حمدي رزق
الغبطة التى لوَّنت الوجوه، والسعادة التى فاضت على الحوائط الفيسبوكية احتفاء بقرارات «الأحد السعيد»، بفتح المجال الحياتى أمام الناس فى شهر رمضان المبارك، لا تُغنى عن حذر واجب مستوجب، فالجائحة لاتزال مخيمة على الأجواء، لم تنقشع سحبها بعد.. ونذر موجتها الجديدة تتحدث بها الركبان فى الصين.
لن نزايد على «اللجنة العليا لإدارة أزمة الأوبئة والجوائح الصحية»، ربنا معاهم، ولن نُفتى فى الشؤون الصحية والوبائية التخصصية، ولكن بَلَى ليطمئن قلبى، ترجمة قرارات اللجنة تؤشر على انحسار وباء كورونا مصريًا، وهذا مدعاة للتفاؤل الحذر، والحذر واجب مستوجب، الفيروس كامن وغادر، إن تمكن اجتاح من الاجتياح، وإن عاود سيرته الأولى ستكون كارثة صحية.. هذا بيت القصيد.. واطلبوا الخبرة الفيروسية ولو من الصين.
فتح نوافذ الحياة جميعًا هكذا على مصراعيها، وإذ فجأة، قرار صعب الهضم، كنا فى جرة وطلعنا لبره، ومع ثقافة الزحام التى اعتادها الطيبون فى رمضان، أخشى أن يضربنا الفيروس مجددًا، وتضيع هباء مجهودات عامين كاملين من مكافحة الوباء، ما كلفنا أرواحًا بالآلاف، وشهداء فى الطواقم الطبية بالمئات، وخسائر اقتصادية بالمليارات نعانى من تبعاتها بقسوة.
اللجنة العليا بكفاءاتها المقدرة صحيًا وتنفيذيًا أقدر بالضرورة على تقدير الموقف الوبائى، أهل التخصص أدرى، ولكن الانفتاح هكذا، أخشى أنه يحمل مخاطرة نتحسب منها.
صحيح الناس لم تعد تحفل بالوباء، وطبعَّت حياتها مع كورونا، والجائحة تراجعت إعلاميًا، لم تعد تخيف أحدًا، حتى الكمامات اختفت من على الوجوه، ولم يعد الناس تتواصى بالاحترازات الطبية، انشغالًا بالحرب الأوكرانية التى أفضت إلى غلاء الأسعار.
مؤشرات وزارة الصحة الإيجابية (مع قدوم الطاقم الطبى للدكتور خالد عبدالغفار، وزير الصحة المكلف) أسهمت فى حالة الاسترخاء المجتمعى، معلن فى بيانات انخفاض أعداد الإصابات والوفيات، لكن هذا لا يعنى أن الفيروس اختفى، أو أن الجائحة زالت، فالإصابات لاتزال تسجل أرقامًا مقللة على مؤشر وزارة الصحة، والوفيات لاتزال ماثلة، ومستشفيات العزل لاتزال تعمل بكفاءة، رغم تقليص أعدادها، ما يعنى أن الفيروس بتحوراته لايزال قابعًا بين ظهرانينا.
فتح المجال الحياتى فى رمضان، صلوات وتراويح، ومقاه وسهرات وفنادق وحفلات، يلبى أشواق الطيبين فى رمضان مختلف عن عامين سابقين، ويعيد دورة الحياة، وتدور عجلة الاقتصاد من جديد، ولكن الحذر واجب، ومستوجب، فلسنا فى حمل انتكاسة وبائية جديدة لا نتحمل عقباها.
احتراز وجوبى، لا تُترجم هذه السطور على أنها روح تشاؤمية، ونحن أعضاء فى نادى التفاؤل، بل عن خشية، درس العامين الماضيين يقول عقب الانفراجة، فى الأعياد والمواسم كانت مؤشرات العدوى حمراء، إصابات ووفيات، يقينًا هذا الدرس لم يغب عن عقول اللجنة العليا، وفيهم مختصون وبائيًا، والتقارير الصحية بين أيديهم، ولا يملكون رفاهية فتح المجال إلا إذا كانت الحالة إيجابية.
خلاصته الركون لمؤشرات الوزير عبدالغفار يستوجب اجتماعات أسبوعية طوال شهر رمضان، ومراقبة صحية حذرة، فإذا كانت المؤشرات خضراء، خير وبركة، غمة وانزاحت، وإذا اصفرت قبل الاحمرار فيستوجب العودة إلى ما قبل قرارات الأحد السعيد سريعًا.
نقلا عن المصرى اليوم