القس رفعت فكري سعيد
refaatfikry@gmail.com

في واقعة مؤسفة شهدتها محافظة الإسكندرية الأسبوع الماضي، قُتل كاهن كنيسة السيدة العذراء وماربولس، القمص أرسانيوس وديد، بيد رجل مسن بعد تعرضه على نحو مفاجئ للطعن بسلاح أبيض، حتى لفظ أنفاسه الأخيرة فور وصوله إلى المستشفى.

وكان الكاهن  في رحلة ترفيهية بشاطئ أبوهيف، وفور خروجه من بوابته تعرض للاعتداء قبل صعوده إلى أتوبيس سياحي.
وررد البعض على صفحات التواصل الاجتماعي أن القاتل مختل عقليا

ولكن  معظم الناس مسلمين ومسيحيين لم تعد تنطل عليهم قصة ان من يقتلون المسيحيين أو يعتدون على كنائسهم مختلين فرفضوها بل واعتبروا أنفسهم هم المختلون عقليا أن صدقوا هذا الهراء !!  وفي حقيقة الأمر نكون نحن مختلون عقليا إذا قبلنا قصة المرض النفسي للمتهم دون أن نسأل عدة أسئلة منطقية مثل : إذا كان بالفعل القاتل مصابا بمرض نفسي فلماذا لم يوجه عدوانه إلا إلى كاهن مرتديا زيه الكهنوتي ؟ ثم كيف تمكن من أصدروا حكمهم على المتهم دون فحص وشخصوا حالته وقالوا إنه مختل عقليا بهذه السرعة ؟!! وهل من حق أي أحد بهذه البساطة أن يلصق المرض النفسي بأي شخص دون فحص أو تدخل من المتخصصين في الطب النفسي ؟!! أم أن الشهادة الطبية التي تثبت أن المتهم يعاني من خلل نفسي  كانت جاهزة في جيبه ؟!! على أية حال لا يهمني كثيرا أن يكون المتهم مختلا عقليا أم لا ولا سيما وأن هذه الأحداث ليست هي الأولى من نوعها وغالبا لن تكون الأخيرة ولكن بنظرة موضوعية وأمينة لما يحدث في مصرنا الحبيبة سنكتشف أن المسلسل القميء للاعتداء على المسيحيين وعلى بعض القسوس في الشارع وعلى الكنائس هو مسلسل كثيرا ما يتكرر فالتاريخ خير شاهد على الاعتداء على كنيسة الخانكة وأبو قرقاص والكشح وبني ولمس والعديسات والعياط ومحرم بك والبطرسية والاسكندرية وطنطا وغيرها وغيرها الكثير فهل كان المعتدون وهم بالمئات مختلون عقليا؟!! بالطبع لا ولكن من المؤكد أنهم كانوا مختلين فكريا يظنون أنهم بمفردهم في هذا العالم الذين يملكون الحقيقة المطلقة ومن ثم ملأ التعصب الأعمى قلوبهم وعقولهم فرفضوا كل من كان على غير شاكلتهم ومعتقداتهم وكفروا كل من خالفهم الرأي والفكر واعتبروه كافرا زنديقا . فالمختلون فكريا يظنون أن المسيحي مشرك بالله ويؤمن بثلاثة آلهة ومن ثم يجب قتله وإراقة دمه بينما لو قرأ هؤلاء المختلون التوراة والإنجيل والقرآن قراءة متأنية لعرفوا أن المسيحيين لا يؤمنون إلا بإله واحد ولا يشركون به أحدا, ومن المؤسف أيضا أن المختلين يعتبرون أن الكنائس ديار كفر وفسق ومن ثم يتحتم الاعتداء عليها بل وملاشاتها من الوجود ولعل الرسالة التي نشرها الكاتب الكبير المستنير الأستاذ أحمد عبد المعطي حجازي في مقاله ( مأساة لا تخلو من مشاهد هزلية ) بجريدة الأهرام يوم الأربعاء ١٤ يوليو ١٩٩٩ تؤكد هذا فقد ذكر سيادته ما نصه ( أن من الكتب المقررة في كلية الحقوق بجامعة القاهرة كتابا كان يدرس للدكتور أحمد طه عطية أبو الحاج عنوانه الائتناس في علم الميراث وقد جاء في هذا الكتاب في الفصل الثاني من المبحث الثالث في تنفيذ الوصايا ما نصه يحرم علي الشخص أن يوصي بما يفضي إلى معصية وذلك كوصيته ببناء كنيسة أو ملهي أو ناد للقمار أو لترويج صناعة الخمر وتربية الخنازير أو القطط والكلاب أليس هذا تخريبا ؟ )

هذا ما يتعلمه الطالب داخل أسوار أعرق جامعاتنا المصرية بناء الكنيسة يفضي إلى معصية والكنيسة تتساوى مع الملاهي ونوادي القمار!! وهكذا كل عام تخرج لنا جامعاتنا العريقة طلبة متعصبون ورافضون للآخر الديني المغاير ومختلون فكريا !!
أما حان الوقت لمعاقبة ليس فقط المعتدين والمجرمين ولكن المحرضين أيضا؟!
نقلا عن الدستور