حمدي رزق
بلا تزيُّد، سطران وكفى، فيهما الشفاء، أقصر خبر فى قضية فساد كبيرة وذيولها طويلة.
«تمكنت هيئة الرقابة الإدارية من ضبط رئيس جامعة دمنهور وآخرين.. تقاضوا مبالغ مالية على سبيل الرشوة بلغت أربعة ملايين جنيه مقابل تسهيل وتسلم توريدات لصالح الجامعة».
«الرقابة الإدارية» تضرب مجددًا.. وبشدة، نادرًا ما تتحدث عن عملياتها الناجزة، ولكنها حاضرة وبقوة فى المشهد المصرى، بعمليات نوعية فى عمق دولاب الحكومة المصرية.
تواليًا، وسط دهشة الجميع، لا يمر يوم إلا ورجال «الرقابة» يُسقطون شبكات ورموز الفساد فى مواقع شتى، وضرباتهم مؤثرة فى مواقع حساسة. بعد قضية وزارة الصحة، التى لاتزال فى طور التحقيق، تفجر «الرقابة» قضية رئيس جامعة دمنهور.. وهذا الدكتور وحده قصة ستُروى لاحقًا، سيُحاكَم مجتمعيًّا على الكذب قبل الفساد، عيّن نفسه محاربًا ضد الفساد كذبًا وزورًا.. أما سقوطه فى رذيلة الفساد، فهذا متروك للتحقيقات.
وعْدًا، لن تمر أيام حتى تسقط شبكة فساد جديدة، رجال الهيئة نشطون، يُنقِّبون عن الفساد والفاسدين على مدار الساعة بلا كلل ولا ملل، وشغل احترافى مُوثَّق صوتًا وصورة.
«الرقابة الإدارية» تكافح الفساد.. وتُوقع بالفاسدين، هكذا يقولون، «الرقابة» صارت شبحًا مخيفًا لمافيا الفساد، لا يحُول بينها وبين الفاسدين منصب كبير أو موقع حساس. سقوط وزراء ومحافظين ورؤساء أحياء ورؤساء جامعات ومقاولين ومُورِّدين.. السر فى فساد التوريدات.
خلاصته: ليس هناك فاسد كبير ولا حصانة لفاسد ولا طرمخة على فساد، واللى يقع يسد بركته!!.
ما يُنشر من عمليات ناجحة لـ«الرقابة الإدارية» أقل القليل من حجم وعدد القضايا التى تحررها وتضبط فاسديها، «الرقابة الإدارية» حاضرة فى كافة المواقع، ما يُمكِّنها من دورها فى الرقابة على المال العام.
سقوط الفاسدين تواليًا فى قبضة رجال «الرقابة» مؤشر على سطوة الفساد وخطورته، ويبرهن على خطورة المهمة التى تقوم بها «الرقابة الإدارية»، الفساد طال عصب الدولة، وأخطر من الفساد الكبير يقينًا هو الفساد الصغير الذى يفسد المشروعات الكبيرة.
عشنا زمنًا نحارب الفساد بحوارات فضائية وصحفية، لم يكن الهدف حرب الفساد، ولكن للأسف وصْم الدولة بالفساد.. فارق كبير أن تتحدث عن حرب الفساد فى المنتديات والندوات والاجتماعات، وأن تحارب الفساد وتُسقطه من فوق كالثمرة الفاسدة فى حِجْر السلطات القضائية لتنفذ القانون على رقاب الفاسدين.
وكما يحارب البواسل (جيش وشرطة) الإرهاب على الحدود، يحارب البواسل الفساد جُوّه البلد، الإرهاب والفساد صنوان، عمليات «الرقابة الإدارية» خلال السنوات الأخيرة ونشاطها بطول البلاد وعرضها تبرهن على أن حرب الفساد ليست لذَرّ الرماد فى العيون، بل عزم أكيد على حرب حتمًا ستطول، ولكنها تمضى واثقة الخطى لضرب معاقل الفساد.
ليس سرًّا أن «الرقابة الإدارية» صارت حاضرة لتوقيع كل العقود والمناقصات والمزايدات وتوقيع العقود ومحاضر تسلم الأعمال والإنشاءات.. ولا يمر عقد حكومى دون توقيع رجل من رجال «الرقابة الإدارية»، والجميع يخشاهم ويخشى خطب وُدِّهم.. فهم لا يخشون فى حق الدولة لومة لائم.
نقلا عن المصرى اليوم