Oliver كتبها
العيون متعلقة بها.جمالها فائق يبهر الأنظار منذ كانت طفلة و هى الآن فتاة في الخامسة عشر من عمرها.فقيرة جميلة ملائكية الملامح.بساطتها تضفى عليها شعاع يجذب القلب لكنها كجوهرة وسط كومة من الأتربة..جذابة هذه الجميلة (جافنى) كما اسماها عمها و هو إسم عبرى يعني كرمتى. جلست و حولها فوضى من مصاصات القصب المتناثرة إذ لا فاكهة مجانية مثل القصب في أسوان. هي ستجمع هذا كله و تلقيه فى غرفة الطيور التي تستند على حائطها.ينقر البط في المُصاصات ثم يرفضها.تمضى جافني إلى السطح ليس هناك ما تفعله تظل تتسامر مع بنات الجيران عند السور الذى لم يكتمل بين بيتها و بين الجيران,تقضى جافني الوقت في أحاديث لا عنوان لها و االبعوض يقرص وجهها فوق السطح حتى يجبرها على النزول حيث أمها نائمة تنتظر زرع الكلى على نفقة الدولة. و كاهن القرية لا زال يعمل على إجراءات قرار علاجها. أبوها يعمل في مقهى و حين يعود متأخراً تكون جافني متكومة في سريرها بجوار أختها . أمهما تفترش الأرض لأنها لا تطيق الحر و صوت المروحة الحديدية فى الغرفة الحجرية كأزيز الطائرة يسلب النوم من عينى جافني.فتستكمل الليل مستيقظة في خيالاتها.
تتكرر الأيام كالأيام.الجديد أن صديقتها (راوية بنت حمدان) أصبحت تكثر الحديث عن أخيها (سهيل) العائد من ليبيا بعد تصفية الشركة التي كان يعمل بها.كانت راوية و بنات الجيران الأخريات يتكلمن بغير ضوابط في كل شيء.كان السور المنهدم مكاناً للقاء بنات الحيران الأكبر من عمرها بسنوات و كانت جافني تسمع كل شيء عن حكايات سوداء تسبق سنها بغير تحفظ.
السور المنهدم بين البيتين كان شاهداً على إختلاط بغير سور. صار سهيل يفتعل أسباباً لكي يصعد السطح و أخته راوية تفتعل أسباباً لكي تتركهما علي السطح وحدهما . تنزل لتتركهما منفردين يتسامران.كانت عيناه تلتهمان جافني قطعة قطعة و كانت راوية تنقل لها عن أخيها أنه يراها جميلة كالملكات.عالم جافني ضيق للغاية يبدأ من غرفة الطيور في الأسفل إلى السور المكسور في الأعلى.أختها كانت تتجهز للرحيل للكنيسة تستعلم من الكاهن عن الجديد في أخبارعلاج أمها.ضاقت جافنى بالقصب فصعدت إلى السطح نادت راوية أن تصعد فصعد سهيل و في يده كيس من الفول السوداني.و ظلا يتسامران و لم تعد جافني تسأل عن راوية .أعطاها سهيل كيس السوداني ببطء مصطنع و تعمد ملامسة يديها بإبتذال.كان سهيل هو الوحيد الذى لمس يد جافني بعاطفة مفتعلة لم تعترض بل صاحت تدعو راوية للصعود معهما فهى مرتبكة لا تعرف ماذا يجب أن تفعل. و لا حتى تعرف الحب.كانت راوية على السلم تترقب مختبئة كأن المؤامرة متفق عليها مع أخيها.صعدت راوية أخذت جافنى في حضنها كأنها أمها و راحت تحدثها عن أمنيتها فى اليوم الذى تعيش فيه معهم في بيت راوية و تتخلص من الهم الذى يظلل أسرتها فما ذنبها أن أمها قعيدة و أبوها منشغل حتى الفجر و أختها ملازمة لأمها و كاهن القرية لم يستطع أن يستصدر قرار زرع الكلية بعد؟بدأت تتحدث معها عن أسرة بديلة ليس فيها مريضة أو منشغل عنها.ليس فيها أخت لا تكلمها.أسرة تأكل فاكهة غير القصب.و تشتري اللحم مرتين كل أسبوع.جافني تحلم بأن تكون ملكة.وعدها سهيل أن تكون ملكة.لم يكن للدين المختلف بينهما مشكلة.لم تفكر جافني في مسيحيتها أصلاً.كان حديثهما عن قصص حب رآها سهيل في ليبيا.كاذب سهيل هذا فقد كان يبيع الأقباط لداعش في ليبيا و لم يكن له في الحب نصيب لكنه يجيد الكلام في الحب و جافنى حالمة.
ذات مساء تجمعت الفتيات كانت الصبية ذات الخمسة عشر عاماً جالسة عند سورها المهدوم كفريسة مستسلمة للذئب.أما بنات الجيرة فكان الإتفاق على إدعاء أن شبكة زينب بنت الحاج عمر ستتم قريبا و زينب حاضرة فماذا يمنع من بعض الرقص و الغناء مع تصوير الإحتفالية بكاميرات المحمول.ما المانع فكل أهل البيت غائبون.ذهبت أم جافني و أختها إلي الكنيسة .ذهب الأب إلي القهوة .ذهبت جافني إلي مصيرها المحتوم . بنات الجيران كاذبات فزينب لن تخطب قريباً لكنه خداع الصبية القاصر بقصة كاذبة.رقصت جافنى بغير خجل.رقصت مع الذئاب.يحاصرن جافني بكاميرات المحمول .دفعاً يدفعونها نحو أركان يملأها القش و روث الأبقار المجفف فوق السطح. التصفيق يعلو و الغناء يصدح كمن يغطى على جريمة.تنسحب الفتيات واحدة فواحدة . يتقدم سهيل الكامن كالذئب عند السلم ينتظر إشارة من أخته.إنسحبت آخر فتاة بإدعاء أن الليل قد قرب و بالفعل ساد ليل من ظلمة لم تأت من فوق بغياب الشمس بل أتت من الخداع من سهيل الذى دفع الساذجة دفعاً ليقهر نفسها على نفسها و راوية واقفة بغير خجل تشجع أخيها علي تحطيم براءة طفلة قاصر و تصور بالموبايل أحط مشاهد الغدر و جافني تترنح كالسكيرة من صدمة في كل أحد من كل شيء.غابت الشمس و أخذت معها براءة الطفولة و إنحدرت بها خلف الأفق البعيد. اللطم لم يكف جافني حتي نزف أنفها الجميل.كانت تريد أن تقتلع عينيها .تضرب السور برأسها.تحرق الجميع.لكن صوت عودة أمها من الكنيسة أجبر سهيل و راوية إلي القفز في سلم بيتهما.و كان آخر ما سمعته جافني .ما تخافيش يا حبيبتي إنتي بقيتي تبعنا.بكره نقعد و أقول لك تعملي إيه معاهم .بقيت جافني ساكنة كالموتى لا تعلم كيف تلملم أشلاءها .لا تقو قدميها الصغيرتان على الحركة .ثقل الجسم و ثقل السمع و ثقلت الهموم و جاء الغد كأنه جاء بعد ألف عام.صعدت جافني إلى السور المنهدم شريدة بغير عقل.كانت راوية و سهيل و البنات الأخريات متجمعات.كل واحدة تهنئها بأن سهيل يحبها و هو شاب أصيل لن يتخل عنها.و بمجرد أن يتزوجا لا يمكن أن ير أحد الفيديو الذى تم تصويره لأن سهيل لن يفضح نفسه فإطمئنت الجاهلة لصوت الجيران الغرباء.كانت تخش التصوير الذى حصل أكثر مما حصل لها هى ذاتها.
صعدت بنات الجيران للسطح يهنئونها بزواجها و هى لا تستوعب شيئاً.تسمع من هذه و هذه أن الإسلام يسمح يعترف بهذا الزواج و يسميه زواج المتعة.سألت جافني بسذاجة هل أصبحت أنا زوجة سهيل؟ أجابت بنات الجيران نعم و من الآن يجب أن تعيشي مع سهيل و سنعمل لك زفة في كل شوارع القرية بعد صلاة الجمعة القادم.فقط إذهبي للكنيسة و تناولي في الصباح حتى لا يشك أحد في هروبك.إستعدى لزفافك بعد الظهر من الجامع و شيخ القرية متكفل بالشربات.إنساقت جافنى بلا عقل.ذهبت و تناولت في الكنيسة منذ شهور لم تدخل الكنيسة فكانت مصدر سعادة للكاهن أن رآها تتقدم للقدسات. أخذت اللقمة وخرجت مسرعة قبل أن ينصرف الجميع.كان توك توك ينتظرها عند الزاوية.كان سهيل و بعض الملثمين فيه.أخذوا جافني ليزفونها.في المسجد كان الشيخ يحتجز المصلين بعد الصلاة لمفاجأة سارة.لقد إهتدت أختنا جافنى بنت سلامة القهوجى و ستتزوج سهيل بن حمدان و من يريد المساهمة في تكاليف زواجها فليقدم التبرعات.و إنهالت التهاني مع التبرعات لأجل زواج القاصر.وقف التوك توك قدام المسجد.بنات القرية يتدافعن و يلبسون جافني نقاب أسود فلا تبدو حتي عيناها.هلل المصلون الله أكبر و لله الحمد.طافت الزفة شوارع القرية و وقفت قدام بيت سلامة .خرجت أخت جافني و لطمت و كذلك أمها.لم يكن سلامة بالمنزل.تلقت الأم ضربات و تلقت أخت جافني تهديدات ووصلت الزفة قدام الكنيسة فإشتعل الهتاف بحرق الصليب.خرج الكاهن يتفاهم مع شيخ الجامع الذى يقود الزفة.نظر الكاهن إلى جافنى التي تناولت منذ قليل حتي لا يشك أحد في نواياها.إتفق الشيخان على تجنيب الكنيسة المشاكل بعد أن قال الكاهن خذوها ما ذنب الكنيسة حتي تتلفوها.و هكذا أنقذ الكاهن الجدران و ضاعت جافنى.
عاد سلامة يلطم الخدود.ذهب إلى الكاهن فنصحة بالذهاب إلى الشرطة.ذهب سلامة إلى الشرطة لم يكتبوا مخضرا بل جعلوه يوقع إقراراً بعدم التعرض لجافني زوجة سهيل و كتبوا إسمها هكذا (جافني سيد العرب الأحمدي) نسبوها لإسم شيخ الجامع.و قدموا لسلامة شهادة ميلاد بالإسم الجديد فهي لم تعد إبنته؟ متى أعدوا شهادة الميلاد هذه ؟ المصائب تتوالى و الكاهن لم يستخرج قرار العلاج لأم جافنى على نفقة الدولة.خرج سلامة كالمقتول من القسم.لطموه على كل ما له على الوجه و النفس و العقل.عاد للكنيسة فكان هناك بعض من الشباب الثائر.كان الكاهن يهدأهم و يعدهم أن سيدنا إتصل بالمحافظ الذى وعد بعودة القاصر.
بعد ساعات جاء ضابط النقطة و معه شرطيان.جلس في غرفة مغلقة مع الكاهن و سلامة.الشباب في الخارج يلعنون شيخ القرية و سهيل و بعض أسماء أخري لا نعرفها.أخرج الضابط موبايله لم يتحدث .أدار التصوير الذى تم لجافني فوق السطح.سأل سلامة هل تريد أن ننشر الفيديو أم تسكت و تبارك لإبنتك زواجها لسهيل.لطم سلامة و صمت الكاهن و خرج الضابط و سكت الشباب و إختفت جافنى.بعد شهورإنتشرت الأخبار أن سهيل عاد إلى ليبيا و أن جافني تزوجت رجلا آخر.ثم جاءت الأخبار أن جافني فى المستشفى لأنها حاولت الإنتحار لما أخذوا طفلها و أنها بهذا ستموت كافرة و العياذ بالله.بعد سنتين تلقي سلامة إتصالا تليفونيا من جافني تسأله أن يسامحها و ترجو مساعدته لتهرب من الجحيم الذى تعيشه من رجل إلى رجل إلى رجل و هى لم تعد تعرف زوجة من هى.
عاد سلامة للمنزل الحزين.لم يكن سوي إبنته بعد وفاة زوجته التي لم تعالج على نفقة الدولة.قال لإبنته المتشحة بالسواد جافنى إتصلت؟ بكت أختها و بكي سلامة و كلاهما لا يدر ماذا يفعل.قرع الباب سيدة تقية من عجائز الكنيسة.جائت لتعزى سلامة.وجدت البكاء يسود.قال سلامة جافني تسأل هل تعود.ماذا أفعل في فضائحها؟ماذا أفعل في الفيديو؟أختها صارت منبوذة من الجميع.حتى الكاهن لم يعد يدخل بيتنا؟ ماذا أفعل يا أم مينا؟أخرجت أم مينا كتابها المقدس و فتحته و قرأت بصوت مرتفع لأن سلامة و أبنته لا يقرآن. و قرأت له من سفر حزقيال 16 (فمررت بك ورايتك واذ زمنك زمن الحب.فبسطت ذيلي عليك وسترت عورتك وحلفت لك ودخلت معك في عهد يقول السيد الرب فصرت لي. 9 فحممتك بالماء وغسلت عنك دماءك ومسحتك بالزيت. 10 والبستك مطرزة ونعلتك بالتخس وازرتك بالكتان وكسوتك بزا. 11 وحليتك بالحلي فوضعت اسورة في يديك وطوقا في عنقك. 12 ووضعت خزامة في انفك واقراطا في اذنيك وتاج جمال على راسك. 13 فتحليت بالذهب والفضة ولباسك الكتان والبز والمطرز.واكلت السميذ والعسل والزيت وجملت جدا جدا فصلحت لمملكة. 14 وخرج لك اسم في الامم لجمالك لانه كان كاملا ببهائي الذي جعلته عليك يقول السيد الرب) صلت السيدة الوقورة و صلى سلامة كما لم يصل منذ زمن طويل.خرجت السيدة و خرج معها سلامة و إبنته.بعد سنتين نشرت مجلة الكرازة خبر رسامة مكرساتمع صورة لهن.كانت جافني واحدة منهن ترتدي زي المكرسات و نعمة الله تشع في وجهها.