مفيد فوزي
-١-
من المهم أن نكون صرحاء، فلا نزيف حقائق على الأرض. ولعل القيادة السياسية المصرية كانت شجاعة عندما قررت أن «الأزمة العالمية» كما أطلق عليها، طالت مصر، وليس مصر فقط، إنما كل الدول، نعم هى حرب بالتوصيف العسكرى ولكنها أزمة. أشعر أحيانًا قليلة أن السلام يقترب. ولكنى عندما أشعر أن الممرات الآمنة قد أغلقت فى وجه المدنيين، أدرك أن رقعة الحرب تتسع ومازال اللهب مشتعلًا.

-٢-
هل هى حرب معلومات؟، هل هى حرب عقوبات؟، هل هى حرب عناد؟.

لكن عدد اللاجئين يزداد كل صباح وهؤلاء يحتاجون المأكل والمأوى والمسكن. وتطوعت دول بمليارات لعلاج هذا الجرح، ولكن مشاهد ذعر الأطفال لا تنسى، والأمهات يحتضن أطفالهن بعيدًا عن القصف، وصارت كلمة «عاجل» هى الكلمة المصاحبة ليل نهار.

-٣-
نعم، طالت الحرب كل الدول وألهبت الغلاء فيها. الأسعار ارتفعت والدول تدرك الزيادة. وهى محتملة لبعض الفئات وغير محتملة لقطاعات كبيرة من الشعب، لكن لا أحد فى مصر يبيت دون عشاء، ومع ذلك تراقب الدولة الأسعار حتى لا تكون سوطًا على الأبدان بالطبع، لنفهم جيدًا أن مصر ليست وحدها، طالتها تداعيات الحرب، ولكن سائر دول العالم تشكو. ورغم محاولات القيادة المصرية لتخفيف وطأة الأسعار فإن الشكوى قائمة.

-٤-
قالت لى مديرة البيت التى تخدمنى: عاوزة تزودنى، الدنيا ولعت والراجل جوزى يوم بيشتغل وعشرة لأ!.

قال لى السائق (أنا لا أقود سيارتى): يا أفندم طبق الكشرى زودوه. جاءنى البواب: بعد إذنك، الإكرامية عاوزة نظر.

سمعت صبى المكوجى يقول: كل الشغل بنعامله من الآن فصاعدًا زى المستعجل.. فى وقت واحد حدث هذا الهجوم ومطلوب منى الاستجابة وإلا!. قالت مديرة البيت: رحت أشترى طقم صينى، صاحب المحل قال لى تمنه ١٢ ألف جنيه. ألقت المعلومة وهى تضع فنجان القهوة أمامى.

بصراحة، لذت بالصمت وبصراحة أكثر، احتوتنى حيرة!.

أتكلم بأمانة مهنية وأعرف «يد الدولة» التى تراقب الأسعار، وأفهم أساليب التجار وحيلهم، وقد يضيع وقتى فى الشكوى. وأول الشهر يقترب ومطلوب زيادات لمن يخدموننى، ويتعاونون معى على أكثر تقدير!. وكله عاجل.

-٥-
هناك تجار وخدمات لم تزد مليمًا أو كان ضميرهم حاضرًا. اللحام تعامل كالعادة والخضرواتى كذلك والفكهانى أيضًا. علمت ذلك من جيرانى وهم صادقون. هناك من لجأ إلى منافذ بيع القوات المسلحة. الأسعار معقولة وربما أقل قليلًا. منافذ «كلنا واحد» التى تقدمها وزارة الداخلية منتشرة. أما تجار الأزمة فما كادوا يسمعون عن علاوات الدولة للمواطنين حتى رفعوا الأسعار بضمير بارد، وأنا حر ألجأ إليهم أو أتجاهلهم!، تاجر الأزمة نهّاز فرص وضميره مستريح!.

ويد الدولة طمأنت الجماهير المصرية بأن المخزون السلعى مطمئن. بل سنّت حافزًا ماديًا لمن يزرع قمحًا، ولذلك لا يزال سندوتش الفول ثابت السعر ولم يطرأ عليه زيادة.

قرأت تصريحًا مهمًا لفضيلة شيخ الأزهر يقول إن الاحتكار والتكديس حرام، جريمة اقتصادية وجريمة دينية. أعجبنى أن الأزهر- على الخط- مع الدولة التى تحارب الاحتكار.

-٦-
أشعر كمواطن برضاء كامل لأن الدولة منذ اللحظة الأولى كانت يقظة لتداعيات الحرب، والقيادة السياسية كانت صاحية، وهناك متخصصون يقرأون الصورة جيدًا، وبادرت الدولة على أعتاب رمضان بسيارات السلع ترد على توقعات «الأزمة العالمية» وصياديها وتداعياتها. لم أسمع عن حادث احتكار حتى الآن، وأظن لن أسمع، فالناس أدركت أن كف الدولة «احتوى» المصريين.

هناك فى العالم مجاعات فى بعض أنحاء المعمورة، ولو أنفقت الملايين والمليارات التى التهمتها حرب مجنونة لما بقى على سطح كوكب الأرض «جائع» واحد. لكنها الحرب، ممرات آمنة ثم تغلق وتبدو الكارثة فى أتعس لحظاتها.

صحيح- جغرافيًا- نبعد عن الصراع الروسى الأوكرانى، لكن تداعيات الحرب طالت الأخضر واليابس. هل يلوح سلام ما؟، لا أظن، فالعناد استفحل، ولا تعرف الحقائق على الأرض، فكل طرف يروج لنفسه، حتى تتصور أنها حرب معلومات!.

-٧-
قد يطول زمن المعارك المجنونة، أقول قد..

١- لا بد من قراءة الصورة المستقبلية، لأننا تعلمنا ألا ننظر تحت أقدامنا.

٢- لا بد من «عصا» الدولة لمن يحتكر ويتاجر بنقص سلعة بلا هوادة.

٣- لا بد من نظرة فاحصة لأسعار الصيدليات وأسعار الدواء، الدواء مهم.

٤- لا بد لوزارة التموين أن يراقب مفتشوها الأسواق بضمير، وهم أعداد قليلة.

٥- أنا مطمئن للنظرة المستقبلية للدولة لأنها علم لم نمارسه منذ زمن!.

-٨-
إن شهر رمضان ليس شهر «معدة» لكنه شهر روحى وصيام وتعبد، وأحيانًا قد يكون بقايا طعام يسد رمق بعض المحتاجين إليه، لكننا- وتعدادنا ١٠٣ ملايين نسمة- أفضل حالًا من دول كثيرة.

الشأن العام
- لم أتلق شكوى واحدة من عائلات أولادنا الدارسين فى أوكرانيا.. وزيرة الهجرة ضبطت ساعتها على ساعة الأزمة.

- فى رأس إيناس عبدالدايم اهتمام بالمبدع الصغير والشاب الموهوب. فى بطن مصر مواهب تحتاج إلى كشافين- وفى غيبة هؤلاء الكشافين- فقصور الثقافة هى الأرض الثرية.

- هل ضغوط جماهير الكرة عامل ضاغط على اللعيبة أثناء المباريات العصيبة؟!

- لماذا تغيب الكهرباء فى حى المهندسين أكثر من ساعة ثم تعود. لماذا الإصلاحات ليلًا؟. أنا مندهش.

- زمان، كانت تصلنا مطالبات التليفونات بالمبالغ المطلوبة بدلًا من قطع الحرارة فجأة ولا أجد من أطلبه وأسأل عن المبلغ المطلوب سوى الصديق وكيل جهاز التليفونات فى الإسكندرية!.

- الجنرال مدحت شلبى أفضله كمعلق كروى. إنه (فاهم) حلاوة التعليق (من مدرسة المعلق الشهير محمد لطيف) وابن بلد.. بنفسية متفرج مصرى متحمس.

- مدرس اللغة العربية يحتاج لإعادة نظر. إنه القادر على «تحبيب» اللغة لأولادنا بعد أن أربكتهم القصائد الصعبة والنحو المستحيل. لغتنا هى عِوضنا.

- اقترح الصديق أن أجمع الحكايات التى أمارس متعة فيها الحكى مع زملاء المهنة أسامة سلامة وعاصم حنفى. اقترح أسامة سلامة أن أستفيد من جو القراءة وأضع الحكايات قصيرة مثل التغريدات لتعجب شباب اليوم، وامتثلت لنصيحة أسامة سلامة وأبحث عن عنوان الآن.

- واقترح أسامة سلامة عنوان «كواليس».. وأفكر فى «الحكايات» فهى ذات معنى وربما مغزى!.
نقلا عن المصرى اليوم