د./ صفوت روبيل بسطا
في الذكري الأربعين علي إنتقال سيدنا المحبوب جدا الأنبا لوكاس إلي السماء ماذلت لا أستوعب أننا لن نراه بالجسد مرة أخري ! ولن نجده يستقبلنا مرة أخري في المطرانية بأبنوب وفي أي مكان يتواجد فيه نيافته كما كان يفعل معنا طوال السنين الماضية!؟
بل وماذال يصعب عليا أن أذكر (المتنيح الأنبا لوكاس ) !؟
وماذالت أرفض النظر إلي الصورة الصعبة والتي فيها الأنبا لوكاس نائم في نعشه !؟
لأنني لم أتعود أن أري الأنبا لوكاس إلا واقفا كالأسد بنظراته الحادة وإبتسامته الدائمة ، ولأنني لم أتعود إلا أن أري الأنبا لوكاس واقفا وشامخا مثل الجبل ولهذا لقبه الكثيرين : بجبل أبنوب الشامخ .
نعم كان نيافته دائما واقفا كالجبل الشامخ وكانت له نظرة ثاقبة مثل الصقر (كما شبهته إبنة أختي) وكان له هيبة وهيئة وعظمة نادرة تجعلنا كل ما نراه كنا نشعر بفخر أنه أبونا وراعينا وأسقفنا
وكم كنت أكون سعيدا عندما أكون متواجد في أي كنيسة قبل دخول الأنبا لوكاس، وفجأة نسمع دق أجراس الكنيسة ونجد الأباء الكهنة وخورس الشمامسة يخرجون لإستقبال سيدنا بالألحان بالناقوس والدف في مشهد رائع يذكرنا بدخول السيد المسيح له كل المجد إلي أورشليم وكل الشعب يستقبله بسعف النخيل وبالبهجة والفرح ، هكذا كنا نفرح ونشعر بالفخر وسيدنا داخل الكنيسة في مثل هذا الموكب الرائع .
وأيضا في المهرجانات والأحتفالات كنا نجد نيافته في أبهي صورة وهو داخل الكنيسة او مكان الاحتفال وسط أولاده ومن الجانبين فريق الكشافة يضربون علي الطبلة ويعزفون الموسيقي في صورة جميلة ومظهر مفرح للجميع .
و كان نيافته أيضا له هيبة ووقار وإحترام من كل المسئولين في البلد وحتي من الأخوة المسلمين العاديين كان له معهم علاقة ومودة ومحبة ، وكان يتعامل معهم ومع المواقف الصعبة بمنتهي الحكمة .
هذا وأتذكر موقفين من المواقف الكثيرة جدا لنيافته في هذا الشأن .
أول موقف: في إحدي المرات إعتدي أحدهم بسكين أو ألة حادة علي أب كاهن من دير بصرة ، وأسرع الشباب المسيحيين للمستشفى للتبرع بالدم لأبونا المصاب ، وفي المساء كان الأجتماع الأسبوعي للأنبا لوكاس ، كنا كلنا في شدة الغضب وكل الأسئلة اللي وصلت سيدنا تعبر عن ذلك ، وانا كنت متوقع ان سيدنا هيكون زعلان وغاضب أيضا ، وفوجئت بأن سيدنا مبتسم كعادته وهدانا وطمنا كلنا بل ورسم الابتسامة علي وجوهنا عندما قال مبتسما : إحنا كدا عرفنا أن ورانا رجالة يتبرعوا لنا بدم كتير لو حصلنا حاجة لا سمح الله .
والموقف الثاني : أيام هوجة الأخوان إذ قام بعضهم برمي كنيسة ماريوحنا بالحجارة وكسروا شبابيك الكنيسة ، وكانوا ناويين التعدي علي كل كنائس أبنوب ، فحالا قام نيافته بالأتصال بأعلي المستويات وتم إرسال قوات شرطة في نفس الوقت وسيطروا علي الموقف قبل أن يصلوا إلي باقي الكنائس ... (هذا الكلام ذكره لي نيافته بالحرف ) .
لا أجد من الكلمات ما أرثي بها الأنبا لوكاس إلا من ما قاله داود النبي في مرثاته لشاول الملك وصديقه يوناثان إبن شاول الملك :
كيف سقط الجبابرة وتهاوي الأبطال ، لا تخبروا في جت ولا تبشروا في شوارع أشقلون ..ياجبال جلعون لا يكن طل ولا مطر عليكن .. شاول ويوناثان المحبوبان والحلوان في حياتهما ..أخف من النسور وأشد من الأسود
يا بنات إسرائيل أبكين شاول الذي ألبسكن قرمزا بالتنعم .
كيف سقط الجبابرة وبادت ألات الحرب !؟
لقد تضايقت عليك جدا يا أخي يوناثان كنت حلوا جدا لي .
2صم 1-19
ومن هنا أقتبس من كلمات العظيم داود النبي والملك لأقول عن الأنبا لوكاس: ...
كيف تهاوي الأبطال ، لا تخبروا في أبنوب ولا تقولوا ذلك في شوارع أسيوط الجديدة.. الأنبا لوكاس كان أخف من النسور وأقوي من الأسود.. يا بنات أبنوب أبكين علي الأنبا لوكاس الذي ألبسكن تاج الفضيلة وحول أبنوب إلي مدينة عظيمة ومحبة للمسيح .. كيف تهاوي الأبطال في خضم المرض والموت !؟
كيف نام الجبل الشامخ ، كنت حلوا لنا ولشعبك جدا .
لقد تضايقت عليك جدا يا سيدنا المحبوب جدا الأنبا لوكاس..
الذي أعانك قادر أن يعيننا نحن أيضا
أذكرنا أمام عرش النعمة
السلام لروحك الطاهرة .