الأب اثناسيوس حنين -اليونان
شكل لى الشهر الكريم ’ وللكثير ين من أبنا جيلى من ذوى القرنين ’ ظاهرة ثقافية ومظاهرة اجتماعية ودفء عاطفى وأمان نفسى وتسليات بريئة حسب الطاقة .كما شكل للبعض منا مجال جدل دينى يرقى الى اللاهوتى ولكن بخجل وعشم وورع .
وبالرغم من أن هذه الأجواء الدافئة كانت تسود البلاد كافة ’الا أن رمضان'> شهر رمضان شكل في مدينتي ومحجتى مدينة سمالوط’ نكهة خاصة ’ اذ رأس مجلس مدينتها السيد مصطفى عامر الأخ الشقيق للمشير عبد الحكيم عامر . ومأ ادراك والمشير عامر ومقامه وحظوة عائلته في اسطال والتي شاركت أو كادت أن تضع بصماتها على تاريخ مصر الحديث.. صارت قرية اسطال هي كعبة رجال الفن والأدباء والفنانيين ولاعبى الكرة النجوم وقبلة المقرئيين من كبار شيوخ مصر .كان ذلك في السبعينات من القرن الماضى. أذكر منهم الكابتن حمادة أمام نجم الزمالك والذى جاء الى مدينتنا ومعه شنطة كبيرة مليئة بالكور الملونة والتلفزيونية (كنا نسميها الكورة الكفر ) ’ ويقوم بإقامة فيستيفال تدريبى كروى كبير ’ في حوش مدرسة سمالوط الثانوية (بعد ذلك قام السيد عامر بانشاء استاد كبير في سمالوط)’ يحضره الهاوى الفقير قبل المحترف الغنى .كنا في حالة انبهار برؤية الكابتن حمادة امام (ثعلب الكورة المصرية)’
ويزداد انبهارنا حينما يقوم بتدريبنا ويتصنع الهزيمة حتى يدخل البهجة الى قلوبنا .ثم نأتى الى الفن والفنانيين ’ فقد قام السيد مصطفى عامر بدعوة السيدة تحية كاريوكا والفنان عبد الغنى قمر وفرقتهم لاقامة حفل مسرحى على مسرح نفس المدرسة .وقتها لم يتاح لنا الدخول فقمنا بالقفز من على سور المدرسة والتلصص على المسرح من الخلف .أما عن الجو الدينى المصرى الأصيل ’ فحدث ولا حرج ’ اذا كان رئيس مدينة سمالوط عامر يقوم كل عام بدعوة كروان مصر والذى يجود القرأن بدموعه وشجونه وونطقه اللغه العربية الرشيقة ’ الشيخ عبد الباسط عبد الصمد. فيصول ويجول بين الأيات البينات ويهز القلوب وينشط الأفئدة ويحفز طاقات الابداع الدينى والروحى في المحروسة ويدعو الناس الى الرضا وعدم التذمر ويطمئنهم بأنه (ولسوف يعطيك ربك فترضى).ومن هنا يسود الرضا عند المصريين لانهم يثقون في عطايا الله .كان يسود البلاد والعباد حالة من الرضا والأمان والسلام والشبع بالرغم من الكثيرين منا سار سنينا طويلة في طفولته (حافى القدمين) وقتها كانت الحكومة قد افتتحت فروعا لمحلات باتا في أرجاء القطر وهنا ظهرت مواهب المصريين وروح الفكاهة وخرجت نكتة وأنتشرت (ما دريتوش!!! أيه فى أيه ؟ ظبطوا باتا نفسه ماشى حافى !!!).
السبب التاريخى وراء ذلك أنه كان معظمنا يلبس الجلابية ويمشى حافى ويشيل الجزمة للمدرسة وهنا قرر الرئيس جمال ’ ولكى يخلص الغالبية من الشعب من هذه الظاهرة الغير الحضارية ’ أن يستورد بدل شعبية وجزم باتا ’ رخيصة وبنت حلال . وخرجت حملة دعائية كبيرة تنادى بأن (البدلة الشعبية أحسن من الجلابية ).ختاما نقول بأنه قد وصل حب والدى للشيخ عبد الباسط ’ وصل الأمر ’ نقول ’ بوالدى ومن شدة الاعجاب بالشيخ أن قام بشراء راديو ترانزستور صيني لسة نازل مصر ولونه احمر جميل لنستمع جميعا كل يوم سبت الى الشيخ عبد الباسط.أختم هذه التروايح متذكرا المائدة الرمضانية الشهية التي كان يقيمها الحاج عثمان في داره شرق الترعة وبجوار الجامع . كان يقوم بنفسه بتوزيع الفتة واللحمة والخبز ’الأهم أنه بمجرد أن يرانى وسط الزحام وظيطة العيال وصراخ الكبار يصرخ بصوت مدوى (تعال يا ابن المقدس خد) وكان يعطينى ما يكفى لأسرة كاملة .تحياتى لذوى القرنين وأصحاب القرن الواحد داعيا للجميع بالبركة والصحة . ولعل تراويحى تفتح الشهية على تراويح أخرى من الزمان الجميل والمبارك والطيب . ورمضان كريم على كل أهل المحروسة من الله.