طارق الشناوي
لم أرتح إلى وصف المعلق مدحت شلبى ل السنغالى'>مدير الكرة السنغالى بـ(أبو لبانة)، هل مثلا كان يسمعك ويعرف العربية ويدرك أن العُرف المصرى يعتبر أن أبو لبانة (لا موآخذة) تجاوزات مجانية.. كان ينبغى مراجعة المعلق على الهواء حتى لا يكررها.. أضف إلى ذلك أنها بلا طائل. بديهى أننا جميعا على قلب رجل واحد مع فريقنا فى (داكار) مهما أمسكنا من أخطاء وقع فيها الحكم، فإن أخطاءنا فى المستطيل الأخضر هى الأكثر، هل نملك الشجاعة للبوح بدلا من كلمات من نوعية (تمام يا رجالة صمدتم أمام الأسود)؟!.. المفروض أن تاريخ مصر الكروى يضعنا فى مكانة أعلى من السنغال، ما الذى نقوله إذن لو كنا نلاعب (البرازيل) أو (الأرجنتين)؟!.
الهدوء والعقلانية مطلوبان الآن، هل كنا نستحق الفوز أم أن النتيجة النهائية فى المبارتين أكدت أن هناك تفوقا بمساحة ضئيلة للمنتخب السنغالى؟. استمعت قبل ثلاثة أيام إلى المحلل الرياضى عندما سألوه عن توقعاته لمباراة العودة بين الفراعنة والأسود. أجابهم بكل ثقة: «ربنا سترنا ووقف معانا فى مصر، وحيقف معانا فى السنغال».
ربنا رحيم وستار بكل البشر ولكل الأديان واللغات والألوان والأعراق، السنغاليون أيضا تشملهم رحمة وستر ربنا، وعلينا أولا أن نبذل الجهد ونقدم كل ما لدينا.
لا ننتظر من طبيب فى الأمراض الصدرية عندما نسأله عن (كورونا) ومضاعفاتها سوى أن يكتب (روشتة)، وكلنا قطعا يقين بأن كل شيء مقدر من العلى القدير، وهو الذى يحمينا، على شرط أن نبذل كل ما فى طاقتنا لحماية أنفسنا.
حالة التواكل صارت متفشية فى المجتمع بكل أنماطه فى الفن الدراما والغناء والموسيقى، وعندما تسأل نجمًا عن زيادة إيراداته فى شباك التذاكر يقول لك: (سبحان مقسم الأرزاق)، وعندما تسأله بعد عام مثلا عن سر تراجع إيراداته، تأتى الإجابة: (سبحان مقسم الأرزاق)، ولن يقول أبدا إنه مثلا بذل جهدا فى المرة الأولى فحقق النجاح، بينما فى الثانية أخطأ فى كذا وكيت، دائما الإجابة هى (الرزق)، مرددا مقاطع من الشعر القديم (ملك الملوك إذا وهب/ لا تسألن عن السبب/ الله يرزق من يشاء/ قف على حد الأدب).. وإذا تحفظت على تلك الإجابة التى صارت (كليشيه)، يتشككون على الفور فى إيمانك، وهى الحجة التى يطلقونها جزافا، وتنتحل أحيانا صفة علمانى بما تحمله من ظلال سلبية فى الضمير الجمعى المصرى الذى يعتبرها مرادفًا للإلحاد.
حالة التواكل تضربنا بقوة عندما يلعب مثلا فريقنا القومى فى رمضان ويصبح الإفطار واجبا تقره الشريعة، تسمع صوتا يزايد عليك مرددا: (الله سينصر الصائمين لأنهم صائمون).
الهزيمة واردة لأعتى الفرق، وإخفاق صلاح فى إحراز ركلة الجزاء ممكن أيضا، لم يتصور أحد عندما دفع به كيروش لأول ضربة سوى أنه سيحسم النتيجة مبكرا، ركلات الجزاء الترجيحية ليست ضربات حظ كما وصفها مدحت شلبى، بل هى نتيجة تدريب مُضنٍ، واللاعب سواء من يقذف الكرة أو من يحمى المرمى يجب أن يتمتع بثبات انفعالى، وعلينا قبل كل ذلك إدراك أن الله رب العالمين، وليس فقط رب المصريين!!.
نقلا عن المصرى اليوم
