بقلم: د.صبري فوزي جوهرة

مع "هوجة" ما سمى بالفيلم المسىء الى نبى الاسلام يجب عللينا نحن اقباط مصر و المهجر الا نحيد عن الطريق الذى عزمنا امرنا على المضى فيه منذ ستينات القرن الماضى, ذلك الدرب الذى كنا, و مازلنا نعتقد انه سيؤدى بنا الى استرجاع حقوقنا فى ارضنا منذ ان عصف بها الغزاة العرب. يجب ان يظل ناظرنا مثبت على هذا الهدف دون غيره. و لحس الطالع, و ان كان ذلك ليس من سبيل الصدفه بل من املاءات التاريخ و الارتباط بالارض  تطابقت متطلعات الاقباط مع امل مصر فى اللحاق بعالم اليوم كدولة تكفل حياة بعيد عن مستنقعات الفقر و الجهل و المرض, وهو الهدف الذى كنا نتطلع اليه منذ بدء حكم الاسرة العلوية و يعتد الكثيرون منا اننا كنا على طريق انجازه الى ان اصابتنا كوارث حكم العسكر. و يمكن القول بان هذه التطلعات القبطية  و القومية المصرية تتلخص فى احترام حرية الانسان المصرى و حقوقه.


كيف للاقباط اذن ان يصلوا الى مبتغاهم؟ أولا, لا بديل عن التمسك بالهدف و المثابرة الى النهاية فى سبيل تحقيقيه. لا مكان لليأس او التقاعس. و لكن,هل كتب علينا ان نصعد هذا الطريق الوعر وحيدون منفردون ام نستعين و نسعى الى استجلاب و تقبل العون من الغير؟ و من هو ذلك "الغير"؟     
 
 لقد اثبتت الايام ماكان يجب علينا ان نتوقعه بالمنطق, وهو انه ما من قوة اجنبية ستساند قضية الاقباط باكثر من بعض الكلام الفارغ اللى لا يودى و لا يجيب.  ذلك لما ترى هذه القوى, عن صواب او خطأ, من مخاطر المغامرة بمصالحها فى الشرق الاوسط اذا ما تعدى الامر الاقوال الى الافعال. تتلخص هذه المصالح, كما يعلم الجميع, فى السيطرة التامة و باى ثمن على منابع النفط, ومنع القوى المنافسه من الاقتراب منها حتى تنضب و تجف, و الى بقاء دولة اسرائيل فى وسط معاد يسوده حكام فاسدون يتساقطون الواحد تلو الاخر وتؤل السيطرة على مسار الامور الى شعوب متخلفة تتغلب عليها دائما دفعات العاطفة و اهوائها على حسابات العقل و الواقع. شعوب و جماعات يتصارع  في وجدانها  خرافات نرجسيه مريضة  و تشدق كوميدى مأساوى بالتعالى على العالم  و الاصرار على اخضاعه باسره (مش ناقص و لا حتى فتفوته) لنموذج من القيم و المبادىء لم يكن صالحا فى الماضى و لن يجلب فى الحاضر سوى المزيد من البؤس و الشقاء.  واقع يتناسى بما لا يقل عن البلاهة و الفصام الامية و الفقر و الفشل و الحاجة الماسة الى ذلك العالم ذاته المستهدف لمجرد بقائهم على سطح الارض!  
 
المصدر الثانى لتأييد قضية مصر و الاقباط هم المصريون المسلمون الذين هم على وعى بالاحوال الكارثية التى ينحدر اليها الوطن. و يعلم العقلاء من الاقباط انه لن تتوفر لهم حقوقهم المشروعة فى مصر الا بموافقة ومساعدة و مشاركة ابناء مصر من المسلمين. يتطلب نجاح هذا الجهد المشترك لابناء مصر الاحترام المتبادل. لذلك كان من الطبيعى ان تستنكر الكنيسة المصرية و جموع الاقباط ما بدى للمسلمين بحق انه تطاول على مؤسس عقيدتهم. من جهة اخرى, اقل ما يستطيع المسلمون الحريصون على وحدة مصر و سلامتها و تقدمها هو رفض و شجب التطاولات البذيئه اليومية المتعددة على المقدسلت المسيحية  و العمل على انهائها.

ليس الهدف من نضال الاقباط هو الاساءة للاسلام او لغيره من المعتقدات. فى هذا ضياع للجهد و الوقت و ابعاد اصدقاء للقضية
اما المصدر الثالث و الوثيق فهو تمسك الاقباط انفسهم بحقوقهم غير المنقوصة فى وطنهم الى المنتهى و اصرارهم على وحدة ارض مصر وسلامتها. المثابرة, ثم المثابرة و المثابرة الى درجة الاستعداد للاستشهاد. علينا الا ننصت اونخضع للتهديد و المساومات كالقول بان منكم من اساء الى نبى الاسلام فعليكم الصمت و عدم الاستمرار فى "اثارة الفتن و المشاعر". و لكن ليس فى البحث عن الحق و العدل بسلام و احترام للجميع ما يثير الانسان السوى او يشعل الفتن. اما من يدعون عكس ذلك فهم فاسقون مراؤن لا هدف لهم سوى استمراء ابتلاع ما ليس لهم. يجب الاترهبنا تهديدات السوقة و الرعاع و المتشنجين, و لنبقى على الطريق بشجاعة و عزم و نبل متمسكين بالسلوك  المسيحى القويم.  
 
 قد يعيب البعض على القول بان كفاح الاقباط هو السبيل الوثيق لتحقيق اهدافهم, فاين اذن عمل الرب الذى وعدنا بالحفاظ على بيعته ان كان جهد الانسان هو الاوثق؟ و الرد على ذلك الاستعباط  و المسكنه الخايبه و التواكل و النقد للتفاخر بانهم اقرب الى الله هو ان الرب, تمجد فى ملكوته, لا يساند التنابله أو الجبناء او الراضين بالذل و المهانه, ليس بين هؤلاء ابناء لله. يقول المثل الفرنسى: ساعد نفسك تساعدك السماء.