كتب: عماد توماس
قال الدكتور عماد جاد، عضو مجلس الشعب السابق، إن أزمة الفيلم المسيء إلى الإسلام ورسوله، كانت الصخرة التي تحطمت عليها أحلام أوباما وكلينتون في إمكانية بناء تحالف استراتيجي مع قوى الإسلام السياسي.
وأضاف "جاد"، اليوم، خلال مقاله اليومي بجريدة "التحرير"، أن الرئيس "محمد مرسى" كان في بروكسل ضمن جولة أوروبية، وطوال أيام الأزمة لم نجد مسؤولًا كبيرًا يدير شؤون البلاد، ويتخذ قراراتٍ حازمة في مواجهة ما يجري في قلب القاهرة، وكانت هناك حالة من الصمت المريب في وقت رفرفت فيه رايات القاعدة السوداء وسط القاهرة. وطوال أيام الأزمة، لم نشاهد الحكومة المصرية، ولم تتشكل مجموعة لإدارة الأزمة، في الحين الذي كانت الفضائيات تنقل مشاهد حصار السفارة الأمريكية، وكان قاطن البيت الأبيض يتحسر على نتائج السياسة التي تبناها بتوصية من وزيرة خارجيته، بدعم وصول الإخوان إلى السلطة مقابل تعهد واضح منهم بحماية المصالح الأمريكية ورعايتها، حسبما جاء على لسان مسؤولين أمريكيين إبان الأزمة.
كانت صدمة الإدارة الأمريكية شديدة مما جرى لسفارتها في مصر، بل تجاوزت صدمة مقتل السفير، والاعتداء على القنصلية في بنغازى؛ لذلك جاء تصريح الرئيس الأمريكي باراك أوباما واضحا صريحًا، لا لبس فيه، وهو أن مصر لم تعد حليفا للولايات المتحدة، فلا هي عدو، ولا هي صديق، هي في منزلة بين المنزلتين، صحيح أنهم حاولوا التخفيف من وطأة التصريح لاحقا بالقول إنه كان يعنى أن مصر ليست حليفا عسكريًّا، ولكنها حليف استراتيجي، إلا أن الصحيح أيضا أن الحليف الاستراتيجي لا بد أن يكون حليفا عسكريًّا.
ووصف "جاد"، الفيلم بـ"التافه"، مشيرًا إلى دعوة حزب الحرية والعدالة على موقعه باللغة العربية إلى مظاهرات صاخبة وحاشدة، ودعا إلى الانتفاض غضبًا ضد الفيلم، وعلى موقعه باللغة الإنجليزية دعا إلى غير ذلك، فواسى الأمريكان في ضحاياهم، ورفض الاحتجاج، ولم يجد مبررًا للتظاهر أمام السفارة الأمريكية في القاهرة.
أما حزب النور السلفي، وهو الحزب الثاني في الانتخابات البرلمانية الثانية، فقد كان رأس الحربة في المظاهرات أمام السفارة الأمريكية، وقريبة منه العناصر التي تسلقت سور السفارة، وأنزلت العلم الأمريكي، الذى كان مُنكسًا بمناسبة ذكرى الحادي عشر من سبتمبر، وقامت بحرقه، وكتبت شعارات مُعادية لأمريكا على جدران السفارة، بل وأشادت بأسامة بن لادن، مُدبر اعتداءات الحادي عشر من سبتمبر. وقام حزب النور بتسيير المظاهرات بعد الحصول على موافقة السفارة الأمريكية، فحسب ما أعلن المتحدث باسم الحزب، السيد نادر بكار، أنهم أبلغوا السفارة الأمريكية في القاهرة برغبتهم في التظاهر، وحصلوا على موافقة من السفارة الأمريكية في القاهرة على التظاهر أمامها.
ويبدو واضحًا أن حزبَي الحرية والعدالة، والنور، قد تعاملا مع الفيلم المسيء بمنطق انتهازي نفعي، أرادا أن يشاركا المصريين غضبهم من الفيلم، فدعى الإخوان إلى ذلك باللغة العربية، وتنصلا من الدعوة باللغة الإنجليزية، وحزب النور أراد أن يبلغ السفارة بقرار التظاهر، وفي الوقت ذاته لم يتمكن من ضبط المظاهرات، فحدث الاجتياح والقفز فوق سور السفارة الأمريكية، ووما تبعته من إنزال العلم وحرقه في وجود أعضاء حزب النور، وتيارات سلفية أخرى.