سحر الجعارة
(معاً ضد الإرث الأكثر استمرارية لتجارة الرقيق عبر المحيط الأطلسى، ألا وهو العنصرية).. احتفل العالم يوم 25 مارس باليوم العالمى لإحياء ذكرى ضحايا الرق وتجارة الرقيق عبر المحيط الأطلسى، وذلك بموجب القرار الصادر عن الجمعية العامة للأمم المتحدة فى 17 ديسمبر 2007.. واختارت الأمم المتحدة موضوعاً لعام 2022: (قصص الشجاعة: مقاومة العبودية والوحدة ضد العنصرية). وبحسب الأمم المتحدة، فهناك العديد من الأمثلة لأشكال الرق المعاصر، وهى «الاتجار بالأشخاص والاستغلال الجنسى وأسوأ أشكال عمل الأطفال والزواج القسرى والتجنيد القسرى للأطفال لاستخدامهم فى النزاعات المسلحة». ويشمل الرق الحديث أيضاً «حالات الاستغلال التى لا يمكن للشخص أن يرفضها أو يغادرها بسبب التهديدات والعنف والإكراه والخداع وإساءة استعمال السلطة» بحسب المنظمة.

هل لى أن أقدم فى هذا الإطار اثنتين من بطلات التصدى لتنظيم «داعش» المسمى بتنظيم «الدولة الإسلامية»؟!

إنها «لمياء حجى بشار»، الفتاة الأيزيدية الشابة «دون ربيع».. التى لم ترَ من العالم إلا وجهه القبيح، لم تشعر أن بالكون «ضميراً» يتألم ويتحرك.. ولم تعش إلا وقائع اغتصاب متكررة، بيعت أكثر من مرة فى «سوق النخاسة» التى دشنها تنظيم «داعش» الإرهابى باسم الإسلام!

ظلت «لمياء» مختطفة لدى «داعش» قرابة 20 شهراً تعرَّضت خلالها لأبشع صور التعذيب والاغتصاب، فحاولت الهرب 4 مرات لكنها فشلت، ونجحت فى الخامسة، لكنها أصيبت جراء عبوة ناسفة، وسافرت إلى ألمانيا عن طريق جسر العراق الجوى، وصلت إلى ألمانيا وخضعت لعلاج جسدى ونفسى، استعادت معه إنسانيتها التى تاجروا بها فى «سوق الرقيق»، ونجحت فى ترميم أشلائها لتصبح هى نفسها «صرخة» فى وجه المجتمع الدولى الذى يقف عاجزاً صامتاً!

فى عام 2017 جاءت إلى مصر تحمل على وجهها «ندبات»، ويسكن فى وجدانها جروح، لكن روحها الجسور تصر على أن تكون «صلبة»، أن تقاوم القهر واليأس لتكون «صوتاً لكل ضحية».

جاءت «لمياء» إلى «منتدى شباب العالم»، بشرم الشيخ، تحدثت «كبرياء- محايد» لتدين العالم بكلماتها، وصمتها يصرخ فينا: هل هذا إسلامكم؟!

وكشفت «لمياء» أن تنظيم «داعش» يغتصب الصغيرات الأيزيديات فى سن 8 سنوات، ويختطفون الأطفال ويدربونهم على القتال بالسلاح، ويحرضونهم على قتال أهلهم وذويهم باعتبار أنهم كفار (!!).

لقد شاركت «لمياء» فى العديد من المؤتمرات العالمية لتدافع عن نحو 3500 فرد من الأيزيديين فى أيدى «داعش»!

كما جاءت «نادية مراد طه» لتروى قصتها فى القاهرة دون أن تبكى.. لقد فقدت دموعها فى لحظة «الاغتصاب الجماعى» الذى تعرضت له عقاباً على محاولتها الهرب.. كانت شاحبة وكأنها لا تزال تنزف من دماء بكارتها حتى لم يتبقَّ فى عروقها إلا دموع الكبرياء، حتى بعدما فرت إلى ألمانيا وضمّدت جراحها.. وحين التقت بالرئيس عبدالفتاح السيسى قالت للرئيس: «إذا الإسلام ما يصير ضد داعش، داعش ما راح ينتهى».. وقال الرئيس: «كل الأيزيديات بناتى».. كانت مطالب «نادية» من العالم الدولى محددة: «تحرير أكثر من 300 طفل وامرأة تحت حكم (داعش)، وتعريف الاتجار بالأيزيديات على أنه (إبادة جماعية)، وتحرير قراهم وإعادة توطين الطائفة الأيزيدية، وتعويض الضحايا وتحقيق العدالة»، لكن المجتمع الدولى عجز حتى عن توفير مدافن لشابة تصرخ بدلاً من الدمع: «نريد أن ندفن موتانا»!. العالم الذى أهدى «نادية مراد» جائزة «نوبل»، بعد أن قادت حملة من أجل محاكمة تنظيم داعش الإرهابى على جرائمه فى المحكمة الجنائية الدولية، لم يستطع تحقيق أمنيتها الوحيدة، رغم تتويجها بلقب السفيرة الأولى للأمم المتحدة لضحايا الاتجار بالبشر.

قانون «الناجيات الأيزيديات»، الذى أقره البرلمان العراقى العام الماضى، لن يضم طفلاً جاء نتيجة «العنف الجنسى» ضد أمه.. ولا ألف «نوبل» تعوّض إنساناً عن شرفه ووطنه وقتل عائلته وأمنيته المستحيلة فى أن يُدفن فى أرضه!
نقلا عن الوطن