رحلت الدكتورة أنيسة حسونة يوم الأحد الماضي، وكان خبر وفاتها محزنًا للكثير من المصريين، لأنها كانت رمزًا بارزًا من رموز العمل الخيري في مصر، وأيقونة في محاربة مرض السرطان، إذ أصيبت بالسرطان 3 مرات على مدار حياتها، وتمكنت من التغلب عليه والتعافي منه مرتين، وكان آخر ظهور لها في حفل تكريم احتفالًا باليوم العالمي للمرأة، وظهرت على كرسي متحرك في مشهد كان مفاجئًا للعديد من الجماهير، إذ كان التكريم من السيدة انتصار السيسي، قرينة رئيس الجمهورية، كما أنه جرى اختيار الدكتورة أنيسة حسونة واحدة من ضمن أقوى 100 امرأة عربية.
زوج أنيسة حسونة: كانت حريصة على تحقيق أمل أهالي الأطفال
وصف الدكتور شريف ناجي، زوج الراحلة الدكتورة أنيسة حسونة في تصريحات خاصة لـ«الوطن»، الساعات الأخيرة قبل وفاتها، وقال إنها كانت تشعر بالعجز، وهذا ما كان يزعجها، موضحًا: «الدكتورة أنيسة حسونة تحب الحركة والعمل وتكره شعور العجز، وكانت عدم قدرتها على الحركة نظرًا للتعب الشديد الذي مرت به في الأيام الأخيرة أمر يزعجها، وكانت صعبان عليها نفسها».
أهم وصايا وأمنيات «حسونة»
وأشار «ناجي» إلى أن أبرز الأمنيات والوصايا التي تركتها «حسونة» قبل وفاتها كان توسيع مستشفى الناس، والتغلب على قوائم الانتظار، كما كانت تتمنى أن تشمل المستشفى علاج الكبار أيضًا، وألا تقتصر فقط على الأطفال، إضافة إلى أن تشمل المستشفى علاج بعض الأمراض الأخرى.
«كانت تحظى بعلاقة قوية بالأطفال»، يوضح «ناجي» أن علاقتها مع أهالي الأطفال كانت كبيرة، معقبًا: «كانت تتأثر جدًا بأهالي الأطفال، فكان في عيونهم بريق أمل بأن يشفى صغيرهم، ويتمكن من أن يعيش حياة طبيعية، ويحظى بطفولة ممتعة ،ويلهو مع الأصدقاء، فكانت حريصة دومًا على تحقيق هذه الآمال، كما أنها كانت باعثة للحياة لأهل الأطفال».
أكثر الألقاب المحببة للراحلة
ولُقبت «حسونة» بالعديد من الألقاب على مدار حياتها، مثل الباحثة، السياسية، رائدة عمل الخير وغيره، وكلها ألقاب مارستها بالفعل فلم تحصل عليها من فراغ، ويوضح «ناجي»، أنه من بين كل هذه الألقاب التي لُقبت بها حسونة في حياتها، كان لقب «رائدة الأعمال الخيرية» هو أقرب الألقاب إلى قلبها، فكانت محبة للعمل الخيري دون أي مصالح شخصية.
وعن إصابة أنيسة حسونة بمرض السرطان 3 مرات، يروي «ناجي» تفاصيل المرة الأولى التي أصيبت فيها بالمرض، ويقول: «ذهبت لعمل بعض التحاليل من أجل الاطمئنان على السيولة في المقام الأول، وظهر في نتيجة التحاليل علامات الإصابة بالسرطان، فطلبت من المعمل إعادة التحليل مرة أخرى دون اخبارها بأي شيء، وقد كان، وعند الإعادة أثبت أنها مصابة بمرض السرطان».
مصدر قوة أنيسة حسونة في مقاومة السرطان
وأضاف: «في البداية لم أخبر أي أحد حول إصابتها بالمرض، وبدأت في البحث مع المتخصصين في مرض السرطان، أما بالنسبة لأنيسة فلم تصدق إصابتها بالمرض، وكان الأمر صادمًا بالنسبة لها»، وخاضت معركة شرسة مع مرض السرطان، ورغم كم المعاناة قاومت وناضلت لسنوات، وكانت ملهمة للعديد من المصابين.
وتابع زوج الراحلة، أن مصدر القوة التي مكنتها من المقاومة طوال هذه السنوات، هو أملها في الله، ورغبتها في إنشاء حياة مع أحفادها، موضحًا: «كان أملها في ربنا انها تكون من النسبة القليلة التي تتعافى من مرض السرطان كبير جدًا، وكان مصدر قوتها، إلى جانب رغبتها في تكوين حياة وذكريات مع الأحفاد، في الوقت دا كان لدينا حفيدًا واحدًا وكانت ترغب في أن تحظى بحياة مع حفيدها وأحفاد آخرين، حتى يتذكرها أحفادها، وليس الأحفاد فقط، ولكن أيضًا البنات، كانت ديما تقول هسيبهم لمين».
تكريم أنيسة حسونة في اليوم العالمي للمرأة
وفي يوم المرأة العالمي، كُرمت الدكتورة أنيسة حسونة من السيدة انتصار السيسي، قرينة رئيس الجمهورية وكان التكريم مفاجئًا، وغير متوقع، إذ يقول «ناجي»: «وصلنا خبر تكريمها في مساء يوم المرأة العالمي، وكانت في حالة مرضية شديدة ولا تقدر حتى على المشي، ودُهشت من التكريم، ما جعلها تقرأ الجواب عدة مرات للتأكد من أنه لها وكانت مش مصدقة، وكانت تنتوي التغيب عن التكريم بسبب حالتها الصحية ولكنني أصريت على ذهابها واشتريت لها كرسي متحرك لتتمكن من الذهاب، وقدمنا لها دعمًا نفسيًا قويًا لكي تذهب»، مضيفًا: «كانت مصدومة وفضلت تقول لي الدولة دلوقتي بتكرمني أنا معملتش حاجة اتكرم عليها».
ولفت إلى أن هذا التكريم كان له أثرًا معنويًا فارقًا معها، وكان في وقت صعب تمر به، وجاء التكريم يخفف عنها، موضحًا: «التكريم كان له أثرًا سحريًا على معنوياتها وفرق معاها جدًا، وقالتلي بليل أنا حاسة إن الدولة بطبطب عليا وبتقولي إحنا شايفينك، وأنا قولتلها إنتي وشك نور بعد التكريم»، مضيفًأ: «كمان كانت ممتنة جدًا للتكريم دا وأسعد ما يكون، قالتلي أنا حاسة إني مش عارفة أعبر عن امتناني، ولما السيدة انتصار السيسي قالتلها (انتي تستاهلي أكتر من كدا) الجملة دي خلتها طايرة من على الأرض».
حرص أنيسة حسونة على اختيار طاقم تمريض مستشفى الناس
وشغلت الدكتورة أنيسة حسونة المدير التنفيذي لمستشفى الناس، وأوضح «ناجي» أن الأمر كان بالنسبة لها تحديًا من أجل الأطفال، فقال لـ«الوطن»: «كانت أنيسة خضعت لعملية جراحية في الوقت الذي عُرض عليها عرض المستشفى، وكنا مقررين ألا نفعل أي أعمال وتكتفي بدورها في مجلس النواب، ولكن بعد المعاينة، وعند معرفتها بأن المشروع مجاني وخيري تمامًا وافقت وبدأت في المشروع من الصفر»، مضيفًا: «كانت أكثر الأمور التي تحرص عليها الدكتورة أنيسة حسونة هي اختيار طاقم تمريض وأطباء مناسب ومحترف، مشيرًا إلى أن مصدر النجاح الذي حققته المستشفى، كان توفيقًا من الله، وراحة من المواطنين لحسونة وثقتهم فيها.