هاني لبيب
زرت، خلال الأيام الماضية، زوجة صديق لى بأحد الأورام '> مراكز علاج الأورام التابعة لوزارة الصحة. ولاحظت كيف تتم إدارتها باحترافية شديدة.. لم أكن أتوقع شكل إدارتها بهذا الشكل رغم كونها حكومية. ولذا أردت أن أسجل هنا بعض الانطباعات المهمة.
أولًا: يعالج المركز جميع المرضى سواسية، سواء من يتبع التأمين الصحى أو من يعالج على حسابه الشخصى من خلال بروتوكولات علاج محددة.. ويتم توفير العديد من الإمكانات والاحتياجات بشكل ممتاز. وحسب الحالة الصحية.. يكتب الأطباء أحيانًا العديد من الأدوية التي يحتاجها المرضى، وهى غير متاحة داخل المركز، وتضطر عائلة المريض لشرائها من الخارج. وهو أمر ليس باليسير مع أدوية الأورام وتقوية المناعة. وأعتقد أنه من الأفضل مثلما يحرص المركز على التنفيذ الطبى حرفيًا لبروتوكول العلاج المحدد لكل مريض، أن يوفر المركز كافة احتياجات مرضاه حتى لا يحدث ارتباك أو تقصير.. يتسبب في تراجع الحالة الصحية للمريض رغم كل جهود التشخيص والعلاج التي يقوم بها المركز.
ثانيًا: من مصادر القوة في هذا المركز هو منع اصطحاب المريض لعائلته في جلسات العلاج الكيماوى والإشعاعى، والمسموح هو الانتظار في الاستقبال.. حرصًا على صحة مرضى الأورام الذين تنخفض درجة مناعتهم. وحرصًا على الالتزام بالهدوء في المستشفى بعيدًا عن ضوضاء الزيارات. ولكن في الوقت نفسه يسمحون بالزيارات بشكل محدد جدًا خلال ساعتين فقط في اليوم للمرضى من أصحاب العمليات، وذلك من خلال تذكرة زيارة بقيمة مالية محددة. وأعتقد أنه من الأفضل إعادة صياغة ثقافة زيارة المرضى، ومنع زيارات الأصدقاء نهائيًا، والعمل على تحجيم الزيارة للأكثر قرابة سواء للأب والأم، أو الزوج والزوجة والأبناء، ثم الإخوة والأخوات. فالأكيد أنه ليس الهدف هو تحقيق ربح من تحصيل رسوم الزيارات.
ثالثًا: إذا كان في قدرة وزارة الصحة أن تفرض مثل تلك الأنظمة في الزيارات على مراكز الأورام لطبيعة المرضى.. فلماذا لا يتم تطبيق تلك الأنظمة على كافة المستشفيات وتعميمها.. خاصة في المستشفيات الحكومية ومستشفيات التأمين الصحى؟. الطبيعى أنه يجب أن يتواكب مع التطوير الذي يتم في القطاع الصحى.. تغيير بعض سلوكيات العادات الخاصة بزيارة المرضى لتقنينها بشكل منضبط بعيدًا عن الجانب العاطفى في التضامن مع المرضى بالحشد العائلى والمقربين والأصدقاء.
ملاحظة عابرة: هناك مرضى أورام من كبار السن وغيرهم.. لا يستطيعون مغادرة منازلهم لأسباب عديدة، منها أسباب مرضية أخرى.. وهو أمر يحتاج إلى تدخل مباشر من وزارة الصحة حتى لا تتركهم فريسة لهذه الأورام اللعينة. وهو ما يحتاج إلى دراسة للوصول إليهم في منازلهم، ومحاولة تقديم كل الدعم والمساندة بقدر الإمكان إلى أن تسمح حالتهم بالذهاب للمستشفى.
نقطة ومن أول السطر..
الأورام ليست ابتلاء من الله.. كما أنها ليست مرض الملكوت..
الأورام هي مرض مثل أي مرض، ورغم شراستها.. فهى نتيجة أسباب طبية، سواء لها جانب وراثى أو لها جانب بيولوجى متعلق بالتاريخ الطبى للمريض. وهى في كل الأحوال ليست من السماء، كما أن علاجها يعتمد على تشخيص دقيق وبروتوكول علاج محدد، وقبل ذلك إرادة المريض في حب الحياة والتمسك بها.
نقلا عن المصرى اليوم