د.ماجد عزت إسرائيل
أصدر صاحب النيافة الأنبا« دميان» أسقف ورئيس دير السيدة العذراء والقديس أبوسيفين بهوسكتر، والكنائس التي حوله- بألمانيا بيانًا لدعم الكنيسة الكاثوليكية– كنيسة روما- بعد أزمة تقرير ميونيخ الأخيرة المسيئ للكنيسة الكاثوليكية. وجاء هذا البيان من خلال الروابط التاريخية العميقة التي جمعت ما بين الكنيسة القبطية والكنيسة الرومانية. كما لم تنسى كنيستنا موقف الكنيسة الكاثوليكية ودعها للمهاجرين الأقباط ومنحها العديد من الكنائس من أجل الصلاة، ولم ينسى كاتب هذه السطور عندما كان حاضرًا بمؤتمر المهاجرين بألمانيا في(مارس 2017) ما قاله أحد الآباء الكاثوليك حيث ذكر قائلاً: « لقد أَعادَ المهاجرين الأقباط الروح إلى كنائس ألمانيا وأوروبا.. وغيرها من كنائس العالم.. إنها كنيسة الشهداء » .وحقًا كان لأبد من أصدر كنيستناً العريقة الأصولية لهذا البيان لدعم شقيقتها في الإيمان. وهذا هو الدور المنوط به الأسقف في موقعه وهو رعاية بيت الله أو دعم بيوت الله المفتوحة للصلاة "اِحْتَرِزُوا اِذًا لأَنْفُسِكُمْ وَلِجَمِيعِ الرَّعِيَّةِ الَّتِي أَقَامَكُمُ الرُّوحُ الْقُدُسُ فِيهَا أَسَاقِفَةً، لِتَرْعَوْا كَنِيسَةَ اللهِ الَّتِي اقْتَنَاهَا بِدَمِهِ" (سفر أعمال الرسل 20: 28).. ولذلك يشير هذا البيان إلى طلب الصلاة من أجل الكنيسة الكاثوليكية مثلما فعلت الكنيسة من أجل بطرس عندما كان في ضيقة حيث ورد قائلاً: «كَانَ بُطْرُسُ مَحْرُوسًا فِي السِّجْنِ، وَأَمَّا الْكَنِيسَةُ فَكَانَتْ تَصِيرُ مِنْهَا صَلاَةٌ بِلَجَاجَةٍ إِلَى اللهِ مِنْ أَجْلِهِ» (سفر أعمال الرسل 12: 5). نطلب منكم جميعًا الصلاة من أجل أن يحل الله الأزمات ويرفع الفوارق، ويذيب الاختلافات، وتُصيّر الكنيسة واحدة كقصد الله فيها.. "وَجَمِيعُ الَّذِينَ آمَنُوا كَانُوا مَعًا، وَكَانَ عِنْدَهُمْ كُلُّ شَيْءٍ مُشْتَرَكًا..وَالأَمْلاَكُ وَالْمُقْتَنَيَاتُ كَانُوا يَبِيعُونَهَا وَيَقْسِمُونَهَا بَيْنَ الْجَمِيعِ، كَمَا يَكُونُ لِكُلِّ وَاحِدٍ احْتِيَاجٌ. وَكَانُوا كُلَّ يَوْمٍ يُواظِبُونَ فِي الْهَيْكَلِ بِنَفْسٍ وَاحِدَةٍ. وَإِذْ هُمْ يَكْسِرُونَ الْخُبْزَ فِي الْبُيُوتِ، كَانُوا يَتَنَاوَلُونَ الطَّعَامَ بِابْتِهَاجٍ وَبَسَاطَةِ قَلْبٍ، مُسَبِّحِينَ اللهَ، وَلَهُمْ نِعْمَةٌ لَدَى جَمِيعِ الشَّعْبِ. وَكَانَ الرَّبُّ كُلَّ يَوْمٍ يَضُمُّ إِلَى الْكَنِيسَةِ الَّذِينَ يَخْلُصُونَ." (أع 2: 44- 47). والآ عزيزي القارىء أتركك مع البيان التاريخي لصاحب النيافة الأنبا دميان وهذا نصه باللغة العربية:
« بيان الأنبا دميان أسقف شمال ألمانيا
من الكنيسة القبطية الأرثوذكسية في ألمانيا
فيما يتعلق بالتقارير الصحفية الحالية حول تقرير ميونيخ حول حالات الإساءة في الكنيسة الكاثوليكية:
كمسيحيين مصريين، فر الكثير منهم إلى ألمانيا هربًا من الإضطهاد، فإننا،الأقباط، نتابع بأسف واستياء شديد تقارير وسائل الإعلام الألمانية المغرضة عن الكنيسة الكاثوليكية.
مع أكثر من مليار مؤمن، تعد الكنيسة الرومانية الكاثوليكية أكبر كنيسة مسيحية وحتى أكبر مجتمع ديني في العالم. تستحق هذه الكنيسة احترامنا وثقتنا وتقديرنا وامتناننا وحبنا.
نحن كنيسة أخت، مما يعني أننا نشارك الفرح والحزن. لهذا السبب نشعر أن الهجمات على الكنيسة الكاثوليكية تقع علينا نحن أيضا. من الناحية اللاهوتية، كلا كنيستينا أعضاء حقيقية في جسد المسيح.المسيح نفسه هو رأس الكنيسة في العالم كله. نحن الأقباط نشكر الكنيسة الكاثوليكية الشقيقة كثيرًا، خاصة هنا في ألمانيا.نشكرها، ليس فقط، على توفير العديد من دور العبادة حتى نتمكن من القيام بخدماتنا القبطية الأرثوذكسية. نشكرها أيضًا على تدريب شبابنا في المهن الحرفية والروحية في مدارسها وكلياتها وجامعاتها، نشكرها كذلك على عملها الخيري في جميع أنحاء العالم، وكذلك في وطننا الاصلي مصر،والتزامها الكبير بالدفاع عن حقوق الإنسان، ونشكرها أيضًا من أجل العديد من الاجتماعات الهامة والصلاة المشتركة وغيرها من الأنشطة.هذه الكنيسة نعمة لنا وللبشرية جمعاء. سيكون العالم أكثر فقرًا، وسيكون الفقراء بدون مساعدة وبدون صوت قوي بدون هذه الكنيسة. لا يحق لأحد التقليل أو المساهمة في تدمير هذه المؤسسة الجليلة المباركة على أساس قضية واحدة. تسمح حرية التعبير والديمقراطية في جمهورية ألمانيا الاتحادية بالنقد العلني للشخصيات القيادية، وهذا أمر جيد. ومع ذلك، يجب على المرء أن يميز بين النقد البناء الجيد والمهم والنقد الهدام والتشهيري. يجب رفض هذا النوع الأخير من قبل أي شخص لديه اللياقة والاحترام لأخيه الإنسان. يجب عدم التقليل من أي شكل من أشكال إساءة معاملة الأطفال، بغض النظر عن الجناة، ويجب التخلص منه بلا هوادة و بكل شفافية. ولكن ما نرفضه هو الاثارة غير الموضوعية للشكوك بشكل عام وأي تعميم وأي منظور أحادي الجانب. قد يكون هناك العشرات من المعتدين على الأطفال في الجلباب الكهنوتي.ولكن هذا لا يجب أن يخفي حقيقة أن (99٪) من جرائم الاستغلال الجنسي للأطفال ما زالت تُرتكب من قبل أشخاص عاديين ، حتى من قبل أفراد الأسرة في معظم الحالات.لا ينبغي لنا أن نغفل عن حقيقة أنه على الرغم من سوء السلوك من قبل نسبة ضئيلة جدا جدا من الكهنة، فإن الغالبية العظمى من الكهنة الكاثوليك يؤدون خدمتهم في التضحية بالنفس بنزاهة لا تشوبها شائبة ، وهم نعمة للجماعات والمؤمنين ويقدمون خدمة لا غنى عنها لمجتمعنا. تتطلب أزمة الثقة التي نشأت عن إساءة استخدام وسائل الإعلام إجابة عملية، يجب تنفيذ خطة بناءة وتطلعية لاستعادة ثقة الجمهور في الكنيسة بقوة من أجل تجنب العواقب المميتة للتخلص من الكنيسة، وهو ما قد يؤدى إلى إزالة المسيحية من المجتمع الألماني. يجب أن تكون الاستثمارات المكثفة في تربية الأطفال والشباب بهدف الاندماج المبكر في الحياة الكنسية في قلب هذه الخطة للمستقبل ويجب أن تكون محورًا جديدًا للخدمة الكنسي. يجب مواجهة سوء سلوك من يخطيء من قادة الكنيسة بأمانة ونزاهة وشفافية،ولكن يجب عدم إساءة استخدامه في الحملات السياسية أو الأيديولوجية. يجب أن يتم وضع اخطاؤهم في حجمها الحقيقي ومقارنتها بشكل عادل وحيادي مع سوء سلوك قادة الطوائف والأديان والفلسفات والأيديولوجيات السياسية على هذه الأرض.
«مَنْ كَانَ مِنْكُمْ بِلاَ خَطِيَّةٍ فَلْيَرْمِهَا أَوَّلًا بِحَجَرٍ!»" (يو 8: 7). نصلي في الكنيسة القبطية: لأنه ليس إنسان بلا خطية، «ولو كانت حياته يوماً واحداً على الأرض» (سفر أيوب 14: 5). من يشغلوا وظائف الكنيسة الرعوية ليسوا آلهة- يوجد إله واحد فقط! - لكن أناس غير معصومين. حتى بطرس، البابا الأول، مؤسسة الكنيسة ومثالنا، ارتكب العديد من الأخطاء التي قرأنا عنها في الأناجيل، بما في ذلك الإنكار الثلاثي لربه وربنا يسوع المسيحومع ذلك، رغم أنه كان خاطئًا وغير معصوم، فقد كلفه يسوع المسيح بتنظيم كنيسته وجعله راعيها الرئيسي.
نرفض بشدة الطريقة التي يتم التعامل بها مع قداسة البابا الفخري بنديكتوس السادس عشر؛ من قبل وسائل الإعلام، وتلميحاتها والتشهير به. لم يكن يستحق أن يعامل هكذا. إنه يستحق منا التضامن والاحترام والمحبة والثقة والاحترام.إن العالم، وخاصة الكنيسة الجامعة، مدين له بالكثير. هل نسينا عنوان إحدى الصحف اليومية الكبرى: "نحن البابا"؟ والآن، يتبع "أوصنا" في ذلك الوقت دعوة لصلبه الإعلامي ونبذه من المجتمع. ينزف قلبي عندما أرى هذا الرجل الحكيم النزيه وكذلك الكنيسة الكاثوليكية الموقرة يهاجمون، لأن القضية المحزنة المتمثلة في الإساءة تستخدم للتحريض على المذبحة ضد قادتها.
بصفتي أسقفًا مسيحيًا ومواطنًا في هذا البلد، أطلب من وسائل الإعلام الألمانية والجمهور في هذا البلد:دعونا نناقش قضايا الكنيسة بالفطرة السليمة وبروح المسكونية والأخوة، دون تمزيق قادة الكنيسة إلى أشلاء وبدون الإضرار بسمعة الكنيسة!
أطلب من المسيحيين الكاثوليك الثبات في كنيستهم.لنتذكر أننا لسنا في الكنيسة بسبب سلطتها، ولكن من أجل المسيح فقط. لقد وعدنا أنه حتى قوى الجحيم لن تقوي على كنيسته. وبعيدًا عن كل الأخطاء والاضطرابات في عصرنا، فالمسيح هو، مؤسس الكنيسة وربها، هو الطريق الوحيد، الحقيقة والحياة ، ولا يزال كذلك.
هوكستر(26 يناير 2022)
الأنبا دميان»
ترجمة دياكون موريس (وديع منصور)
نص البيان باللغة الألمانية: