الجمعة ١٤ سبتمبر ٢٠١٢ -
٠٠:
١٢ ص +02:00 EET
بقلم: شاكر فريد حسن
الأسلام والديمقراطية بقلم: شاكر فريد حسن هنالك عدد من المستشرقين المغرضين الذين يقعون في مغالطات ويزعمون بأن التخلف والجهل حالة متجذرة وراسخة في المجتمع العربي الأسلامي وسببها الأسلام، وأن الديمقراطية فكرة غريبة عن الأسلام والحضارة العربية الأسلامية ، والدين الأسلامي يشجع على الولاء والخضوع. ومن الواضح تماماً أن هذه الأقوال ما هي الا اتهامات مغرضة ،وأفتراءات باطلة، ومغالطات تاريخية، وذر رماد في العيون وبمثابة تشويه لجوهر الأسلام الحنيف ، الذي لم يكن يوماً عقبة كأداء في طريق التطور الدمقراطي ، وانما الدكتاتوريات والبنى الطائفية السياسية والأصوليات المتحجرة هي العقبة الأساسية والرئيسية.
لقد جاء الأسلام بأفكار ومفاهيم وطروحات وقيم ديمقراطية، وبثورة اجتماعية وسياسية واقتصادية وثقافية ، فألغى علاقة السيد والعبد وساوى بين الناس ووزع الأرزاق بالتساوي واحترم المرأة ، وأكد بأن ( لا أكراه في الدين) و( لا فضل لعربي على اعجمي الا بالتقوى) و( من رأى منكم اعوجاجاً في فليقومه بسيفه ، فأن يكن بلسانه فأن لم يكن فبقلبه وذلك أضعف الأيمان ). وكان للاسلام طوال الوقت دور هام في العملية الثورية وكفاح الفقراء والمستضعفين والمعذبين وجياع الارض ، وفي تشكيل الوعي الفكري والسياسي والثقافي والديني ومناهضة الظلم والظالمين ومحاربة القهر والغبن والاستبداد ، كما كانت الشورى عنصراً هاماً في النظام العربي الأسلامي، والخلافة الاسلامية لم تكن بالوراثة ، والاجتهاد كان متبعاً في عهد النبي العربي الكريم ومن ثم في عهد الخلفاء الراشدين ولا سيما عهد عمر بن الخطاب . ومن ينبش كتب التراث والتاريخ الاسلامي والثقافة العربية الاسلامية ستنجلي له النزعات المادية في الفلسفة العربية الاسلامية ويتبين كيف كانت الحياة والتسامح الانساني والسعادة والتطور قيماً سامية وعليا، وكيف أن الدين الاسلامي شكل قوة اجتماعية من القوى الثقافية الفاعلة في المجتمع والحراك الاجتماعي، وفي تنظيم حياة الانسان المادية والروحية، ومقاومة الانحراف والجنوح والتسيب الاجتماعي وتمجيد القيم الانسانية والاسلامية السمحة ، والامر بالمعروف والنهي عن الفحشاء والمنكر .ولا يخفى على احد كيف اتسعت رقعة الامبراطورية الاسلامية وكيف نشأت وتطورت الحركات الاجتماعية الفكرية والفلسفية في الاسلام مثل القدرية والجبرية والمعتزلة ، التي اسست ذلك المذهب العقلي بصيغته المتكاملة وحاولت تطبيق فكرتي الحرية والديمقراطية في الحياة الاجتماعية والسياسية والفكرية للناس وللفئات الشعبية.
ومما لاشك أن الحكم العثماني والاستعمار الأجنبي في البلدان العربية الاسلامية هو الذي أوقف ومنع مسيرة التطور العلمي والتقدم الحضاري ، الاجتماعي والاقتصادي والثقافي في المجتمعات العربية الاسلامية، وأن سبب انعدام وغياب الديمقراطية في المجتمعات ليس الاسلام ـ كم يزعمون ويروجون ، بل هي ممارسات وطغيان الأنظمة الاستبدادية المتعفنة ،الحاكمة بالحديد والنار. ومن نافل القول بأنه يجب التمييز بين الاسلام وبين الفكر الديني والثقافة الاسلاموية للحركات الدينية الغوغائية والقوى التكفيرية والجماعات الاصولية المتطرفة، المفارقة لروح زماننا وعصرنا ومعناه الثقافي ولا تحاور، بل تغتال الفكر والعقل والوعي الحضاري وتتبنى ذهنية التحريم، وأن ما تحتاجه ثقافتنا العربية الاسلامية المعاصرة والراهنة هو الفكر الاسلامي المتجدد والمتنور والعقلاني ، الذي يجمع بين الأصالة والمعاصرة وبين العقل والدين. وفي النهاية كلنا أمل بأن ينتصر العقل على الخرافة والجهل والتخلف المعرفي والأسطورة ، وتنتصر الديمقراطية كفاتحة للمستقبل والمشروع الفكري التنويري والنهضوي للخروج من المحنة الراهنة والتخلص من التبعية للامبريالية والاستعمار الجديد واللحاق بركب الحضارة والتقدم.
المقال الموضوع يعبر فقط عن رأي صاحبه وليس بالضرورة عن رأي أو اتجاه الموقع