتلت من قتلته، بل قد تكون قتلت الرأس الكبيرة لمدبر قتل شيخ قبيلة "السواركة"، قتلت قائد الجناح العسكري للجهاديين بسيناء، قتلته لتثأر لدم الشيخ "خلف" أحد شيوخها.
ثأرت القبيلة، وتتفاوض الدولة، فقد أرسلت الرئاسة وفدًا ليتفاوض مع الجهاديين، وأوقفوا العملية "نسر2"، فعادوا يهاجمون مديرية أمن شمال سيناء، وفي مرة أخرى، رفعوا علم القاعدة عليها، هيبة القبيلة أصبحت أهم من هيبة الدولة، القبيلة لم تتفاوض، الدولة تفاوضت وأوقفت العملية.
فالرئيس مرسي كان له حق حين حيَّا أهله وعشيرته، فقد نقلنا من عصر الدولة لعصر القبيلة، فكان هذا نجاحًا للقبيلة وفشلًا للدولة، والجيش الذي قُتل جنوده، رضخ لرغبات الرئاسة، وانتظر المفاوضات التي لم تكلل بالنجاح، بينما نجحت القبيلة واستطاعت أن تنام مرفوعة الرأس، فانحنت مصر أمام حسابات متطرفة، وشمخت القبيلة أمام حسابات انتقامية ثأرية. انتقمت القبيلة؛ لأنه لا يوجد منفذون للقانون، فمنفذو القانون أنفسهم يتعرضون للقتل، والدولة تتفاوض مع قاتليهم، القبيلة ليس لديها فكر التفاوض، الدم لا يمحوه إلا الدم.
لم تدَّعِ القبيلة أن للموساد أيادٍ في عملية قتل شيخها، لم تلقِ بالمسُولية والتبعية على أناس آخرين لتبريء أحدًا؛ لأن ليس لديها مصلحة مع أؤلئك. القبيلة تعلم أن دم شيخها لن يبرد إلا بالقصاص، والدولة اعتادت على سفك الدماء، وصار دم رجالها رخيص في عينها، وعين مَن يقتلونهم، صار قتلهم يتم بدم بارد؛ لأن قاتلهم يعرف أنه سيجلس مع الدولة ليتفاوض معها، ولن يحاكم.
هيبة القبيلة أعلى من هيبة الدولة؛ لأن مصر تحكمها جماعة لها حسابات أخرى لا تعرفها القبيلة، القبيلة لم تقتص من الموساد الإسرائيلي، بل قتلت رجلًا قائدًا للجناح العسكري للجهاديين بسيناء.
وهذا يعني أن هناك جهاديين بسيناء، ولهم جناح عسكري "مش الموساد"، الجهاديين قتلوا جنودنا على الحدود مش الموساد، بطلوا تضعوا رءؤسكم في الرمال، كونوا قبيلة ما دمتم لا تستطيعون أن تكونوا دولة. حيا الرئيس أهله وعشيرته وكأننا قبيلة، فلا حصلنا أن نكن دولة، ولا حصلنا أن نكن قبيلة، بل صرنا تحت إمرة جماعة لا تستطع الانقلاب على جناحها العسكري، تتفاوض معه، ولا مانع أن تكون هي من وراء ما جرى بسيناء لتجد سببًا للإطاحة بالمشير، أطاحوا بالمشير وبهيبة الدولة، وبقت هيبة القبيلة.
لا يقبل الرئيس ولا من حوله الإهانة، وهذا حقه لكن يقبلون أن يهان الوطن وتهان كرامته ويسفك دم رجاله على الحدود، ينفون عن الجهاديين تورطهم ويلحقونها بالموساد، وهم لا يعرفون أنه إن كان هذا أو ذاك ففي كلتيهما إهانة لهيبة الدولة، يتفاوضون مع الجهاديين وينسبون للموساد جريمة قتل الجنود ولا يعدون هذا كذبًا على الشعب الذي وثق بهم، يدعون أن تأجيل مباراة السوبر بناءً على طلب الألتراس مساس بهيبة الدولة، في حين أن هيبة الدولة تدوسها أقدام الجهاديين في كل خطوة يمشونها آمنين على أرض الوطن.
واسألوا أحد القادة العسكريين بالحرس الثوري الإيراني الذي أعلن أنهم موجودون بسيناء، وأنهم موجودون بغزة ولبنان، ويقاتلون بجانب سوريا، ولا يهمني لا غزة ولا لبنان ولا سوريا، ففي كل واحدة من هذه دولة مسؤولة عن أرضها، لكن تهمني سيناء التي صارت مرتعًا للجميع، أرضًا لعمليات الكل، جهادي وإيراني، ويعترفون بتصدير ثورتهم وبدء قيامهم بجمهورية إسلامية من أرض سيناء، ولا يخشون من رد فعل الدولة المصرية؛ لأنها تعرف أنها تجلس للتفاوض مع قتلة جنودها، الفرق شاسع بين "حافظت على أولادي يا بدوي"، القول الشهير الذي أطلقه السادات متساءلًا ليطمن على جنود مصر، وتفاوض الرئاسة المصرية اليوم مع قتلة جنود مصر.
المختصر المفيد ولكم في القصاص حياة يا أولي الألباب.