سحر الجعارة
آن الأوان أن نضع خطاً فاصلاً بين فوضى الفتاوى وغوغائية الكهنة من جهة، وبين «السلطة» من جهة أخرى والمنوط بها تحقيق الأمن الاجتماعى.. ويجب أن نوجه السؤال للمتخصّص، لتأتى الإجابة الصحيحة، بعد أن ثبت على مر الزمان أن توجيه السؤال للشخص الخطأ سجن البشرية فى «جاهلية مبتكرة».. ويجب ألا تخدعنا الألقاب: طبيب أو عالم أزهرى.. أو عالم Freelanser.. أو يوتيوبر يحقق الملايين من فتاواه الشاذة على السوشيال ميديا.

قولاً واحداً: الدولة هى السلطة التى تحكم بالدستور والقانون، ولديها مرجعية دينية تتمثل فى (الأزهر ودار الإفتاء).. وليست بحاجة إلى مرتزقة الأديان ليفرضوا رأيهم على المجتمع، أو يحدّدوا مسار «السلطة التشريعية».

فماذا يقول فضيلة مفتى الديار المصرية، الدكتور «شوقى علام»، عن فريضة الصيام ورخصة الإفطار يقول: (إن المكلف إذا كان يعمل عملاً شاقاً لا يستطيع التخلى عنه فى نهار رمضان؛ ولا يتسنَّى له تأجيل عمله الشاق لما بعد رمضان، أو جعله فى لياليه، فإن الصيام لا يجب عليه).

ويوضح فضيلة المفتى أصحاب الأعمال الشاقة: (هذه الأعمال تضمّنت البنّائين والحمَّالين وأمثالهم، ومَن يعملون فى الحرِّ الشديد، أو لساعات طويلة، أو أمام الأفران أو السائقين لمسافات طويلة ومرهقة، وكبار السّن أو أصحاب الأمراض المزمنة الذين يتضرّرون من الصوم).. هل تتخيل أن فتوى مفتى الديار المصرية سوف تطبّق «فى الخفاء»، خوفاً من لعنة «عبدالله رشدى» الملقب بـ«مجانص»؟؟.. وأن «يوتيوبر العك الدينى» سوف يفرض إرادته على سلطات الدولة، لتتفرّغ مثلاً أجهزة الأمن لملاحقة حمال أو سائق أو بنّاء بتهمة المجاهرة بالإفطار؟.. أو تطالب امرأة بإثبات أن لديها عذراً شرعياً للإفطار.. أو يحرم مريض السكر أو السرطان من الارتواء فى نهار رمضان، خشية الجلد أو الرجم من مهاويس مجانص!!

يقول «رشدى»: (المجاهرةُ بالفطرِ فى نهار رمضان -وكذا المجاهرةُ بكلِّ المحرَّماتِ- دون مُسوِّغٍ يقبلُه الشرعُ جريمةٌ تستوجب العقوبة بيد القانون.. وتحديد قانون بالمُسوِّغاتِ المقبولةِ والعقوبةِ يعودان للمُشَرِّعِ وفق قواعدِ الشرعِ الشريف، وذلك صيانةً للمجتمع وحفظاً له بعيداً عن فكرة شيوع الفواحش فيه).. وفى كل كلمة قالها افتئات على السلطة وتهديد للسلم الاجتماعى، (لأن مصر فيها تعدّدية دينية)، وتكدير السلم العام، وبلبلة الرأى العام بنشر أخبار مغرضة «فتاوى عدائية».. كلماته أيضاً تحض على كراهية الآخر والتنمر بالمرضى والمسنين.

هذا «المجانص» يخرج عن النص دائماً بحثاً عن الإثارة وعن «زعامة وهمية» بافتعال المعارك على مواقع التواصل الاجتماعى، بدءاً من تكفير الأقباط والتحريض عدة مرات على إهدار قدسية الكنائس وهدمها واغتيال الأقباط واستحلال أموالهم وأعراضهم وممتلكاتهم، مروراً بتحديه السافر للدستور والقانون بتأكيده المستمر على أفكاره التكفيرية، وتحليل زواج القاصرات.. ومحاولة اغتيال رموز الاستنارة، وصولاً إلى التحريض على تختين الإناث والتحرش بهن.. وربما كانت أكبر كوارثه التطاول على جيش مصر العظيم.. والآن يفتئت على الدولة ويصدر أوامره لجهات التشريع!

للأسف نحن نعيش فى مجتمع «سلفى الهوى»، يعانى من حالة «هوس دينى ودروشة»، ومن السهل أن تعزف على أوتاره الدينية ليتعصب ويتشنج ويصدّق كلام «مجانص» ليبادر أى متطرف ليغير «المنكر بيده».. وساعتها سوف نندم جميعاً.

«الإرهابى» ليس من يطلق الرصاص، بل من يفخّخ الوطن بفتاوى تنفجر فينا.. وهذا ما يفعله بالضبط «عبدالله رشدى».

يقول الدكتور «شوقى علام»: (إن الصوم حرام على المؤمن إذا كان يهدد حياة المريض أو يقربه من الموت).. وهذا يحتاج لأن تتصدى الدولة بحسم لتهديدات «رشدى»، وذلك بأن يصدر الدكتور «خالد عنانى»، وزير السياحة والآثار، توجيهاته بفتح المقاهى والكافتيريات فى نهار رمضان تحت إشراف شرطة السياحة.. هذا هو الرد الوحيد على تخاريف «رشدى» وحفظاً لهيبة الدولة وسلطة القانون.
نقلا عن الوطن