بقلم: مايكل ماهر عزيز
مع تزايد الاستياء بين الجميع وخصوصاً بين شباب وشابات الاقباط الذين أصبحو يستشعرون بالخطر القادم والمصير المجهول الذي ينتظرونه بالمستقبل، والشعور انهم في وطن ليس وطنهم كما قال الكتاب " غرباء عن العالم " بدأ الكثير منا كشباب بالتفكير بالهجرة والهروب من الوضع الحالي غير عالمين بحقيقة الاوضاع التي تسير عليها البلاد ، والملامح والمتغيرات السياسية التي تظهر علي السطح السياسي الجديد .
هذا يجعلنا نفكر لماذا يريد بعض الاقباط الان الهجرة وترك البلاد وماهي الاثار والعادات التي أدت لتنامي معدل طلب الهجرة الي الخارج والبحث عن وطن بديل ؟
يعتبر الاقباط من بين الاقليات التي تعاني من مشاكل عدة في الشرق الاوسط ففي كل حين يطرق أسم الاقباط في تقارير الحريات الدينية وحقوق الانسان سواء التابعة بالامم المتحدة أو التابعة بلجنة الحريات بالكونجرس الامريكي وتوصي تلك التقارير الحكومات المصرية المتعاقبة سواء كانت " نظام مبارك بالماضي أو نظام الاخوان الحالي " برفع المعاناة عن أبناء تلك الطائفة ورغم المتاعب التي يتعرض لها مسيحيين مصر إلا أنهم بزمن ليس بعيد مازالو متماسكين ومتمسكين بوطنهم وبأرض أجدادهم ، عكس أبناء الطوائف المسيحية الاخري في الدول العربية والتي لقي فيها المسيحيين اضطهادات لم يتحملها أبناءها ومنهم أخوتنا مسيحيين العراق الذين هربو من بلدهم جراء بطش الاسلاميين المتطرفين بهم ، وكانت أبشع الحوادث التي رائها العالم هو تفجير كنيسة النجاة وموت الكثير من الضحايا الاطفال والنساء ومرشح في قائمة الهروب تلك أشقائنا المسيحيين بسوريا والتي لا نعلم ماذا سيكون مصيرهم بعد نظام " بشار الاسد " والذين في عهده وعهد أبيه لم يتعرضو لآية مضايقات كالتي تحدث لنظرائهم المسيحيين في مصر الان
.
وبالنسبة لوضع الاقباط كما ذكرنا سلفاً فأنهم لن يتركو مصر في أي حالا من الاحوال لانهم كما يصح التعبير " قد تعودو علي تلك الاضطهادات والمضايقات" التي تأتي بين الحين والاخر وهذا التعود لم يأتي منذ وليد اللحظة بل ان هذا يرجع الي عشرات ومئات السنين . لانه في القديم لم يكن أحد يعلم بما يحدث للمسيحين بمصر من اضطهاد في القرون الماضية ، إلا في العصر الحديث وظهور الفضائيات والانترنت التي تأتي منه الاخبار ويقرأها ويشاهدها الجميع ، فلم يكن يعلم الساكن في أمريكا وأوربا من هو الشهيد سيدهم بشاي وماهيه سيرته ، لم يعلم احد إضطهاد الاقباط في الدولة العثمانية والمملوكية ودفعهم للجزية طيلت 12 قرن ، لم يعلم احد عن مئات الكنائس والاديرة التي دمرها الحاكم بأمر الله و .. و .. و .. و .. وكل تلك الاخبار التي تم تأريخها في كتايبات مثل" تاريخ الكنيسة القبطية " وقصة الكنيسة لكتاب أقباط وأجانب .
ولكن بدأ التعرف الحقيقي لمعاناة الاقباط في منتصف السبيعنيات عندما بدأ الخلاف بين الرئيس أنور السادات والمتنيح أبينا الحبيب البابا شنودة الثالث وكان وقتها قد انتشرت وسائل الاعلام المقروءة والمسموعة .
في كل هذا لم تتغير نفسية الاقباط تجاة بلدهم في أي حال من الاحوال إلا في تلك الايام التي نعيش فيها .. ولنعرف ما هو السبب في ذلك يجب ان نعرف ماهي المسببات التي أوصلتنا الي تلك المرحلة
ومن هذه الاسباب هو ظهور عادات قد توارثناها من قبل وعادات نراها أمامنا وتعودنا عليها يومياً .
هذه العادات تحسسنا بالاتي :- -الزهق والملل - الشعور بعدم السلام والامان . -إفتقاد الرجاء .- عدم وجود ما هو جديد بالحياة .- الشعور دائما بالاضطهاد والاستهداف .
وأســـــوأ ثلاث عـــــادات نفعلهم همـــا
1- متابعة الاعلام القبطي الغير مهني .
2- التعصب الديني والمذهبي .
3- الاستسلام الي الامر الواقع .
العادة الاولي : متابعة الاعلام القبطي -" الغير مهني".
ليس هجوماً علي القنوات والمواقع القبطية فتوجد قنوات ومواقع متميزة ولكن توجد قنوات ومواقع أخري يشاهدها
العديد من الاقباط وتدخل منزل كل قبطي هذه المواقع قد أفسدت حياة هؤلاء ومنها صفحات علي الفيس بوك منتشرة وتضم عشرات الالاف من أعضاءها، تنشر تلك الصفحات عناوينها الاخبارية بطريقة إستفزازية مثيرة للاشمئزاز تثير نفسياً كل ما يقرأ عنوان تلك الاخبار .. وهذه العناوين تجعل كل من يشاهد هذا الخبر أن يذهب بيده بماوس الكمبيوتر لفتح وقراءة الخبر المثير وهذه عينة من تلك العناوين الاخبارية المستفزة التي تزعج الكثير من الاقباط :-
خبر هام هام هام - خبــر عاجــل - خبـــر عاجـــل جدا وللاهمية - خبــر كـارثــة - شوفو فلان بيقول اية كلام كارثة - يارب أستر شوفو بيحصل اية في المنطقة الفلانية - فيديو رهيب جدا - شوفتو الفنانة فلانة بتقول اية علي المسيحيين !!! - شوفتو الشيخ فلان عمل إية .. مش هتصدق !!! - كارثة في سوهاج - كارثة في قنا - هام علي فلان الفلاني - هام علي الرئيس
عزيزي القارئ لا تستغرب كثيرا من هذا الكلام عاليه لان هذه الكلمات هي العناوين التي نقرأها يوميا ً علي الجروبات والصفحات التي يقال عنها مسيحيه وذلك علي موقع الفيس بوك فبعد ان يقف قلبك وترتجف يداك وانتا تضغط علي الماوس لكي تقرأ الخبر الذي يقال عنه انه خبر عاجل تجــد أن الخبــر المنشور عــــادي جدا ولا يستدعي مثل تلك الامور ، هذه العناوين أصبحت مزعجة جدا للكثيرين وباتت تسبب ليهم ضيق كل ما رأوها ومن ضمن الاشخاص الذين عانو من عناوين تلك الصفحات والجروبات هي الكاتبة الصحفية : فاطمة ناعوت التي سببت لها تلك المواقع مشاكل عدة علي الصعيد العملي والشخصي ، وقد قامت بمخاطبة تلك المواقع للتوقف عن تلك الاساليب التي يتبعونها في نشر اخباراً لها
.
أيضا بعض القنوات الدينية سواء كانت اسلامية أو مسيحية والتي في ظاهرها تسمي دينية ولكنها بالاصل خاوية من الدين , فنجد تلك القنوات تهاجم الاديان وتكفر طائفة معينة وتهاجم عقيدة بعينها نهيك عن السخرية والكلام المبتزل الذي يتفوه به رجال يدعون انفسهم انهم حماة الدين ومبعوثين الله علي الارض !!! هذا بالنسبة لبعض القنوات المتطرفة بين الطرفين .
للاسف عدم المهنية وعدم رسم أهداف معينة نمشي عليها قد سببت لنا الكثير من الضيقات والعثرات ونجحت تلك المواقع والقنوات في إبعاد المؤمن عن رجاءه وتركت نشر تعاليم المسيح الحقيقة بمواقعها وتفرغت بما ليس لها
فـ " الحق والضلال " أصبح عند هؤلاء هو تضليل المؤمن وإلهاءه عن خلاص نفسه .. ومن له إذنان للسمع فليسمع !!!
فرجاء من أدمنز الجروبات والصفحات المسيحية أن يراعو الدقة فيما ينشرون من أخبار وأن يراعو مشاعر المؤمنين البسطاء والا يثيرو خوفهم من الاخبار ذات العناوين المخيفة وعدم نشر الاخبار التي بلا قيمة .
العادة الثانية : التعصب الديني والمذهبي ( في مصر وحصرياً !!).
المناخ الطائفي الذي يعيش فيه المصريون والتعصب الديني والمذهبي الذي نشأ عليه الاقباط يعد من العادات السيئة التي تربي وتعود عليها هذا الجيل ، فعندما يكبر الطفل المسيحي ويري أمام عينيه صديقه الطفل المسلم يقول له : هل انت مسلم أو مسيحي ، ويرد عليه ذاك الطفل : انا مسيحي.
ويجد هذا الطفل جفاء في معاملة الطفل المسلم له كونه مسيحي ، فتعد هذه البذرة الاولي لزرع الفتنة والكراهية منذ الصغر ، وهذا ما يزرعه الاباء في ابناهم من كره لدين الاخر فكلنا مررنا بهذه الامور وأغلبنا رائي بنفسه التمييز الطائفي بالمدارس ولحتي الان موجود في مصر مثل تلك العينات الطائفية ونجد من يقول : ما هو دينك أية ؟ انتا مسلم ولا مسيحي ؟ سني ولا شيعي ؟ ارثوذكسي ولا انجيلي ولا كاثوليكي ؟ انتا فكرك ليبرالي ولا إسلامي ؟ انتا علماني ولا شيوعي ؟ شيخك مين أو قسيسك مين ؟؟ . انتا طائفي أو لا طائفي ؟ متفتح ولا رديكالي ؟؟
كل تلك الامور تبعد الانسان عن مساره الروحي الحقيقي وتدحله في منازعات ومهاترات للدفاع عن ما يعتقد به فعندما تدخل الي " عالم الفيس بوك " تجد العديد من الصفحات والجروبات سواء كانت دينية او سياسية ، تجد رجالاً مثقفين وعلماء دين ومفكرين وشباب متحمسين كل هؤلاء يهاجمون بعضهم البعض وكل شخص يكتب عكس ما يقوله الاخر حتي يثبت الي الجميع صحة ما يقول ، ويهاجم ما يكتبه الاخر ويستمر هذا وذاك في إنزال بوست تلو البوست وكومنت تلو الكومنت وصورة تلو الصورة توضح انه الشخص الصحيح وان أفكاره وأفكار من يتبعه هو الاصح .
كل تلك المتاهات تجعل من حياة المرء جحيماً لابد أن يتخلص منه وواقع يجب أن يجد مخرجاً له ويعد ذلك مطلباً أساسياً .
العادة الثالثة : الاستسلام الي الامر الواقع
الاستسلام الي الامر الواقع وعدم معرفة ما الحل ، هو بداية النهاية لنا جميعاً فالروح الانهزامية التي نجحت في صناعتها ميديا الاعلام المسيحي عبر صفحات التواصل الاجتماعي " الفيس بوك " وبعض القنوات القبطية ، جعلت الكثير من الاقباط في حالة إنهزامية متقبلين لإي أمراً قد يحدث لهم ، فالتهيئة للجرائم التي حدثت للاقباط وما يقال من تعبيرات ومصطلاحات دينية لإمتصاص الغضب القبطي قد أدت في النهاية الي المزيد والمزيد من الجرائم بحق الاقباط ، هذا الاستسلام يصيب المرء بنوع من اليأس ويحسسه بعدم مقدرة فعل أي شئ لعمل أي شئ إيجابي وهذا الامر غير مقبول .
إذن مــا الحـــــــل ؟
الحل كما قال شكسبير " أكون أو لا أكون " بمعني يجب أن تتخلص يا عزيزي من كل ما يجعلك حزين وزهقان وتنهي إحساسك بالملل والاكتئاب، فأول أمر يجب أن تفعله هو أن تدخل فوراً عبر حسابك بالفيس بوك أو تويتر وتتخلص من كل الجروبات والصفحات الفيسبوكية التي تشعرك بعدم السلام والامان وتحذف الاشخاص الذين يسببون لك الضيق والملل ، تخلص من كل هذا وأنضم لمواقع أكثر روحانية تشعرك بالرجاء في المسيح .
، يجب أن تحذف تلك الصفحات والجروبات التي تراها أمام عينيك وتسبب لك عدم وجود ما هو جديد بحياتك
فسوف يشعرك ذلك الامر بالراحة النفسية وبذات الوقت سوف تستبدل تلك الصفحات والمواقع غير المهنية والمملة بمواقع إخبارية قبطية تكون أكثر مهنية تحترم عقلية متابعيها ولا تشعرهم أنهم مجرد شعب مستهدف ومضطهد ليلا ونهاراً .
- درب نفسك أن لا تكن متعصباً لفكر معين أو إتجاه معين وُكن منفتح علي الاخر ، متقبلاً الرأي والرأي الاخر بكل إحترام ، فالتعصب للدين أو للطائفة التي انت منها لن يجعل الاخر يحترمك بل علي العكس فسوف تكن منبوذاً من الجميع حتي من أتباع دينك انفسهم ، وليس معني عدم التشدد هو أن تتساهل بأمورك دينك وعقيدتك ، ولكن الامر يحتاج منك الي مرونه في التعامل مع الاخر المخالف لك في الدين او العقيدة ، يجب أن يكون تعاملك مع الاخر بصورة حضارية وإنسانية ، فالسيد المسيح أسس العلاقات الانسانية بمعاملة واحدة وهي " المحبة " قائلا : " أحبو بعضكم بعض " فالمسيحية هي المحبة ويجب ان نسلك في المحبة التي علمنا إياها مخلصنا المسيح .
يجب أن تجعل أمام عينيك هدف وطموح تحققه في حياتك ، فمشكلتنا الحقيقية كأقباط إنه لا يوجد لدينا مشروع كنسي أو مشروع وطني نعمل عليه ، بل إن كل طموحاتنا بالحياة تختصر في بناء كنيسة أو إرجاع فتاة مسيحية قد غرر الشيطان بها .
وأخيـــراً
لا تستسلم لليأس ، إنه سيد قاسي لا يحترم من يخضعون له ، ولا يتراجع إلا امام الاقوياء اللذين يواجهونة بحزم .
الرب مع جميعكم
المقال الموضوع يعبر فقط عن رأي صاحبه وليس بالضرورة عن رأي أو اتجاه الموقع