ايمن منير
سألتني مُحدثتي من هو المسيح ..!
فاجبتُها ..
وقت المُحاكمة يقول البشير مَرقُس 14: 61-64
" أما هو فكان ساكتاً ولم يُجب بشيئ . فسألهُ رئيس الكهنة أيضاً : أأنت المسيح إبن المُبارك ..! فقال يسوع : أنا هو .. فمزق رئيس الكهنة ثيابهِ وقال : ما حاجتنا بعد إلى شهود .. قد سمعتُم التجاديف . فحكموا عليهِ أنهُ مُستوجب الموت"
أليس هذا غريبا ..! ماذا قال المسيح حتى يُمزق رئيس الكهنة ثيابهِ ويكسر الوصيةِ ( لاويين 10: 6 ) مُعرضاً نفسهِ للموت ..! وما هي التجاديف ألتي قالها المسيح حتى تجعل رئيس الكهنةِ في غير حاجةً إلى شُهود، ويُصدر الحُكم فوراً بالموت ..! لقد قال : " أنا هو "
في لغتنا الجميلة " أنا هو " لا تعني شيئاً يستوجب كل غضب رئيس الكهنةِ ..! لكن في اللغة الأصلية التي سمعها السامعُون وقتها تعني إسم الجلالة الله " أنا هو الذي أنا هو " ( خروج 3: 14 ) .
فحينما سأل رئيس الكهنة السيد المسيح : " أأنت بن المُبارك ..! " قال له : " أنا الله " فحقَّ للرئيس ان يُمزق ثيابهِ ويقول : سمعتم التجاديف ..! إنسان يقول عن نفسهِ إنهُ الله .. إنهُ مُستوجب الموت .
يوحنا 10: 33
" أجابهُ اليهود قائلين : لسنا نرجمك لأجل عملً حسن بل لأجل تجديف فإنك وأنت إنسان تجعل نفسك إلهاً "
ثم قُلت لها : إن المُعول عليهِ هو اللغة الأصلية وفهم السامعين لها ..! لقد فهم سامعو المسيح ما يَعنيهِ بكلامهِ فقد كان يُعلن لهُم أنهُ الله .
يوحنا 19: 7
" أجابة اليهود ( أجابوا بيلاطس الوالي ) : لنا ناموس وحسب ناموسنا يجب أن يموت لأنهُ جعل نفسهِ بن الله" .. ثم صرخوا : " اُصلبهُ ..! اُصلبهُ ..! " .. فقال لهُم بيلاطس : " خذوه أنتُم واصلبوه لأني لست أجد فيهِ علة " فأجابهُ اليهود بالقول السابق والذي فهموهُ من كلامهِ معهُم .
لقد فهم اليهود معنى البنوةِ لله وهو أنها تمام المُعادلة لله
يوحنا 5: 17، 18:
"فأجابهُم يسوع : أبى يعمل حتى الآن وأنا أعمل .. فمن أجل هذا كان اليهود يطلبون أكثر أن يقتلوه لأنه لم ينقُض السبت فقط بل قال إن الله أبوه مُعادلاً نفسهِ بالله" .
يوحنا 8: 56-58
قال المسيح : " أبوكم إبراهيم تهلل بأن يرى يومي فرأى وفرح " .. فقال له اليهود : " ليس لك خمسون سنة بعد أفرأيت إبراهيم ..! " .. قال يسوع : "الحق الحق أقول لكم قبل أن يكون إبراهيم أنا كائن " . فرفعوا حجارةً ليرجموه .
هُنا يُعلن السيد المسيح ألوهيتهِ فكلمة
" كائن " ( دائم الوجود ) هي " يهوه " اسم الجلالة ( يهوه الوهيم - الاسم المُبارك - لذلك سأل قيافا المُخلص قائلاً أأنت بن المُبارك فقال انا هو وهذا الإسم هو نفس المُرادف يهوه - الوهيم في اللُغة الاصلية وهي العبرية ) " الكائن والذي كان والذي يأتي " .. وعرف اليهود المعنى لذلك رفعوا حجارةً ليرجموه .
السيد المسيح هو الوحيد الذي لم يتردد أبداً في أقوالهِ .. لم يؤجل سائلاً وجَّه إليهِ سؤالاً بحُجَّة إنهُ سوف يسأل من أرسلهُ .. ولم يقُل أبداً " هكذا قال السيد الرب " لكنهُ كان يقول "سمعتُم إنه قيل أما أنا فأقول" وهذا القول في مُنتهى الخطورةِ إذا كان من شخص عادي ..! فهو يقول إنهُ يُكمل شريعة موسى " أما أنا فأقول ..! " .. فالمسموح لهُ أن ينطق بهذا القول هو أعلى من موسى أو هو الله نفسهِ .. ولا يُمكن لأحد أقل من مُعلِن شريعة موسى أن يقول هذا .. فلابُد أن يكون قائل " أما أنا فأقول " هو الله نفسهِ الذي لهُ حق توضيح قانونهُ حتى يستطيع الناس تطبيقهُ ( مثل حق المُشرع في وضع اللائحةِ التفسيريةِ لتشريعهِ ) . المسيح هو الوحيد الذي لم يعتذر أو يُناقض نفسهِ بل قال : " السماء والأرض تزولان ولكن كلامي لا يزول" ( مرقس 13: 31 )
الكتاب المُقدس يُعلمنا أن العبادة والسجود لله وحدهُ
لوقا 4: 8 "للرب إلهك تسجُد وإياهُ وحدهُ تعبُد"
يوحنا 4: 24 " الله روح والذين يسجدون لهُ فبالروح والحق ينبغي أن يسجدوا " .
ومع هذا نجد السيد المسيح يقبل هذا السِجود من كثيرين دون اعتراض :
من الأبرص في متى 8: 2 "وإذا أبرص قد جاء وسجد لهُ قائلاً : يا سيد إن أردت تقدر أن تُطهرني .. فمد يسوع يدهُ ولمسهُ قائلاً : اُريد فاطهر " .. ولم يُصلي لذأتهِ ليُعلمنا كما بالكثير من المُعجزات والكثير ايضاً الذي تم مثل هذه المُعجزة .. فقط قال اُريد .. ومَن الذي يُريد فيكون للوقت ..!
من المولود أعمى يوحنا 9: 35-38 " أؤمن يا سيد وسجد لهُ "
من التلاميذ متى 14: 33 " والذين في السفينة جاءوا وسجدوا لهُ قائلين بالحقيقةِ أنت إبن الله " .
من توما يوحنا 20: 27-29 " أجاب توما وقال لهُ : ربى والهي "
آخرون يؤكدون ألوهيتهِ :
من تلاميذهِ :
بولس في فيلبي 2: 9-11 " لذلك رفعهُ الله أيضاً وأعطاهُ إسماً فوق كل إسم لكي تجثوا بإسم يسوع كل ركبةً ممن في السماء ومَن على الأرض ومن تحت الأرض ويعترف كل لِسان أن يسوع المسيح هو رب لمجد الله الآب "
بولس في تيطس 2: 13 " مُنتظرين الرجاء المُبارك وظُهور مجد الله العظيم ومُخلصنا يسوع المسيح " .
بُطرس في متى 16: 15-17 " قال لهم وأنتم من تقولون إني أنا .. فأجاب سمعان بُطرس وقال : أنت هو المسيح إبن الله الحي "
بُطرس في أعمال 2: 36 " فليعلم يقيناً جميع بيت إسرائيل أن الله جعل يسوع هذا الذي صلبتموهُ أنتُم رباً ومسيحاً " .
يوحنا المعمدان في لوقا 3: 22 " ونزل عليهِ الروح القُدس بهيئةً جسميةً مثل حمامةً وكان صوت من السماء قائلاً : أنت إبني الحبيب بك سُررت " .
توما في يوحنا 20: 28 " أجاب توما قائلاً : ربي وإلهي "
إستفانوس في أعمال 7: 59 " فكانوا يرجمون إستفانوس وهو يدعوا ويقول : أيُها الرب يسوع إقبل روحي" .. ونحن نعرف أن لا أحد يستطيع أن يأخذ الروح إلا مُعطيها ومعنى قول إستفانوس للمسيح " إقبل روحي" إعتراف بألوهيتهِ وأنه الوحيد الذي له حق أخذ الروح .
الذين لم يؤمنوا بألوهيتهِ :
من اليهود :
على الرغم من عدم إيمانهِم بألوهية السيد المسيح يعترف كتابهِم بذلك : إشعياء النبي في 7: 14 " يُعطيكم السيد نفسهُ آية .. ها العذراء تحبل وتلد إبناً وتدعوا إسمهُ عمانوئيل ( ومعناه : الله معنا ) . "
ما رأيك أين المعجزة هُنا ..!
قالت عمانوئيل .. قُلت عمانوئيل تعني الله معنا .. ولو كنت يهودياً أسمع كلمات النبي عام 700 قبل الميلاد لقلت فوراً : إن الله كان دائماً معنا مُنذ أيام الأجداد والآباء .. أيام إبراهيم وإسحاق ويعقوب وموسى والأنبياء .. لم يتخلَّ عنا لحظةً .. وكان وجودهُ وسيرهُ أمامُنا يُميزنا عن كل الشعوب .. لذلك فعمانوئيل ليست المُعجزة .. قالت : إذاً " العذراء تحبل وتلد" .. قُلت لو إنكِ سمعتِ هذا الكلام أيام إشعياء وقبل نور إعلان العهد الجديد عن القديسة العذراء لقُلت إنها ليست المُعجزة فأي عذراء تحبل وتلد حينما تتزوج إن لم يكن هُناك أي مانع للحمل .. وهو لم يذكر هُنا شيئاً عن الزواج أو عدمهُ فإذا رأيتِ عذراء اليوم وغابت عنكِ عاماً كاملاً ثم رأيتها ومعها طفلاً يُمكن أن أقول " العذراء ولدت " .. فتقول لنا العذراء : نعم غبت عنكم عاماً تزوجت فيه وسافرت وأنجبت طفلاً أثناء غيابي ..
إذاً لا توجد هُنا مُعجزة .. فقالت مُحدثتي : لستُ اعرف إذًا أين المُعجزة ..! فقُلت لها " السيد نفسهُ هو المُعجزة يتجسد ليصير إنساناً ..! الإله الروح يُصبح مثل البشر " ..! قالت : " لا يُمكن .. مُستحيل .. هذا ضرب من الخيال" .. قلت : " نعم لذلك فهي مُعجزة .. فوق العادة .. خارقة للطبيعة فتُسمى مُعجزة .. والله على كل شيئً قدير ولا يعسُر عليهِ أمر .. إن أراد يكون .. وان أمر يصير .
وإشعياء 9: 6 يؤكد صحة ما أقول : " لأنهُ يُولد لنا ولد ونُعطى إبناً وتكون الرياسة على كتفهِ .. ويُدعى إسمه عجيباً مُشيراً إلهاً قديراً أباً أبدياً رئيس السلام" .. نعم يُولد لنا ولد ..! الله يصير إنساناً .. وجاء في ملئ الزمان ولم يعرفوه .. جاء من العذراء القديسة مريم ولم يُكرموه ..!
وإخوتنا المُسلمون بالرغم من عدم إيمانهم بألوهيتهِ يقول كتابهِم :
سورة آل عمران 3: 45
"إذ قالت الملائكة يا مريم إن الله يُبشرك بكلمةً منهُ إسمهُ المسيح عيسى إبن مريم وجيهاً في الدنيا والآخرة ومن المُقربين" .. سورة ( ال عمران 45: 3 ) المسيح إسمهُ كلمة الله ..! وهل هُناك فرق بين الله وكلمتهِ ..! الله وكلمتهِ واحداً فإن سمعت شخصاً يُحدثك تليفونياً هل تقول لهُ : " أهلاً يا كلمة فُلان ..! " أم تقول : " أهلاً يا فُلان" ..! بالرغم مِن سماعك لكلمة فُلان . فالكلمةِ وصاحبها واحد .. الكلمة هي المُعبر عن شخصية المُتكلم .. قالوا إن الكلمة هُنا هي " كن فيكون " التي خلق بها الله المسيح ..!
وهنا يظهر سؤالان :
إن كان هذا هو المقصود والكلمةِ مؤنث فلماذا قال : كلمة إسمهُ وليس كلمة إسمُها ..!
ولماذا لم يُدعَ آدم كلمة الله ..! ألم يخلقهُ الله بكلمة كن فيكون ..!
إن الوحيد من كل أنبياء القُرأن الذي سُمى كلمة الله هو المسيح ..! لماذا ..!
لأن المسيح هو الله ..
سورة النساء 4: 171
" إنما المسيح عيسى إبن مريم رسول الله وكلمتهِ ألقاها إلى مريم وروح منهُ " ..
أضاف إلى إسم المسيح الإسم : روح الله وكأنهُ يُريد أن يُثبت الفكرة الأولى لمن يشُك في أنهُ الله فيقول عنهُ إنهُ أيضاً روح الله .. وهل هُناك فرق بين الله وروحهِ ..! أليس الله وروحهِ واحداً ..! فكم بالحري إذا كان المسيح كلمة الله وروحهِ أيضاً ..!
أليس هذا تأكيداً على ألوهية المسيح ..!
سورة مريم 19: 34
"ذلك عيسى إبن مريم قول الحق الذي فيهِ يمترون ( أي يشكون ) " ..
عيسى قول الحق ..! ومَن هو الحق ..!
إنهُ الله سبحانهِ .. لم يقُل إن عيسى عندهُ الحق .. أو يعرف الحق .. بل هو نفسهُ الحق .. فهل هُناك تأكيداً أكثر من ذلك على أن المسيح هو الله ..!
أختم حديثي معكم بما قالهُ أُستاذ جامعي آمن بالمسيح .. قال :
" اُحاول أن أمنع مَن يُجرَّب أن يقول : إني اقبل المسيح كمُعلم أخلاقي عظيم .. ولكني لا أقبل دعواه بأنهُ الله فهذا ما لا يجب أن يقولهُ عاقل ..! فلو جاءك شخص لا تعرفهُ وقال لك : أنا الله ..! وتركك قبل أن تسألهُ البُرهان .. فماذا يكون رد فعلك ..!
هُناك إحتمالان :
إما أن يكون صادقاً في دعواه فأنت لم ترَ الله قبل ذلك .. لأنهُ لا يراه أحد ويعيش لكن في ذأت الوقت الله يستطيع أن يكون في الهيئة التي يُريدها .. لذلك فاحتمال الصدق وارد .
وإما أن يكون كاذباً ..! وفي هذه الحالة هُناك إحتمالان ايضاً :
إما يكون كاذباً ولم يعرف أنهُ كاذب فيكون مخدوعاً عن إخلاص وبذلك يكون مجنوناً ..
أو يكون كاذباً ويعرف أن ما يقولهُ كذب فأعطى الصورة الخاطئة عن قصد .. فيكون بذلك مُخادعاً .. ولو ترك نفسهِ لحُكم الموت نتيجة لهذا الإدعاء الكاذب .. لكان أحمق ..
فلو طبقنا هذه النظرية على السيد المسيح ( مع الإعتذار الشديد ) الذي قال كما ذكرت إنهُ الله فهُناك إحتمالان :
إما أن يكون صادقاً .. وليس أمامك إلا أن تسجُد لهُ وتقول : "ربى وإلهي " .
أو يكون كاذباً .. فلو كان كذلك لكان هُناك إحتمالان ايضاً :
كاذباً عن إخلاص .. أي لم يعرف إنهُ كاذب فيكون بذلك مخدوعاً .. فيكون مجنوناً ..! فهل كان المسيح كذلك ..! حاشا وألف حاشا .. لقد شهد أعداؤهُ قبل أصدقائهِ قائلين :
متى 13: 54 " ولما جاء إلى وطنهِ كان يُعلمهم في مجمعهُم حتى بُهتوا وقالوا : من أين لهذا هذه الحكمة والقوات ..! "
مرقس 6: 2، 3 "ولما كان السبت ابتدأ يُعلم في المجمع .. وكثيرون إذ سمعوا بُهتوا قائلين : من أين لهذا هذه ..! وما الحكمة التي اُعطيت لهُ حتى تجرى على يديهِ قوات مثل هذه ..! أليس هذا هو النجار إبن مريم ..! "
لوقا2: 52 " وأما يسوع فكان يتقدم في الحكمة والقامة والنعمة عند الله والناس "
واسمع ما يقولهُ القرأن في سورة آل عمران 3: 45 عن السيد المسيح " وجيهاً في الدنيا والآخرة ومن المُقربين " .. الذي لم يفعل خطيئة وهو الشفيع في الآخرة ..!
إذاً ليس أمامنا إلا إفتراض آخر : إنهُ كاذب وهو يعرف ذلك .. فكيف يُعلم تلاميذهُ الصدق ويقول : " ليكن كلامكم نعم نعم لا لا وما زاد على ذلك فهو من الشرير" ..!
ثم لو كان يعرف أنه كاذب .. وأن نتيجة ذلك أنه سيُساق إلى الموت صلباً لما سكت بل أعلن فوراً كذبهُ لأن الحياة غالية .. أو قُل إنهُ واتتهُ فرصةً ذهبيةً للخروج من هذهِ الورطةِ حينما قال لهُ بيلاطس : " أما تُكلمني ..! ألست تعلم أن ليّ سُلطاناً أن أصلبُك وسُلطاناً أن اُطلقك ..! " ...! فيُعلن فوراً كذبهُ ويعتذر عن كل ما قال .. لكن إسمع بماذا أجابهُ يسوع :
" لم يكن لك عليَّ سلطان البتة لو لم تكن قد أُعطيت من فوق" .
إذاً هذا الفرض أيضاً مرفوض .. فلا يبقى أمامنا إلا الإحتمال الأول وهو إنهُ الله الواجب العبادة .