الأقباط متحدون - حول إغلاق النوادي الاجتماعية في بغداد
أخر تحديث ٠٣:٠٠ | الثلاثاء ١١ سبتمبر ٢٠١٢ | ٦ نسيء ١٧٢٨ ش | العدد ٢٨٨٠ السنة السابعة
إغلاق تصغير

حول إغلاق النوادي الاجتماعية في بغداد


 عبدالخالق حسين

 
أفادت وكالات الأنباء "أن قوات مسلحة يرتدي أفرادها زي الشرطة الاتحادية قد هاجمت في (4 أيلول 2012)، العديد من النوادي الاجتماعية في بغداد وقامت بالاعتداء على مرتاديها بالضرب وإطلاق الرصاص في الهواء لإخافتهم، فيما ذكر شاهد عيان أن أفراد الشرطة حاصروا العديد من رواد النوادي وانهالوا عليهم بالضرب المبرح."
 
ويذكر أن مجلس محافظة بغداد قام في (26 تشرين الثاني 2010) بإغلاق النوادي الليلية ومحال بيع المشروبات الكحولية في بغداد بحجة أنها لا تملك إجازة بممارسة المهنة. وكتبنا في وقتها خطاباً مفتوحاً للسيد رئيس الوزراء، طالبناه بالتدخل الشخصي لوقف تلك الممارسات التعسفية المناوئة لأبسط الحريات الشخصية وحقوق الإنسان(1). والجدير بالذكر أنه منذ سقوط حكم البعث ظهرت عصابات مسلحة فرضت أحكامها القرقوشية على الناس بالقوة بفرض الحجاب حتى على النساء غير المسلمات، ومنعوا الموسيقى والغناء، وأغلقوا محلات بيع الخمور، وفجروا عدداً منها كما وقتلوا العديد من أصحاب هذه المحلات. وكنا نأمل في وقتها أن هذه الأعمال الاجرامية ستزول بمجرد استعادة السلطة الجديدة نفوذها وتعمل على فرض القانون لحماية أرواح الناس وممتلاكاتهم وحقوقهم وحرياتهم. ولكن، وللأسف الشديد تكررت الممارسات نفسها، وفي عدد منها ليس من قبل المليشيات المنفلتة، بل وحتى من قبل القوات الأمنية المفترض بها حماية أمن الناس وحرياتهم الشخصية.
 
قد يستغرب البعض من موقفي الناقد للسلطة على هذه الممارسات، وخاصة من قبل المؤيدين لها لأسباب دينية وشخصية، وفق مبدأ: "أنصر أخاك ظالماً أو مظلوماً"، ولكن الذي أفهمه عن نصرة أخيك الظالم أن تنصحه بتجنب الظلم، لا أن تؤيده وتشجعه عليه. وآخرون من التطرف الآخر لم يرضيهم النقد الهادئ، إذ يريدونني أن أنضم إلى جوقة التأجيج والتأليب على السلطة، والصراخ بالويل والثبور وعظائم الأمور، أن هذه السلطة هي أسوأ من نظام صدام! فهؤلاء وأولئك لا يرون الأشياء إلا بالأسود والأبيض فقط. 
 
ومما يؤاخذ على المسؤولين، أنه لا يوجد تنسيق بينهم عن هذه الحوادث المأساوية. فكل مسؤول يصرح بشكل مناقض لما صرح به زميله في المؤسسة الحكومية الأخرى، إذ ["قال رئيس لجنة التخطيط في مجلس محافظة بغداد محمد الربيعي في حديث لـ"السومرية نيوز"، إن "مجلس المحافظة والشرطة المحلية ليس لديهما علم بخطة الجهات الأمنية بمهاجمة النوادي الاجتماعية في الكرادة"، معتبراً أن "ذلك لا يرتقي إلى مستوى الدولة والمؤسسات والقانون والإنسانية ولا تقوم به إلا السلطات الدكتاتورية"] (2).
 
ولكن بعد يوم واحد فقط، وصلَنا عن طريق البريد الإلكتروني بيان منسوب إلى الناطق الرسمي لمكتب دولة رئيس الوزراء، والقائد العام للقوات المسلحة، جاء فيه ما يلي:
((ان إجراءات غلق النوادي الاجتماعية والمطاعم الليلية في بغداد خلال الايام الماضية جاءت استنادا لأوامر قضائية واستجابة لشكاوي المواطنين المتضررين من تواجد الحانات والمطاعم والنوادي الليلية غير المرخصة في مناطق سكناھم وبما يتنافى مع التقاليد والأخلاق والقيم الاجتماعية السائدة وأصبح بقائها مثار قلق وإزعاج وتجاوز على الحريات العامة، والأجهزة الأمنية المسؤولة عن تطبيق القانون وحماية الامن نفذت الاوامر الصادرة من القضاء بمهنية وانضباط عالي، والمراجع العسكرية العليا تتابع باھتمام وتتقصى الحقيقة حول ما اثير في الاعلام عن حدوث تجاوزات خلال عملية الغلق وتؤكد ان ما روج من صور وافلام وتقارير مضللة عن الموضوع هي جزء من حملة مغرضة ومريبة تستهدف سمعة المؤسسة الامنية التي ستحاسب بشدة من تثبت ادانته في ھذا الأمر مؤكدة ان من يسيء الى المواطن لا يمثل قيم وتقاليد المؤسسة العسكرية والأمنية العراقية التي تعتز بواجبها  في خدمة وحماية المواطن والدفاع عن الوطن، وعلى أصحاب المحال المشمولة بالغلق مراجعة هيئة السياحة لاستصدار إجازات ممارسة المهنة وفقا للقانون.)) والجدير بالذكر، وكما نشرت صحيفة المدى، أن مجلس القضاء الأعلى تبرأ من قرار غلق النوادي.
 
كذلك أعلن القيادي في المجلس الأعلى الاسلامي، ورجل الدين السيد صدر الدين القبانجي، خلال خطبة صلاة الجمعة (7/9/2012)، أن الإجراءات التي اتخذتها القوات الأمنية بحق النوادي الليلية في العاصمة بغداد تمثل موقفاً صحيحاً وينطلق من الدستور، داعيا إلى غلقها في جميع أنحاء البلاد وإحياء "سنة الامر بالمعروف والنهي عن المنكر". (السومرية نيوز، 7/9/2012)(3)
 
كما وقرأنا تقريراً بعنوان: "الأوقاف النيابية تكشف عن مقترح قانون لمكافحة الخمور". ونتمنى أن لا يعني ذلك منع الخمور كما في السعودية وإيران والسودان، بل عدم تشجيع تناول الخمور عن طريق التثقيف والتحذير بمخاطرها. وسنأتي على هذه النقطة لاحقاً.
 
ومن كل ما تقدم، نعرف أنه تم إغلاق نوادي اجتماعية بشكل استفزازي مخالف للقوانين، وهذا العمل يعتبر إجراء تعسفياً ضد أبسط حقوق الإنسان والحريات الشخصية، إضافة إلى الفوضى في المواقف والتصريحات الرسمية، ودعوات من رجال الدين الذين لهم نفوذ في السلطة، مثل السيد القبانجي، بإغلاق النوادي في جميع أنحاء البلاد وإحياء "سنة الامر بالمعروف والنهي عن المنكر"، أي تطبيق النظام السعودي والإيراني في العراق.
 
لا نعرف ما هي المبررات الحقيقية وراء هذه الحملة، مما يفسح المجال للتكهنات أن الدافع هو أيديولوجي ديني تحت غطاء أن بعض النوادي التي تم إغلاقها غير مرخصة، وان بعضها أثارت استياء السكان  فقدموا شكاوى إلى المسؤولين الأمنيين، وأن هذه الاجراءات جاءت استجابة لطلبات السكان! على أي حال، أن ردود الأفعال لم تكن في صالح الحكومة ولا للبلاد. فلا شك أن هذه السياسة تقود البلاد إلى الهاوية، وتلحق أشد الأضرار بالعراق وشعبه ومستقبله، لا لأن مستقبل العراق يعتمد على النوادي والملاهي والخمور، بل لأن هذه الاجراءات التعسفية تعطي الذخيرة الحية لأعداء العراق الجديد للتصيد بالماء العكر. فالحكومة العراقية، وبالأخص رئيسها السيد نوري المالكي لا ينقصهما أعداء. فأعداء المالكي كثيرون في الداخل والخارج، يتربصون به الدوائر ويستغلون كل صغيرة وكبيرة لشن حملات التأليب والتشويه ضده، بل وحتى اختلاق المزيد منها وتحويلها إلى مواد صحفية دسمة للنيل منه ومن حكومته وكتلته، بل وحتى من الطائفة التي ينتمي إليها. فكثيراً ما نسمع أن الشيعة كانوا مظلومين في عهد حكم البعث الصدامي، ولكن بعد أن تخلصوا من البعث وشاركوا في السلطة تحولوا إلى ظالمين، وأنهم فشلوا في الحكم!!
فالسيد المالكي ومساعدوه وحزبه وكتلته (التحالف الوطني) يعرفون جيداً أن لهم أعداء شرسون يتمتعون بالخبرة الواسعة في التضليل، ويمتلكون وسائل إعلام مؤثرة في استغلال الفرص للنيل منهم. وعلى سبيل المثال لا الحصر نذكر بعضاً من هذه الأقلام: 
كتب السيد عدنان حسين  في صحيفة (المدى) مقالاً بعنوان: (أسوأ من نظام صدام)، جاء فيه:
"حكومة السيد نوري المالكي زعيم حزب الدعوة الإسلامية وائتلاف "دولة القانون" تُثبت من جديد انها حكومة سيئة للغاية، تفوق نظام صدام حسين في السوء، فالنظام الساقط منذ نحو عشر سنوات لم يتجرأ على التجاوز بهذا القدر من الصلافة على الحريات الشخصية." 
ففي رأي السيد عدنان حسين، النظام الحالي أسوأ من نظام صدام لأن صدام لم يغلق نوادي ليلية، ولكننا نعرف أنه أغلق الحسينيات، ونشر المقابر الجماعية في طول البلاد وعرضها، وتسبب في قتل نحو مليونين عراقي، وتشريد نحو 4 ملايين عراقي إلى الشتات، وهجَّر مليون من الشيعة العرب والكرد الفيلية بتهمة التبعية لإيران، وأهلك الزرع والضرع، ودمر الاقتصاد العراقي حيث صارت قيمة  الدينار العراقي لا تساوي قيمة الورقة التي طبع عليها...الخ، فهذه الجرائم دون غلق عدد من النوادي في رأيي كاتب المدى، ولذلك فالنظام الحالي أسوأ من نظام صدام!!
 
وليت الأمر توقف عند هذا الحد، بل ادعى زميل له في نفس الصحيفة أن مدير مكتب المالكي قال "لا مكان للمسيحيين في العراق" جاء فيه: " إذنْ ليس علينا إلا أن نسمع و نطيع، فقد تصور الفريق فاروق الاعرجي مدير مكتب القائد العام للقوات المسلحة، أن اهالي بغداد مجموعة من السبايا والعبيد في مملكته، ليس مطلوبا منهم سوى الاستماع إلى تعليماته و تنفيذ ما يأمر به، و أن يقولوا له بصوت واحد: سمعاً و طاعة يا مولانا.. أعطنا يدك لنقبلها".
 
كما واستعار البعض مجموعة من صور لكنيسة في الكرادة احتلها الإرهابيون ودمروا اثاثها ومحتوياتها قبل سنوات، فقاموا الآن بتوزيعها بالبريد الإلكتروني بعنوان: (المالكي يأمر بإرهاب عوائل وأطفال ألمسيحيين بغية تهجيرهم من وطنهم الاصلي)، والإدعاء بأن تدمير الكنيسة حصل حديثاً من قبل رجال المالكي لإجبار المسيحيين على الهجرة.
 
وبناءً على هذه التداعيات وغيرها كثير، نرى أن قرار غلق النوادي والملاهي ومحلات بيع الخمور كان تعسفياً وغير مدروس، وقد أحرج موقف الذين يدعمون العملية السياسية، ويسعون لدعم الديمقراطية وإنجاحها، وأعطوا ذرائع لأعداء الديمقراطية للتأليب على السطة وابتزازها. فهل انتهت الحكومة من كل مشاكل العراق مثل الإرهاب البعثي- الوهابي، ووفرت الخدمات للشعب كي تتوجه الآن إلى قضية النوادي؟ وهل غلق النوادي له أولوية على الإرهاب، وهل رواد النوادي يشكلون تهديداً على الأمن الوطني؟ 
لهذه الأسباب نعتقد أنه كان على الذين اتخذوا هذا القرار أن يستشيروا المختصين في علم الاجتماع وعلم النفس، والتربويين وغيرهم من أصحاب الخبرة في هذا المجال وتدارسه، وإذا كانت هناك نواد غير مجازة كان يجب إنذارها مباشرة وفي الصحف قبل الإقدام على أخذ هذا الاجراء. فنحن نعيش في عصر العلم ولسنا في العصور الغابرة، ولا يمكن استعارة حلول من الأزمنة الغابرة لمواجهة مشاكل القرن الحادي والعشرين، إضافة إلى كون العراق الآن يحكمه نظام ديمقراطي المفترض به أن يحترم حق التنوع في كيفية ممارسة الناس لحياتهم، وحقهم في الاختلاف.
 
إن النوادي والملاهي والمقاهي والمسارح وغيرها، لها وظائف اجتماعية ترفيهية يلجأ إليها الناس بعد عناء العمل للترويح عن النفس وتخفيف المتاعب، ليقضوا ساعات ممتعة مع أصدقائهم وزملاءهم، وهي صمام أمان لتخفيف الضغوط النفسية التي إن تركت تتراكم ستتحول إلى أمراض وعقد نفسية. ففي الدول المتحضرة تقدم المسارح والتلفزيونات مسلسلات فكاهية حيث يقف فنان كوميدي على المسرح يضحك الناس لساعة أو أكثر، وهذه البرامج تعتبر علاجاً نفسياً للناس. 
 
أما الخمور، فرغم أني لست من مشجعيها لما لها من أضرار صحية واجتماعية، ولكني قطعاً ضد منعها بقوانين صارمة لأن كل ممنوع متبوع، حيث أثبتت البحوث أن استهلاك الخمور في الدول التي فرضت المنع أكثر مما في الدول التي تسمح بتناولها. وفي هذا الخصوص كتب الأستاذ الدكتور حسين رستم، المختص في الأمراض النفسية: "هناك حلان لمعالجة اضرار المشروبات الكحولية، الاول هو منع انتجاها وبيعها واستهلاكها  باسم الدين او القانون. والثاني، السيطرة على انتاجها وبيعها واستهلاكها للحد من ضررها. الحل الاول ثبت فشله، و دول الخليج، وخاصة السعودية دليل على ذلك. في دول الخليج المنع العلني يرافقه استهلاك سرّي اكبر من الاستهلاك العلني في بلد مثل لبنان، وما علينا إلا الاخذ بالحل الثاني."
 
لذلك، فأفضل طريقة لمعالجة أضرار الخمور هي عن طريق التثقيف ورفع أسعارها، والتحذير من مخاطرها. أما الطريقة التي تريد الأوقاف النيابية فرضها لمكافحة الخمور فهي طريقة فاشلة ونتائجها وخيمة وعلى الضد مما يتوخون منها. ففي حالة المنع القسري يلجأ الناس إلى التهريب، وإلى صناعة الخمور في البيوت، وحتى إلى تناول بعض المواد السامة مثل القولونيا وغيرها بغية السكر، إذ نسمع بين حين وآخر عن حوادث مؤسفة بموت العشرات في باكستان أو السعودية وغيرهما من الدول التي منعت الخمور. كذلك تفيد التقارير أن أكبر نسبة من المدمنين على المخدرات هي في إيران الإسلامية وليس في تركيا العلمانية التي تبيح بيع الخمور.
 
وبالعودة إلى إغلاق النوادي، نقول، لا نتوقع من رجل دين مثل السيد صدرالدين القبانجي أن يدافع عن النوادي والملاهي ويتخذ موقفاً متساهلاً من الخمور، فمسؤوليته الدينية لا تسمح له بذلك، ولكن من الجانب الآخر، نقول إنما الدين النصيحة، ولا إكراه في الدين، وفي هذه الحالة، فدور رجل الدين ينحصر في تقديم النصيحة وليس فرض آرائه بالقوة، وما على الرسول إلا البلاغ. فالحياة ليست فقط عبادة ولطم وعزاء ومناحات وبكاء على كوارث ومظالم حصلت في الأزمنة الغابرة، إذ قال الله تعالى: "ولا تنس نصيبك من الدنيا". 
 
أما موقف الإسلاميين المعادي للموسيقى والغناء والمرح والضحك والترفيه، فهو الآخر مدمر للإنسان والمجتمع. لذلك، اعتقد جازماً أن لهذا الموقف المتزمت دوراً كبيراً في تخلف العرب والمسلمين، وتفشي الأمراض النفسية والعنف في مجتمعاتهم. إذ هناك بحوث علمية تفيد أن الموسيقى تزيد من ذكاء الإنسان بنسبة 40%. فالموسيقى غذاء للروح وتهذيب للنفوس، بل وتفيد حتى في علاج العديد من الأمراض النفسية والتوترات العصبية. قال نيتشة في هذا الخصوص: "لولا الموسيقى لكانت الحياة ضربا من الخطأ"، وعن حاجة الإنسان إلى المرح والضحك قال: "في كل انسان حقيقي يختبئ طفل صغير يبحث عن المرح".
 
إن مشكلة حملة الأيديولوجيات الشمولية أنهم إذا ما جاؤوا إلى السلطة يريدون قولبة المجتمع وفق أيديولوجيتهم بالقوة، ويعاملون شعوبهم كأطفال قاصرين، يفرضون عليهم طريقة حياتهم وتفكيرهم، وماذا يلبسون ويأكلون ويشربون. وهذا خطأ. نؤكد لهؤلاء أنه لا يمكن إيقاف الحضارة فهي كالقدر المكتوب وأي شعب لا يتقدم ينقرض، فالحضارة حتمية وتسحق بعجلاتها الثقيلة كل من يقف سداً مانعاً بوجهها. 
فكما يختلف البشر بأشكالهم، كذلك يختلفون في آرائهم وأفكارهم وطريقة حياتهم. وقد أكد الله تعالى هذه الحقيقة في الآية: "ولو شاء ربك لجعل الناس أمة واحدة ولا يزالون مختلفين"(هود/118). ألم يقل النبي محمد (ص): "إختلاف أمتي رحمة"؟
 
لذلك، نذكر السادة المسؤولين أن لكل مشكلة حل خاص بها، ولا يمكن تطبيق نفس الحل بالقسر والإكراه على كل القضايا. يقول السايكولوجست الأمريكي أبراهام ماسلو: "إذا كانت المطرقة هي آلتك الوحيدة، فتعامل كل شيء كمسمار." يبدو أن المسؤولين في بغداد طريقتهم الوحيدة لمواجهة المشاكل هي إغلاق النوادي الاجتماعية ومحلات بيع الخمور ومنع الموسيقى والغناء. والسؤال الذي نود طرحه على المسؤولين هو: من الأكثر خطراً على أمن وسلامة الناس، الإرهابيون أم النوادي الاجتماعية؟ بالطبع الإرهابيون. لذلك كان على رجال الأمن توفير طاقاتهم لمحاربة الإرهاب بدلاً من إشغال أنفسهم بملاحقة ناس مسالمين يبحثون عن ساعات قليلة من المتعة والترويح عن النفس. 
 
ومن كل ما تقدم نستنتج أنه من الخطأ إغلاق النوادي ومحلات بيع الخمور، ومحاربة الفنون الجميلة وفرض الحجاب وغيره بالقوة على الناس، خاصة في بلد ديمقراطي، شعبه يتكون من عدة مكونات دينية. فليس من حق أية مكونة فرض إرادتها وطقوسها الدينية وأسلوب حياتها على المكونات الأخرى، فالخمور ليست محرمة في المسيحية وغيرها. كذلك، هناك شريحة واسعة من المسلمين غير متدينين يشربون الخمر، ومنعهم بالقوة يعتبر تجاوزاً على حقوق الإنسان، إضافة إلى أنه يتسبب بنتائج عكس المراد منه، وتخلق السلطة لنفسها المزيد من الأعداء بدون مبرر معقول.
لذلك ننصح المسؤولين بعدم اتخاذ مثل هذه الاجراءات التعسفية لأن نتائجها ستكون وبالاً عليهم وعلى الشعب. 
 
abdulkhaliq.hussein@btinternet.com  العنوان الإلكتروني 
http://www.abdulkhaliqhussein.nl/  الموقع الشخصي
http://www.ahewar.org/m.asp?i=26  أرشيف الكاتب على موقع الحوار المتمدن:
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
هوامش:
1- عبدالخالق حسين: خطاب مفتوح إلى دولة رئيس الوزراء 
http://www.abdulkhaliqhussein.nl/?news=424
 
2- بغداد تنفي علمها بخطة مهاجمة النوادي الاجتماعية وتحذر من هجرة الأقليات إلى الخارج
http://www.akhbaar.org/home/2012/9/135127.html
 
3- الأوقاف النيابية تكشف عن مقترح قانون لمكافحة الخمور
http://www.akhbaar.org/home/2012/9/135086.html
 
4- القبانجي يدعو إلى غلق النوادي الليلية وإحياء "سنة الامر بالمعروف والنهي عن المنكر"
http://www.akhbaar.org/home/2012/9/135176.html
 
5- أ.د. حسين رستم: المشروبات الكحولية وأضرارها
http://www.akhbaar.org/home/2012/9/135210.html

More Delicious Digg Email This
Facebook Google My Space Twitter
المقال الموضوع يعبر فقط عن رأي صاحبه وليس بالضرورة عن رأي أو اتجاه الموقع