هاني صبري - المحامي
قررت محكمة جنايات القاهرة الدائرة السادسة عشر المنعقدة بالتجمع ، التنحي عن نظر جلسة المحاكمة لاستشعارها الحرج عن نظر القضية المعروفة إعلاميًا بقضية الآثار الكبرى، المتهم فيها رجل الأعمال حسن راتب وعلاء حسانين وآخرين، . لاتهام الأول بتشكيله وإدارته عصابة بغرض تهريب الآثار إلى خارج البلاد، وإتلافه آثارًا منقولة بفصل جزء منها عمدًا، وإتجاره في الآثار واشتراكه مع مجهول بطريق الاتفاق في تزييف آثار بقصد الاحتيال، وإعادة ملف القضية لمحكمة استئناف القاهرة لتحديد دائرة أخرى لنظر القضية.
أن استشعار الحرج مبدأ يكفله القانون ولكنه في بعض الأحيان قد يثير الرأي العام.
استشعارًا الحرج هذا قد يرجع لأسباب شخصية، منها؛ أن أحد القضاة الذين ينظرون الدعوى لهم علاقة مودة أو خصومة مع أحد المتهمين، أو لأسباب أخرى يرى القاضي الحرج فيها، وينحّي نفسه بنفسه عن نظر الدعوى.
حيث إن الدستور والقانون أعطيا القاضي الحق في التنحي عن نظر الدعوى حال توافر أحد الأسباب المنصوص عليها في القانون، وبالتالي هذا حق قانوني لكافة القضاة.
حيث أن القانون أجاز للقاضي التنحي عن نظر قضية أسندت إليه إذا استشعر الحرج وكان هناك شئ يعوقه عن نظره لها، ولم يلزمه بذكر أسباب التنحي فهي مسألة تقديرية للقاضي.
وعليه إذا استشعر الحرج أن يقدم خطاباً لرئيس محكمة الاستئناف يطلب منه تحديد دائرة أخري لنظر القضية، والقاضي وحده صاحب القرار ولا سلطان عليه سوي ضميره والقانون.
ويستفاد ذلك من نص المادة(150) من قانون المرافعات أنه:- للقاضي في غير أحوال الرد إذا استشعر الحرج من نظر الدعوي لأي سبب أن يعرض أمر تنحيه علي المحكمة في غرفة المشورة أو علي رئيس المحكمة للنظر في إقراره علي التنحي.
وحددت المادة(151) مرافعات وجوب تقديم طلب الرد أو التنحي من القاضي نفسه قبل تقديم أي دفع أو دفاع وإلا سقط الحق فيه إلا إذا أثبت طالب الرد أنه لم يعلم بأسباب الرد إلا بعد مضي تلك المواعيد.
وهناك حالات يمتنع فيها القاضي عن نظر الدعوي والفصل فيها وذلك وفقاً لنص ( ٢٤٧ ) من قانون الإجراءات الجنائية سواء تمسك أطراف الدعوي بهذه الأسباب أم لم يتمسكوا به وهي.
١- إذا كانت الجريمة قد وقعت عليه شخصياً.
٢- إذا كان قد قام في الدعوي بعمل مأمور الضبط القضائي أو بوظيفة النيابة العامة أو الدفاع عن أحد الخصوم.
٣- أدي شهادة أو باشر عملا من أعمال الخبرة.
٤- إذا كان قد قام في الدعوي بعمل من أعمال تحقيق أو إحالة أو أن يشترك في الحكم.
وأن من أسباب تنحي المحكمة عن نظر القضية هي إذا كانت هناك صلة قرابة أو مصاهرة سواء لرئيس الدائرة أو عضو فيها، وكذلك انتدابه بجهة تتعلق بالقضية، أو مرضه وغيرها من الأسباب التي يري القاضي أنها تعوقه أو تؤثر علي سير القضية . وعن الحالات التي لا ينظر بها القاضي الدعوى؛ فقد حددت المادة ( ١٤٦ ) من قانون المرافعات الحالات على سبيل الحصر ولو لم يرده أحد الخصوم في الأحوال الآتية:
(١) إذا كان قريبا أو صهرا لأحد الخصوم إلى الدرجة الرابعة.
(٢) إذا كان له أو لزوجته خصومة قائمة مع أحد الخصوم في الدعوى أو مع زوجته.
(٣ اذا كان وكيلا لأحد الخصوم في أعماله الخصوصية أو وصيًا عليه أو قيما أو مظنونة وراثته له أو كانت له صلة قرابة أو مصاهرة للدرجة الرابعة يوصي أحد الخصوم أو بالقيم عليه أو بأحد أعضاء مجلس إدارة الشركة المختصة أو بأحد مديريها وكان لهذا العضو أو المدير مصلحة شخصية في الدعوى.
(٤) إذا كان له أو لزوجته أو لأحد أقاربه أو صهاره على عمود النسب أو لمن يكون هو وكيلا عنه أو وصيا أو قيما عليه مصلحة في الدعوى القائمة.
(٥ إذا كان قد أفتى أو ترافع عن أحد الخصوم في الدعوى أو كتب فيها ولو كان ذلك قبل اشتغاله بالقضاء أو كان قد سبق له نظرها قاضيا أو خبيرا أو محكما أو كان قد أدى شهادة فيها.
وإذا قام أي سبب من هذه الأسباب علي القاضي أن يتنحي من تلقاء نفسه عن نظر الدعوي وإلا كان حكمه باطلاً ، ونصت المادة (١٤٧) مرافعات يقع باطلاً عمل القاضي أو قضاؤه في الأحوال السابقة ولو تم اتفاق الخصوم وإذا وقع هذا البطلان في حكم صدر من محكمة النقض جاز للخصم أن يطلب فيها إلغاء الحكم وإعادة نظر الطعن أمام دائرة أخرى.
في تقديري أنه لا يوجد فارق بين أسباب عدم صلاحية القاضي وأسباب رده فجميعها تجعل القاضي غير صالح لنظر الدعوي والفارق الوحيد أن الأولي لا تحتاج إلي أن يتمسك بها أحد من الخصوم لأنها من النظام العام أما الثانية فيجب أن يتمسك بها الخصوم وكذلك فإن المادة(248) إجراءات جنائية تعتبر المجني عليه فيما يتعلق بطلب الرد بمثابة خصم في الدعوي.
وبناء عليه بعد تنحي قضاة الدائرة السادسة محكمة جنايات القاهرة عن نظر القضية ، سوف يحدد رئيس استئناف محكمة القاهرة دائرة أخري لنظر هذه القضية.