Oliver كتبها
رواية واحد من حراس القبر
جلس الحراس يلعنون اليوم الذي أجبروهم فيه أن يحرسوا إنسان ميت؟ ما هذا الهراء الذي يفعله اليهود.يقتلون ملكهم حياً و يحرسونه ميتاً؟
القبر مختوم بخاتم هيرودس و الحجر عظيم أمام مدخل القبر وستة عشر من الحراس يتناوبون حراسته .يبدو أن داخل هذا القبر كنزاً نجهله.
قال أحد الحراس في نفسه هذا مشهد مكرر سمعت عنه من أبناء اليهودية .كان وقت ميلاد المسيح رعاة ساهرون في حراسات الليل .كان هيرودس الأب مهموم بالمولود حين قالوا عنه ملك اليهود.
في مولده كان الرعاة يحرسون الرعية و في موته كان الحراس يحرسون الراعي.
لماذا أحرس رجلاً مات منذ يومين؟ بعد الغد سيتحلل .هل نبقي هنا لنحرس رماده و عظامه؟ ما هذا الغباء؟ إلي متي سنظل نحن الرومان نسترضي أولئك الكهنة الأشقياء.
مَن هذا الميت الذي في مولده و في موته يحرسون له .لم نسمع عن مملكة تخشي ملكاً ميتاً .
لا لا ...يستدرك الحارس.لقد سمعت أن هيرودس يظن أن يوحنا قام من بين الأموات و هو يخشي ذلك جداً... ما بال هؤلاء الحمقي.يخشون الموتي.لكن آه.... لقد رأيت بالأمس أشباحاً قرب القبر.يقولون أنها أرواح أناس قاموا حين مات الرجل المسجي بالداخل .يتداول اليهود خرافاتهم عنهم.يقولون أنهم يبشرون بقيامة هذا الرجل القابع خلف هذا الجدار.يا له من هذيان؟
نعم أنا رأيت أشباحاً لكننا نحن الرومان نؤمن بالأشباح و لا نؤمن بالأرواح.نحن نؤمن بأورانوس إله السماء و أبناءه الإثني عشر.ستة منهم اسمهم التيتان و هؤلاء طيبون و أورانوس و نحن نحبهم و ستة آخرين هم الوحوش الستة الكلوكلوبيس المفزعين.نؤمن أن أورانوس كره أولاده المفزعين و حبسهم في تارتاروس موضع الظلمة.عندنا نحن الرومان اساطير كثيرة لكننا لم نسمع عن إله بذل إبنه المحبوب للموت كما سمعت من بعض الناس.
اليهود يقولون أن الميت الذي أنا أحرسه إبن إله و ليس وحشاً و لا مفزعاً فلماذا إذن يكرهونه و يصلبونه؟إنهم يحكون عن هذا الرجل كإله.أو نبي.أو دجال.لكنهم لا ينكرون أعمالاً خارقة صنعها.كيف مات صاحب هذه الأعمال العجيبة؟لماذا لم ينقذ نفسه.
كان الحارس يتداول الأفكار لعل نوبة حراسته تنقضي بسرعة.فهو لم ينم من الأمس.يريد أن يشقشق النهار حتي يستريح.
ماذا لو الرجل النائم بداخل القبر إبن إله؟ فكر الحارس في نفسه... ماذا سأطلب منه لو ظهر لي فجأة؟ ماذا أتمني لنفسي كي يحققه لي؟ هل أطلب منه أن ينقلني لأعيش مع أورانوس إله السماء؟
هل أطلب منه أن أصير ملكاً ؟ أو أصير له عبداً؟ أن أستعبد نفسي لإبن إله خير لي من وقفتي هنا في برد الشتاء لحراسة رجل ميت؟ ماذا لو طلبت منه أن لا أموت.أو إن مت أقوم أنا أيضاً كأبناء الآلهة. .هل يمكن أن أصير أنا أيضاً إبن إله؟؟؟؟ لكنني لا أريد أن أكون مفزعاً مثل الكلوكلوبيس الستة .رأس الرجل تصدعت.ما شأني أنا و الآلهة.أنا أريد أن أنام ...
أشعر بتعب في قدمي .ليس من طول الوقوف لأنني معتاد علي هذا.لكنني أشعر بإضطراب.ألمح اشباه خيالات.أنا لا أريد أن أتعامل مع الأشباح.اللعنات تلاحقهم.يكفيني اللعنة التي أنا فيها الآن و أنا أحرس عظام رجل ميت.كانت أصوات الحراس الثلاثة الآخرين تقطع صمت هذا الحارس و تشتت أفكاره.بينما كان هناك إثني عشر حارساً نائمون بالمقابل حتي تحين نوبتهم.
إثني عشر نائمون هنا و إثني عشر نائمون هناك.
الزلزلة
تموجات غريبة و اصوات هدير تصعد من الأرض.تتساقط بعض الأحجار من قمة جبل الجلجثة القريب من المكان.يصرخ الحارس من الرعب.ها نحن نموت.يبدو أن لعنة أورانوس علي الكلوكلوبيس تحل علينا.الأربعة حراس من كافة جوانب المكان كانوا متيقظين.مالت الأرض و إعتدلت.صرخ الجميع.
صوت إرتطام عظيم سمعته من ناحية الهيكل.و تدافع زوار أورشليم الذين جاءوا للإحتفال بعيد الفطير ملأ الأركان كلها بالفوضي.الكل يجري بلا هدف.بلا إدراك , ما من مقصد يقصدونه.الهلع إنتابنا و إنتاب الجميع.ضوء من خلف جدار القبر بزغ و كأن النهار بدأ شروقه الجديد من هنا.
صمتت الزلزلة.و بقي الضوء المبهر.أنا إرتميت و أخفيت رأسي مع أنني شغوف برؤية أورانوس.لكن أورانوس إله السماء ما الذي أتي به إلي الأرض.ربما ليس هو أورانوس.إذن من صاحب هذه الشمس الساطعة من جدار هذا القبر.لقد بدأت أشك أن ما يقوله البعض صحيح و أن هذا المدفون رجل أقوي من الموت و من جدار القبر.
كنت أخفي رأسي بين يداي و أنا ساقط كالحجر بجوار الحائط.كان وجهي تجاه الحائط .لا بل كان تجاه الحجر ... لا لا ...لست متأكداً من شيء .أنا فقط متأكد من أمر واحد.أنني كنت هنا و رأيت الزلزلة.كما رأيت الضوء المبهر يخترق جدار القبر.و رأيت كأن هذا الرجل في كل مكان.أو في كل المكان...كأنما ملأ الدنيا.هل تفهمني؟
ثم يا للعجب .رأيت جسماً منيراً يشبه الناس خارجاً من الجدار.لم يخرج من مكان الحجر.لقد ظل الحجر مكانه رغم الزلزلة لأننا إخترنا أثقل الأحجار ليسد باب القبر.جسمه منير. ليس فارع الطول و لا شديد الِقصر.شعره يلمع كالذهب.نار تخرج من عينيه.كله مشع كاللهيب.لمحته كما كنا نلمح البرق.لكن هذه اللمحة إنطبعت في عقلي لم تغادره.هذا الرجل إله.أنا أجزم لكم أنه إله.ربما ليس هو أورانوس.ربما أنا لا أعرف أسماء آلهة العبرانيين.لكن كل ما فيه يقول أنه إله.مشي هذا الإله خطوات قليلة .كانت الأرض تذوب تحته كأن صهير بركان يسير فوقها.مشي و أعطانا ظهره.بل وجهه.بل ظهره.. أعتذر لكم .فأنا كنت أري وجهه و ظهره كأنه في كل إتجاه.............و إختفي الرجل المنير.
مع أنني متيقن أني رأيته.لكنني ما تجاسرت و سألت زملائي الحراس هل رأوا هذا الإله مثلي. خفت أن يظنوا أن الزلزلة ذهبت بعقلي.وقفنا ننظر لبعضنا البعض.نظرنا إلي الحجر في ذات اللحظة جميعنا.حتي الذين كانوا نائمون منا..لا زال مكانه لم يبرح.نحن محظوظون ببقاء القبر بأختامه.
الكلمة علي طرف لسان كل واحد منا.نطقنا نحن الأربعة في وقت واحد كأننا نقرأ كلاماً نحفظه من قبل.
أرأيت؟ إنه إله؟ نحن كنا نحرس إله.لقد خرج مشعاً من جدار القبر.أنه لم يعد بالداخل.هذا القبر المختوم قبراً فارغاً.قلنا هذا و صمتنا لدقائق.
ثم عقد الخرس ألسنتنا حين شاهدنا مخلوقاً سمائياً.لا تسألني ما معني مخلوقاً سمائياً فأنا رجل روماني لا أفهم في هذه المخلوقات.أنا أردت فقط أن أقول أنه ليس مثلنا.ربما هو ايضاً إبن أحد آلهة اليهود.ما هذا اليوم...كله غرائب و ألغاز.
نزل هذا الكائن.كانت له أجنحة من نور.إتجه مباشرة نحو حجر القبر.أزاحه بأحد أجنحته تدحرج الحجر مثل كرة صغيرة في يد طفل.يا لسوء حظنا.فأبناء الآلهة ورطوننا في فك أختام هيرودس .كان لسان حال كل واحد فينا و هو يري هذا الكائن يدحرج الحجر عن باب القبر يريد أن يقول لهذاالكائن .كُف يا هذا...لكنه مخيف .لم نر هذه الكائنات.أنا اليوم أؤمن بكل شيء. و بأي شيء.
كما ظهر فجأة إختفي فجأة .ذابت قلوبنا من الرعب.أنا أريد أن أموت.كفي ما رايت.علي أية حال هم سيقتلوننا.لن يصدق أحد أن كائناً عجيبا يطير بأجنحة من نور أزاح الحجر عن باب القبر.سيظنون فينا أننا ندعي الجنون.أو أننا جُننا فعلاً.
نظرت في القبر.لم يكن هناك أحد بالداخل.يبدو أننا كنا نحرس الهواء أو الفراغ؟ هل كان هناك ميت بالداخل؟ هل هو الرجل المنير الذي أضاء جدار القبر هو الذي كان مدفوناً ههنا؟
الورطة صارت ورطتان الآن.الرجل المدفون قام.و أختام القبر تفككت و الحجر تدحرج.سيسألوننا و ليس عندنا إجابات.هل نقول لهم الميت قام من الأموات؟ هل نقول لهم أن كائناً سمائياً أزاح الحجر؟ الرومان لا يجيبون هكذا.....و من يصدقنا إن قلناه؟؟؟نحن لا محالة هالكون....هل قيامة أبناء الآلهة تورط البسطاء من البشر هكذا؟؟؟؟
سمعنا بعدها وقع أقدام و صوت أنفاس لاهثة.كانت هناك إثنتان متجهتان نحو القبر....لكن لم يعد هناك ما نحرسه فالقبر فارغ و الحجر تدحرج...تركنا المكان مسرعين ..مشينا ستة عشر جندياً كأن علي رؤوسنا الطير.إتجهنا لرؤساء الكهنة الذين سلموننا القبر مختوماً...دخلنا المدينة .كل شيء مضطرباً فيها.صراخ و فوضي. منظرنا جعل البعض يسألنا و يستوقفنا ماذا حدث هناك؟ المسيح هل هو قام؟هل حقاً قام؟ كنا نومأ رؤوسنا بنعم.ما كانوا يستفسرون كيف ؟؟؟ ما كنا نجيبهم .كنا نسير كفرقة متجهة إلي الموت قاصدين رؤساء الكهنة.
ما هؤلاء الكهنة واقفون قرب باب الهيكل و علي رؤوسهم وشاح أسود؟رؤساء الكهنة واقفون أيضاً و أناس حولهم يتحادثون.
ما أن رأوننا رؤساء الكهنة إلا و أمروا الناس بالإبتعاد و أخذوننا إلي داخل أحد قاعات المجمع.كنا نتوقع أن يوقعوا بنا.و كنا مستعدون لقتلهم إذا لزم الأمر... لكنهم لاطفوننا و طلبوا أن نهدأ أولاً و نستريح.ثم فتحوا خزائنهم و ملأوا أياديهم بالفضة و قالوا لنا.أنظروا...نحن و أنتم في ورطة... عليكم أن تنكروا أنه قام.قولوا أن تلاميذه أتوا ليلاً و سرقوه و نحن نيام...لا تخشوا الوالي نحن نستعطفه و أنتم تأخذون الفضة و تستريحون؟؟؟؟ ما هؤلاء الرؤساء الأغبياء؟؟؟
يدفعون ثلاثون من الفضة لموته و الآن يدفعون كل الفضة لإخفاء قيامته؟؟؟؟ هل موته هو الأهم عندهم أم إخفاء قيامته؟؟؟؟ نحن لا نفهم هذه الأمة الغبية.....خرج الجنود ناقمون علي الكهنة و رؤساءهم...
بعد خمسون يوماً من قيامة الرجل اللابس النور رأي البعض هؤلاء الستة عشر جندياً رومانياً مع الذين كانوا يسمعون عظة القديس بطرس بعد حلول الروح القدس علي التلاميذ.
هذا هو اليوم الذي صنعه الرب
ربي يسوع المسيح أسبحك أشكرك أيها الغالب الأعظم.الذي قام من الظلم و الضعف و الألم و الموت.إسترد نفسه بنفسه.كما وضعها أخذها.يا من كسر المتاريس النحاس و إخترق جدران القبر و العلية.أيها النور اللابس النور.
يا أبي الحنون أنت تعرفني.قلبي أحياناً يصبح كالقبر.أختامه لا سلطان عليها غيرك.و حجارته كثيرة جاثمة علي صدري.اليوم يوم حرية.هذا هو اليوم الذي صنعته لتنادي للماسورين بالعتق.إدعني بإسمي و أخرجني من أسري.
تكفيني قوة قيامتك لأنجذب إليك في كل فكر و فعل و قول.إسمح لي أن اسير في موكب الذين إنبهروا بك إلي الأبد.عقلي ذهب بعيداً وراء عظمة قيامتك و لم يعد بعد.أنت إستغرقته كله.
بعظمة خلاصك لم تعد في نفسي حاجة لشيء سوي أن أكون حيث تكون أنت.صوتك لا يفارقني النهار و الليل .و حديثك يدور في اذني كل الوقت.أنا مشغول بك جداً و قد أحببت ذلك و أشكرك عليه.لم تعد لي رغبة بعد إلا أن أنطلق.أنت محفور في تصوراتي.أراك في كل شيء.في كل أحد.لذلك أريدك أنت لا سواك.أفرغني من معرفة الناس حتي يجد قلبي متسعاً حقيقياً لك.في يوم الحرية هذا فك كل قيود الجسد لكي أنقاد بروحك القدوس.
متي تصبح قيامتي و قيامتك امراً واحداً.و صعودك و صعودي عملاً واحداً.و جلوسك عن يمين الآب و جلوسي معك حدثاً واحداً.نعم إن قلت أنت خير لي أن أنطلق حتي أرسل لكم المعزي فأقول مثلك خير لي أنا أيضاً أن أنطلق.أنطلق معك.
عشت معك الزمن الأول و أرجو أن أعيش معك الزمن الأخير.فقيامتك المقدسة جعلت لي كل شيء ممكناً.نعم أحتاج غفران خطاياي .نعم أحتاج تجديد روحك فيَ نعم أحتاج ثمار روحك ليستكمل نقائصي لكنني أحتاج شيئاً أكثر من هذا كله...أحتاج أن أعيش معك .معك أنت إلي الأبد... أنا مهزوم من محبتك لذلك أناديك أنت الغالب.و أفرح إذ غلبتني.
أوصافنا لا تتعدي شمساً أو قمراً أو نوراً لكنك أكثر بهاءاً من كل الأوصاف لهذا تشتاق نفسي لأن تعاينك في أرض الأحياء.فيا من لم تبخل علي َ بدمك و حياتك أؤمن أنك لن تقصر في تحقيق شهوتي في الحياة معك.صدقني يا إلهي أنا لست منشغلاً بالملائكة و لا بالبحر الزجاجي و لا بالمجامر العلوية و لا برؤية الأرواح .أنا مشتاق إليك أنت.أريدك أنت وحدك.حقق طلبتي في اليوم الذي صنعته لنفرح و نبتهج فيه.