الأنبا موسى
الشباب هم نصف المجتمع، وهم الطاقة الحيوية الكامنة فى العالم والوطن. من هنا كان لابد من تقديم الرعاية المناسبة لهم، فهم نصف الحاضر وكل المستقبل، إذ يتسلمون التدين السليم، والمبادئ والسلوكيات مـن جيل، ويسلمونه للجيل الذى يليهم.
أولا: الشباب الذى نريده:
1- شخصية متزنة:
- الحقيقة أن التوازن مطلوب بمعنى أن نسعى نحو شخصية متوازنة، تتمسك بإيمانها وعقيدتها، لكن فى اتساع قلب يشمل جميع الناس، وتتمسك بتراثها وأصالتها دون أن ننفصل عن واقعها الاجتماعى والعصرى، وتنمو روحيًا فى حياة القداسة والنعمة دون أن تهمل النمو الثقافى، والوعى بالعصر، والتفاعل مع المجتمع، والقيام بدور فى خدمة الوطن. وهكذا تنمو الشخصية بطريقة إيجابية، بحيث تسهم فى الخدمة، وكذلك فى تحسين البيئة من حولها.
2- شخصية متكاملة:
تستطيع أن تنجح فى مجال العمل ومجال المواطنة، فنحن لا نربى شبابنا ليحيا فى قوقعة مغلقة، فالغالبية ستكون أسرات، وتحتك بالمجتمع، ولابد من تربيتها على هذا الأساس، وهذه فى حد ذاتها بركة كبيرة، إذ من خلال هذا الاحتكاك، تنشر المحبة، وفرص الخدمة والعطاء المحب.
3- شخصية طموحة:
طموحات الشباب الآن هى باختصار: الحق فى الحياة، ولا يمكن أن يكون هناك حديث عن شباب اليوم، دون أن نتكلم عن الظاهرة الثلاثية، وهى «التطرف، البطالة، الإدمان».
أ- أما عن التطرف: فالتدين السليم، والرعاية الروحية، والفكرية، والنفسية، والاجتماعية لشبابنا، ستخلق منهم شخصيات سوية غير قابلة للتطرف.
ب- أما عن البطالة: فلابد من إعادة توجيه شبابنا ألا ينتظروا الوظيفة، بل أن يكون لهم مشروعهم الخاص، وروح الابتكار والدينامكية.
ج- أما عن الإدمان: فالشخصية السوية لا تدمن، والشخصية الواعية (من خلال برامج مكثفة، وإصدارات نقوم بها بين الشباب) يجعلها لا تسقط فريسة للإدمان.
نحن ببساطة نستطيع أن ندرك أسباب هذه الظاهرة، وكيفية الخروج منها من خلال: الرعاية الشاملة الجماعية والفردية، لأجيالنا من جهة: الروح والذهن، والنفس، والجسد، والعلاقات الاجتماعية، فهذه هى الزوايا الخمس للشخصية الإنسانية، ويجب أن تشبع وتستنير، لنحصل على شباب متكامل ناجح فى كل المجالات بنعمة الله، له شخصية متناسقة قادرة على الإشعاع الإيجابى فى كل مكان وزمان.
ثانيًا: إذن ما الحل؟ يكمن الحل فى:
1- التأصيل الروحى للأجيال الصاعدة: من خلال الرعاية الروحية العائلية والفردية، والتعليم، وإشباع كافة احتياجات الإنسان، بل وكل إنسان.
2- التأصيل الدينى السليم: والإيمان بالإله الواحد، والبعد عن الإلحاد المدمر بكل أشكاله. وعدم التأثر بأى فكر غريب يأتى إليه من وسائل التواصل الاجتماعى أو غيرها.
3- التأصيل الثقافى: حينما يشبع العقل بالقراءة والثقافة والعلوم الإنسانية، وكافة إنجازات الإنسان عبر عصور التاريخ، وجغرافيا الأجناس، والفلسفات والقيم والهوية.
4- الارتباط الأسرى: ومعروف أن إغلاق مواقع التواصل الاجتماعى والتليفزيون لمدة شهرين (كما ثبت من تجربة علمية)، أدى إلى:
أ- تزايد العلاقات الأسرية، وتماسك الأسرة. ب- تزايد العلاقات الاجتماعية، والتزاور بين العائلات. ج- تزايد اهتمام الشباب بالقراءة.
5- التأصيل التاريخى: فلا شك أن الأجيال الحالية لا تشبع وجدانيًا داخل الأسرة، بسبب ضغوط الحياة العصرية، الأمر الذى يحدث معه نوع من الفراغ الوجدانى، الذى يمكن أن تملؤه إيحاءات الغريزة وإيحاءات الشيطان، لذلك يجب أن نعود إلى الأسرة المترابطة، والبيت الشبعان بالسلام، والتماسك فى وحدة، فهذا يسعد أعضاء الأسرة، فلا يجوعوا إلى طعام غريب، بل تكون لديهم القدرة على الاختيار الصحيح من المواقع الإلكترونية والبرامج والمجلات والأصدقاء.
فليساعدنا الرب لنقدم لأجيالنا هذا الشبع، والكتاب المقدس يقول: «اَلنَّفْسُ الشَّبْعَانَةُ تَدُوسُ الْعَسَلَ، وَلِلنَّفْسِ الْجَائِعَةِ كُلُّ مُرّ حُلْوٌ» (أم 27: 7) «فكم بالحرى عسل الخطية المسموم!!».
ثالثًا: جوانب فى حياة الشباب لابد من تنميتها:
1- القيادة والإدارة: بأن نقدم أفكارًا للقادة من أجل تكوين القائد الفعال، الذى يعطى مجموعات الشباب فرصة الانطلاق السليم، مع إقامة دورات تدريبية على (القيادة - إدارة الوقت - الحوار الناجح - كيفية التعامل مع الآخر- مهارات قيادية - حل المشكلات - إدارة الأزمات... إلخ).
2- المشاركة الوطنية: وتهدف إلى:
أ- تنمية الجانب الوطنى فى وجدان الشباب.
ب- مشاركة الشباب فى الحياة العامة والوطنية والسياسية.
ج- المساهمة فى بناء الوطن.
د- العمل على تنمية علاقات الود والمحبة والتلاحم بين أبناء الوطن الواحد.
3- التنمية الاقتصادية: وتقوم بعملها عن طريق أربعة محاور:
أ- تغيير ونشر فكر التنمية الاقتصادية.
ب- التوظيف والتدريب.
ج- المشروعات الصغيرة والتسويق.
د- الاستفادة من قوانين ومؤسسات الدولة، والمؤسسات الأهلية العاملة فى نفس المجال.
4- التنمية الثقافية: لتشجيع الشباب على تنمية ثقافتهم وقراءاتهم، وصولا إلى إدراك روح العصر ومشكلاته وقضاياه، كذلك لتوفير ما يحتاجه الشباب من مادة مرجعية فى مجال الثقافة، بالإضافة إلى فتح حوار ثقافى مع التيارات الفكرية المتعددة فى المجتمع، كذلك تنسيق وتبادل الخبرات، بين مختلف القيادات الشبابية وإنماء قيادات شبابية وتعميق اتجاهات رئيسية ومهمة فى خدمة الشباب.. ونعمة الرب تشملنا جميعًا.
نقلا عن المصري اليوم