مؤرخ القرن التاسع عشر ومهندس الكتبخانة الملكية (دار الكتب المصرية)
بقلم/ماجد كامل
يعتبر المؤرخ المصري توفيق إسكاروس ( 1871- 1942 ) واحدا من أهم المؤرخين الذين أرخوا لتاريخ الاقباط في مصر في القرن التاسع عشر ؛فما زال كتابه "نوابغ الأقباط ومشاهيرهم في القرن التاسع عشر " واحدا من أهم الكتب التي أرخت للشخصيات القبطية التي عاشت في ذلك القرن ؛ ولقد ولد توفيق إسكاروس في 3 يناير 1871 ؛وتسمي أولا بأسم "ميلاد" بسبب قرب موعد مولده من عيد الميلاد (7 يناير حسب التقويم الشرقي ) وذلك حسب عادة الأقباط في ذلك الوقت أن يسموا أولادهم في مناسبة العيد الذين يولدون به ؛ لكنه تغير إلي" توفيق" فيما بعد ؛ نال شهادة البكالوريا ثم ليسانس الحقوق ؛عمل في الحكومة عقب تخرجه بدار الكتب الخديوية بباب الخلق ؛ وتدرج في المناصب حتي وصل إلي منصب رئيس القلم الأجنبي ؛ثم إحيل إلي المعاش في عام 1932 ؛وفي خلال عمله بدار الكتب أنتدب لتنظيم المكتبة الملكية بقصر عابدين بناء علي أمر من الملك فؤاد الأول ؛كذلك أيضا وبناء علي تكليف من الدكتور "برنارد موريتس" الذي عمل مديرا لدار الكتب الخديوية خلال الفترة من (25اكتوبر1896- 31 اغسطس1911 ) كلف بتقديم بيانا موجزا عن المخطوطات القبطية الموجودة بمكتبة البطريركية بكلوت بك ؛حيث جاءت فكرة لتأسيس جمعية بأسم " جمعية تاريخ الآثار القبطية في مصر " أسسها المؤرخ وعالم القبطيات المعروف ألفريد بتلر ( 1850 – 1936 ) ؛ وأشترك معه في تأسيسها كل من عالم الآثار الفرنسي "جان كليدا "( 1871- 1943 ) " وهو العالم الذي أكتشف بقايا آثار دير الانبا أبوللو في منطقة باويط قرب أسيوط ؛ وكان ذلك عام 1900 ؛وهي المعروضة حاليا في أحدي قاعات المتحف القبطي " و "سومرز كلارك ( 1841- 1926 )" عالم العمارة القبطية ؛ وله كتاب هام بعنوان الآثار القبطية في وادي النيل ؛ وقد صدرت له ترجمة عربية قام بها الأستاذ إبراهيم سلامة إبراهيم عن هيئة الكتاب " وبرنارد مورييتز (1859 - 1911 ) "" وعالم الآثار الإسلامية ماكس هرتز ( ؟ - 1919 ) ؛ فذهب إلي هناك وتقابل مع البابا كيرلس الخامس البطريرك ال112 (1874- 1927 ) الذي رحب جدا بالفكرة وطلب منه المساعدة في تنظيم مكتبة البطريركية ؛كما كلفه بوضع لائحة داخلية للاستعارة علي غرار اللائحة الموجودة في دار الكتب؛ غير أنه لم يكتب لها النجاح .
( لقد سبقت هذه المحاولة المحاولة التي قام بها المرحوم تاردس شنودة المنقبادي ( 1857- 1932 ) "راجع مقالنا عنه علي صفحة الاقباط متحدون بتاريخ 12 اكتوبر 2020 " حيث نادي باقامة مشروع لحفظ واحياء التاريخ القبطي خلال عام 1884 ) . ثم دعوة باعث النهضة الارشيداكون القديس حبيب جرجس (1876- 1951 ) "راجع مقالنا عنه علي صفحة الاقباط متحدون بتاريخ 21 اغسطس 2018 " ؛ حيث دعا الي تأسيس ما يعرف بلجنة التاريخ القبطي ؛ وذلك في مقال هام وشهير له نشر في مجلة الكرمة بتاريخ 10 ديسمبر 1906 ) .
المحاولة الثالثة لتأسيس جمعية قبطية تهتم بالتراث والتاريخ والآثار جاءت عام 1908 ؛ إذ اوعز بطرس باشا غالي إلي جمعية التوفيق القبطية بتأليف جمعية عرفت بأسم "جمعية حفظ الآثار القبطية والتاريخ " ووضعت علي رأس الجمعية البابا كيرلس الخامس البطريرك ال 112 ؛ وكان الأعضاء المقترحون هم السادة " مرقس سميكة بك وعطية وهبي بك اسكندر واسكندر افندي قزمان وتوفيق افندي اسكاروس وكامل افندي شحاتة ووهبي بك شحاتة وجبران بك روفائيل الطوخي ؛ ومن البطريركية كان يوجد ارمانيوس بك حنا والقمص بطرس عبد الملك (كاهن الكنيسة المرقسية بكلوت بك ) والقمص يوحنا شنودة (كاهن الكنيسة المعلقة ) ويوسف بك منقريوس واقلاديوس بك لبيب وحبيب افندي جرجس (عن الكلية الأكليركية ) ولكنها للأسف الشديد لم تنعقد إلا مرة واحدة في شهر يونية 1908 ؛ثم انحلت بعدها . ثم توالت المحاولات بعد ذلك .
كذلك أيضا شارك توفيق اسكاروس في المؤتمر الدولي الجغرافي الحادي عشر الذي عقد في القاهرة في ابريل 1925 ببحث عنوانه "نهر النيل في أقدم ايامه" . كما أسس جمعية النشأة القبطية بحارة السقايين عام 1896 (وهي تعتبر ثالث جمعية بعد الجمعية الخيرية القبطية وتأسست عام 1881 ؛ وجمعية التوفيق القبطية وتأسست عام 1891 ) ولقد وضع لها ثلاثة مباديء رئيسية هي :-
1-الحث علي دراسة اللغة القبطية وتشجيع المشتغلين بها علما وعملا .
2-تدريس قواعد الدين تفسيرا ووعظا .
3-جمع تاريخ واف للأقباط علي قدر الامكان .
و من أجل تفعيل هذه الاهداف ؛ أصدر عنها نتيجة سنوية كانت تحوي بعض المقالات المبسطة ؛وصدر العدد الأول منها في عام 1898 . انتخب عضوا عاملا في جمعية التوفيق القبطية ؛وساهم بالكتابة في المجلة التي كانت تصدر عنها ؛ثم توفي في يوم الثلاثاء 24 نوفمبر 1942 ؛ وتمت الصلاة عليه يوم الاربعاء 25نوفمبر ؛وقام بالصلاة عليه الأنبا يوساب مطران جرجا وقائمقام البطريرك وقتها (وقد صار فيما بعد البابا يوساب الثاني البطريرك 115 خلال الفترة من "1946 -1956 ") .أما عن كتبه ومؤلفاته فنذكر منها كتاب "نوابغ الاقباط ومشاهيرهم في القرن التاسع عشر " ولقد صدر الجزء الأول منه عام 1910 ؛أما الجزء الثاني فلقد صدر عام 1913 ؛ كذلك كتب كتابا بعنوان "دليل موجز لزائري دار الكتب المصرية " يحوي تاريخا للدار الكتب منذ نشاتها حتي وقت صدور الكتاب عام 1927 .ونظرا لطبيعة عمل توفيق إسكاروس بدار الكتب الخديوية ؛فلقد كان دائم الاحتكاك بالعلماء الأجانب ؛فكتب عن الكثير منهم ؛نذكر منهم عالم اللغة الديموطيقية "ولهلم شبيجلبرج" الذي كتب عنه مقالا نشر في المجلة الجديدة التي أصدرها" سلامة موسي " ( 1887- 1958 ) في شهر مايو 1931 . كما كتب مقالا عن المؤرخ وعالم القبطيات الإنجليزي ألفريد بتلر" نشر في المجلة الجديدة في عدد 20 يناير1937 ؛وكتب مقالا عن عالم التراث العربي المسيحي "جورج جراف "وكان قد تقابل معه خلال عمله في فهرسة الكتب والمخطوطات بالمكتبة البطريركية ؛ونشر المقال في مجلة الكرمة عام 1927 . كما كتب مقالا عن عالم الآثار الإسلامية ماكس هرتس نشر في مجلة الهلال في عدد شهر يوليو 1919 .
وفي مجال الترجمة قام بترجمة أربعة محاضرات ألقاها عالم البرديات النمساوي "أدولف جروهمان" بالجمعية الجغرافية الملكية عام 1930 ؛ وصدرت في كتاب في نفس العام ؛ثم قامت دار الكتب والوثائق القومية بإعادة إصدراها في طبعة حديثة عام 2010 .
كما قام بترجمة مشروع بأستقلال مصر وضعه المعلم يعقوب عام 1801 .وجدت نسخة منه محفوظة في محفوظات وزارة الخارجية البريطانية تحت رقم 78 مجلد 38 . وقد وضع له الضابط البحري جورج داون مقدمة تحتوي علي السيرة الذاتية للمعلم يعقوب ؛ ولقد ترجمها توفيق إسكاروس بالتعاون مع ميخائيل بشارة داود ؛ونشرت الترجمة في عدد شهر يونية 1928 في مجلة مصر الحديثة المصورة .
اما عن المقالات الصحفية ؛فلقد داوم علي الكتابة في مجلة الهلال خلال الفترة من )1919- 1930( ومن ضمن هذه المقالات نذكر منها :_
1- مكس هرتس وفضله علي الأثار العربية عدد شهر يوليو 1919
2- الوقائع المصرية وأقدم الصحف التي ظهرت في وادي النيل شهري يونية ؛يولية 1920
3- المجموع التاريخي في الفقه . أثر تاريخي نفيس شهر ابريل 1922
4- أقتراح خاص بجمع التراجم والسير الشرقية العامة والسعي في طبعها شهر يوليو 1923
5- علي بك بهجت وفضله علي علم الأثار العربية في مصر شهر مايو 1924
6-حول سيناء شهر مايو 1927 .
8- أراء طبيب مصري منذ 900 سنة شهر أكتوبر 1927 .
7- مكتبة دير طور سيناء شهر أبريل 1928
8- خمسة أيام في الصحراء شهر يونية 1928
9- بين مصر والحبشة زيارة بطاركة الأقباط للديار الحبشية شهر مارس 1930 .
10- العمارة الإسلامية شهر أغسطس 1932 .
ولقد كان لعمل توفيق اسكاروس بدار الكتب أيضا فرصة رائعة للإطلاع علي المخطوطات والكتب النادرة ؛ ومن خلال هذه الفرصة كتب ونشر العديد من المقالات في العديد من الصحف والمجلات مثل جريدة الاهرام ؛ المجلة الجديدة ؛التوفيق ؛ جريدة مصر ؛رعمسيس ؛نذكر منها دراسة هامة جاءت في مجلة رعمسيس بعنوان "رواد الاجانب في مصر بعد فتح العرب لوادي النيل ؛صدرت في تسع حلقات ؛وجاءت الحلقة الأولي منها في شهر أغسطس 1914 ؛ و والحلقة الأخيرة في شهر مايو 1915 (حوالي 9 حلقات حيث انها لم تصدر حلقة في شهر اكتوبر 1914 ) ؛وياليت لو اهتمت أحدي المراكز البحثية بجمع وتصوير هذه السلسلة ونشرها في كتيب صغير . كما كتب سلسلة مقالات عن المرأة المصرية في العصر الحديث كتبت في مجلة "المراة العصرية " لصاحبتها بلسم عبد الملك ( ؟ - 1941 ) ؛وكتبت السلسة خلال عام 1923 . كما كتب أيضا في مجلة المراة المصرية مقالا بعنوان "العفاف إلي الممات " نشر في 15 مارس 1925 ؛ومقالا آخر بعنوان " تعليم البنات في مصر " نشر في 15 ديسمبر 1925 ؛ وعثرنا أيضا علي مثال بعنوان " المجلات النسائية في مصر " نشر في نفس المجلة في 15 يناير 1926.
كما عثرنا في مجلة "مصر الحديثة المصورة " علي مقال بعنوان " مشاهدات من ديري الأنبا أنطونيوس والأنبا بولا " نشر في عدد 22 أغسطس 1928 ؛
كما عثرنا في نفس المجلة "مصر الحديثة المصورة " علي مقال بعنوان "كلوت بك والمنشأت الصحية بمصر منذ مائة عام " نشر في عدد 7 يناير 1929 ؛ وعثرنا أيضا علي مقال بعنوان "من ديري الأنبا أنطونيوس والأنبا بولا صورة جديدة نشر في 4 فبراير 1929 .
كما عثرنا له علي مقالة بعنوان "عروس النيل وإلقاء عذراء فيه " نشرت في مجلة اليقظة عدد شهر نوفمبر 1936 ؛ وأعيد نشرها في كتاب " من تراث القمص ميصائيل بحر ؛ الجزء الأول " إصدار بيت مدارس الأحد سبتمبر 2017 .
ولقد قام بكتابة سلسلة مقالات بعنوان " شيء من التاريخ والأدب" بعنوان "في بدء النهضة الطبية المعاصرة " نشرت في جريدة البلاغ الأسبوعي لصاحبها "عبد القادر حمزة " ( 1880- 1941 م ) خلال الفترة من يناير حتي أبريل 1929 وجاءت تواريخ الحلقات علي النحو التالي :-
1- الحلقة الأولي بتاريخ16 يناير 1929 صفحة 18 ؛19 .
2- الحلقة الثانية بتاريخ 23 يناير 1929 صفحة 1 ؛ 2 .
3- الحلقة الثالثة بتاريخ 30 يناير 1929 صفحة 21 ؛22 .
4- الحلقة الرابعة بتاريخ 6 فبراير 1929 صفحة 22 ؛23 .
5- الحلقة الخامسة بتاريخ 13 فبراير1929 صفحة 22 ؛23 .
6- الحلقة السادسة بتاريخ 20 فبراير 1929 صفحة 22 ؛23 .
7- الحلقة السابعة بتاريخ 27 فبراير 1929 صفحة 22 ؛23 .
8- الحلقة الثامنة بتاريخ 1 مارس 1929 صفحة 22 ؛23 .
9- الحلقة التاسعة بتاريخ 13 مارس 1929 صفحة 25 ؛26 .
10- الحلقة العاشرة بتاريخ 20 ماس 1929 صفحة 25 ؛26 .
11- الحلقة الحادية عشر بتاريخ 27 مارس 1929 صفحة 22 ؛23 .
12- الحلقة الثانية بتاريخ 3 أبريل 1929 صفحة 22 ؛23 .
13- الحلقة الثالثة عشر والأخيرة بتاريخ 10 أبريل 1929 صفحة 5 ؛ 6 .
( والشكر هنا واجب للدكتور حسام عبد الظاهر الباحث بمركز تحقيق التراث بالهيئة العامة لدار الكتب والوثائق القومية لتفضله بإرشادي بعناوين وتواريخ هذه المقالات البالغة الأهمية .
كما خص مؤرخنا الكبير مجلة "المقتطف " بمجموعة من المقالات القيمة نذكر منها في حدود ما تمكنا من التوصل إليه :-
1- محمد قدري باشا مقالة بتاريخ مارس 1916 .
2- غستون ماسبيرو مقالة بتاريخ سبتمبر 1916 .
3- أيام الحسوم وبرد العجوز مقالة بتاريخ شهر أبريل 1917 .
4- ميخائيل بك شاروبيم مقالة بتاريخ شهر يونيو 1918 .
5- المتني ومخطوطاته في دور الكتب الأخري مقالة بتاريخ شهر سبتمبر 1920 .
6- المتنبي ومخطوطاته في دور الكتب الأخري مقالة بتاريخ شهر يناير 1921 .
7- المتنبي ومخطوطاته في دور الكتب الأخري مقالة بتاريخ شهر فبراير 1921 .
8- وفاء النيل والنيروز مقالة بتاريخ شهر يوليو 1922 .
9- وفاء النيل والنيروز مقالة بتاريخ شهر أغسطس 1922 .
10- المؤتمر الجغرافي الدولي مقالة بتاريخ شهر أبريل 1925 .
11- أثر من أسمه صروف مقالة بتاريخ شهر ديسمبر 1925 .
12- جغرافية مصر في العصر العربي مقالة بتاريخ شهر يناير 1927 .
كما خص مجلة "المجمع العلمي العربي " مقالة يعنوان "أراء وأفكار : معهد مصر العلمي ونشرت بتاريخ شهر مايو 1931 . ومجلة المشرق لصاحبها الأب لويس شيخو ( 1859- 1927 ) ) مقالة بعنوان منتخب القاضي ونص تعليقين بآخره في الفرق الإسلامية مقالة بتاريخ شهر ديسمبر 1924 .
وعثرنا أخيرا علي مقالة نشرت في المجلة الجديدة بتاريخ يوليو 1938 بعنوان " تقويم الجمهورية الفرنسية " .
ومن ضمن الأنشطة العلمية الأخري التي قام بها المؤرخ الكبير توفيق إسكاروس أيضا المساهمة في إلقاء العديد من المحاضرات في الجمعية الجغرافية الملكية وجمعية التوفيق القبطية ؛ ولقد تبرع بجزء كبير من مكتبته الضخمة إلي المتحف القبطي .
وفي النهاية يبقي أمل ورجاء هو إعادة طبع كتاب " نوابغ الاقباط ومشاهيرهم في القرن التاسع عشر في جزئين " طبعة حديثة ومحققة بمقدمة تاريخية شاملة ؛كما نأمل في تشكيل لجنة تقوم بجمع مقالاته المتناثرة في الصحف والمجلات المختلفة وإصدارها في كتاب جامع لكل هذه المقالات . وذلك حتي تنتفع الأجيال الحديثة من كتاباته .