ألغت المحكمة التأديبية بمجلس الدولة في الطعن رقم 69 لسنة 55 قضائية عليا، قرار رئيس جامعة مدينة السادات رقم (867) الصادر بتاريخ 10/1/2021، فيما تضمنه من مجازاة الطاعن الدكتور أسامه عبده محمد، أستاذ بقسم العلوم الأساسية بكلية التربية للطفولة المبكرة بعقوبة اللوم، مع ما يترتب على ذلك من آثار.
حيثيات إلغاء قرار رئيس الجامعة
كشفت المحكمة، أسباب حكمها بأن الصور الضوئية المطبوعة من أجهزة المراقبة والمتزامنة مع تصوير الطاعن للمدرج محل تواجد الطالبات، قد أظهرت مظهرا لا يتنافى البتَّة مع العملية التعليمية سواء ما تعلق منها بالطالبات أو القائمين على التدريس، ولم تُظهرها بمظهر ينال من وقارها أو يمس لياقتها، بل جاءت بما يتبادر إلى ذهن الرجل العادي القويم حين توصف قاعة تعليمية.
وناهضت الأدلة جميعها ما ورد بمذكرة عميد الكلية محل عمل الطاعن، التي اشتملت في ظاهر عباراتها وباطنها ما يوحي إيحاءً بأن تصوير الطاعن كان مستهدِفا الطالبات المتواجدات بالمدرج التعليمي، وبما يطرح إثارة التشكك في استخدامه تلك الصور بشكل غير آمن لهن أو في مواقع التواصل الاجتماعي، ما يثير المشكلات مع أولياء أمورهن، فَصُوِّر الأمر بغير ما فيه، مُقحَمَة فيه شئونا تبلُغ من الحساسية منتهاها إن صحَّت.
وأكدت المحكمة، أن الأمر في حقيقته أبعد ما يكون عن هذا الوصف، فثار بشأن الطاعن اتهام عظيم الشأن تحيق به تبعاته إن مسَّته الصحة كإنسان قبل كونه عضو هيئة تدريس بجامعة، يتعين أن يأمن فيها طالب العلم بغض النظر عن جنسه على نفسه بكل ما يرتبط بها من حقوق، وإذ دارت التحقيقات ومذكرة عرض نتيجتها حول الأمر مسايِرة لهذه المذكرة المشار إليها متتبعة الاتهامات المساقة بها، فقد أُخرِج الأمر عن السياق المستساغ طرحه عموما إلا بيقين لا تنازعه أو تمسه بالأحرى الشبهات، فجاءت التحقيقات قائمة على اتهام ساقه عميد الكلية لم يصادف الحق في أي من جنبات المذكرة المرفوعة به، بل ناهضه الواقع المفترض، ونال منه الثابت بالأوراق وهوى به إلى درك سحيق من هوان وعدم مصداقية.
وتابعت المحكمة: إذ صدر القرار المطعون فيه بمجازاة الطاعن باللوم بناء على تلك الاتهامات وما تبنته مذكرة عرض نتيجة التحقيقات المجراة فيها، فقد قام شأن معتبر أَفسَح المجال رحبًا لخوضٍ في خَلَلٍ في أركان هذا القرار يتعلق بالغاية، إذ أنه على جهة الإدارة أن تضع نفسها في أفضل الظروف وأن تصطفي أنسب الحلول لتقدير مناسبة قرارها وملاءمته، وأن تُجري هذا التقدير بروح موضوعية بعيدة عن النوازع والبواعث الشخصية
خصومة بين رئيس الجامعة والأستاذ
وقالت المحكمة، إن رئيس الجامعة قرر إحالة الطاعن للتحقيق في شأن مذكرة ضده قدمها عميد الكلية محل عمله، مُحَدِّدا المحقق الذي يتولى التحقيق، رغم ثبوت وجود خصومة قضائية بين رئيس الجامعة والطاعن مطروح بها عميد الكلية، وهو ما كان يوجب على رئيس الجامعة الامتناع عن اتخاذ هذا القرار بالنظر لتلك الخصومة، وإسناد شأن النظر في تلك المذكرة المقدمة من العميد المذكور والتصرف في أمرها لأقدم نوابه ثم من يليه من النواب إن ألَمَّ بهذا الأخير مانع، وهو ما يوصم قرار إحالة الطاعن للتحقيق على هذا النحو بعدم المشروعية.
وهو ما يتأكد بالنظر لما لحق هذا الإجراء بالقرار المطعون فيه، الذي أصدره عميد كلية التجارة بذات الجامعة بحسبانه أقدم العمداء بمجلس الجامعة، مشيرا فيه لوجود ما يحول دون إصداره من رئيس الجامعة أو نوابه، وهو ما يقطع بقيام مانع لدى رئيس الجامعة صدَّقته الأوراق، إلا أنه وإن تأكد قيام ذلك المانع المتمثل في الخصومة القضائية في شأن رئيس الجامعة المطعون ضدها.
واختتمت المحكمة: فقد خلت الأوراق مما يصدق معه هذا المانع على أي من نوابه، كما خلت مما يفيد أي موانع أخرى لديهم يُمتنع عليهم معها التصدي لأمر الطاعن، فكان يتعين أن يُسند لأقدمهم الحلول محل رئيس الجامعة وبحث شأنه، أو من يليه من النواب في الأقدمية إن قام بهذا الأخير مانع تُقَدِّره المحكمة، فكان والحال كذلك القرار الصادر عن عميد كلية التجارة المنوه عنه قد صدر من غير مختص قانونا، فأُحيط قرار إحالة الطاعن للتحقيق ثم قرار مجازاته المطعون فيه بأوجه عدم المشروعية من كل جانب، منفضة من حوله دعائم صحته إجرائيا وموضوعيا، فيقضي الحق بإلغائه، فأصدرت المحكمة حكمها المتقدم.