حمدي رزق
لم أجد توصيفا لما يجرى في الأسواق من قبيل التجار، سوى المثل الشعبى الغارق في طين الحارة الشعبية، «دود المش منه فيه»، المستغلون والمحتكرون وسارقو قوت الغلابة، منه فيه، البقال الجشع، والجزار المستغل، والخباز اللص، جميعا منه فيه، ليسوا بغرباء، بين ظهرانينا، يطعنوننا في ظهورنا، يستحلون عرقنا، ويستحيون معاشاتنا، ويفسدون في الأرض.

القول الصحيح البليغ، خلافا للمثل الشهير أعلاه، هم ألد الأعداء، وجاء في الأثر الشعبى «يا واخد قوتى يا ناوى على موتى»، وهم يخطفون اللقمة من فم اليتيم.

هؤلاء جبلوا على الكسب الحرام، وتقول «بم» ضجرا وتأففا يقولك على قلبه و«ذم»، طلع روحه. الدود يشغى في المش الأجاج، مالحة طعم هذه الأيام، أينما تولوا وجوهكم، تصدمكم بشاعة التجار، ويعلنونها بكل بجاحة تخزق العيون، وبصفاقة، ويتمنطقون بالعرض والطلب، ويعرضون.

ومن خلفهم كارتلات احتكارية نافذة، تترجم الأزمات إلى مليارات، عصابات تتحكم في قوت المصريين، ومعروفون بالاسم، وكل سلعة عليها محتكرون لئام.

بحق وإحقاقا للحق، لولا نفرة القوات المسلحة بمخزونها الاستراتيجى عبر منافذها وسيارتها المتنقلة، وجهود وزارة الداخلية في ضبط الأسواق، وتزويد الأحياء والمدن والقرى بسلاسل الإمداد لكانت الأسواق لا تطاق.

وهذا رد بليغ على طويلى اللسان من ينبّطون على حضور القوات المسلحة اقتصاديا، معلوم لن تترك القيادة السياسية الأسواق رهينة لكارتلات الاحتكار، وتدخلت لعدل ميزان السوق المختل، الأسواق العشوائية لا يصح فيها العرض والطلب، هذه وليمة للذئاب.

مجددا «دود المش منه فيه»، وحريق الأسعار المشتعل حتى ساعته على وسائل التواصل الاجتماعى لا يعبر عن الناس الطيبة بقدر ما يعبر عن دود المش، الأسعار فيسبوكيا لا تهدأ أبدا، نار موقدة، الأسعار هديت في الأسواق على ارتفاع مؤقت، قبل التدخل الرئاسى الحاسم، ولكنها مولعة على الفيس.

تشيير غريب لأسعار خيالية، وحديث مخاتل عن ياميش رمضان، وإشى تركى وإشى سورى، وبلح من بلاد تركب الأفيال، رغم أن بلح سيوة حاضر في الأسواق، وقمر الدين والزبيب المحلى أسعاره معقولة، ولكنهم يفضلونه تركيا على سورى، وهات يا تشيير وكأننا هنموت أو لن يصح الصيام دون ياميش. ليرحمنا المفسفسون في هذه الأيام المباركة، ويترفقوا بالناس، الناس تبحث عن الغموس، وليس عن الياميش، عن هدمة تسترها وليس عن «الأى فون»، تركب التوك توك ولا علاقة لها بأسعار السيارات، تأكل سمك الجمعية لم تألف طعم سمك الهامور. الرحمة بالغلابة، الأعصاب في شياط، وكفى تعذيبا للناس، الناس اللى فيها مكفيها، مش ناقصة بيض أورجانيك!!.

خاطبوا الناس على قدر عقولهم، عيب الاستخفاف بمشاعر الناس الطيبة، لا تحزنوهم على حالهم، قدرنا أن نتلظى بنيران الحرب الأوكرانية بعد الجائحة الفيروسية، والكلام الموزون شدة اقتصادية وتزول، ولكن الولولة والعويل والنحيب، بضاعة التجار الفجار.

الطيبون يحمدون ربهم في السراء والضراء وحين البأس، وشعبنا طيب وكريم وقانع وحامد ربه، لا تمرروا عيشة الناس بحديث البسطرمة، صوموا عن الهرى في رمضان، الهرى يقينا من المفطرات!!.
نقلا عن المصرى اليوم