زهير دعيم
سقى الله أيام زمان ؛ أيام اللكمة والرّفسة واللطمة و" الشّلّوط" ...
أيام العنف " الخفيف والبسيط والمشاكل الهيّنة " التي كان بمقدور أيّ كبير سنّ أن يتدخّل ويحلّها .
سقى الله أيام زمان يوم كان للكبير كلمة وموقف ، وكان الإحترام يتمشّى في كلّ الحارات وفي كلّ الأزقة رغم العتمة الدّامسة.
وكيف لا نترحّم على تلك الأيام ونحن نعيش اليوم وليالي اليوم القتل والدم والجروح والعنف المُستشري والإتاوات والإنفلات والمداهمات الشُّرطيّة ؟!
فهذا يريد أن يأكل دون أن يعمل ، وذاك أن " يشرب" دون أن يستقي ، وثالث يريد الاغتناء في ليلةٍ ليْلاء لا قمر فيها ، فلا تمرّ ليلة إلّا ولسالب الارواح نصيب ، ولجارح الأجسام جولة وجولات ..... ونروح نلقي اللوم على الغير !!!
قد يكون هذا " الغير" ملومًا فعلًا ، ولكن ما الذي يدعونا كآباء أن نتستّر على سلاح مقيت غير مُرخّص يُدنّس بيوتنا ويُقلق راحتنا ويسرق الارواح والطمأنينة وهدأة البال .
بالأمس فقط أعلنت الشرطة عن ضبط أكثر من سبعين بندقية ومُسدّس وعبوات ناسفة في وسطنا العربيّ في منطقة الشمال فقط ، وهذا بالطبع غيض من فيْض ، فبلداتنا تموج وتزخر بالاسلحة الناريّة غير المُرخّصة ..
قلتها وأقولها جهارًا : إنّي امقت كلّ انواع السلاح حتى المُرخّص منها ، وأتقزّز من رؤيتها ، ولو صدف وامتلك أحد أبنائي واحدًا منها لأقنعته بتسليمة للشرطة وإلّا لوشيت به ان تعنّت ومانع ، ولا أظنّ أن أحدًا من ابنائي يفعلها منهم يفعلها.
النيران لا تطفئها النيران ، وإنّما مياه المحبّة الجارية أبدًا في دماء الإنسانية الجميلة.
دعوني أكون صريحًا وأقول : إنّني أُسرّ حين اسمع أن الشرطة ضبطت بندقية أو مُسدّسًا غير مُرخّص هنا أو هناك ، فنكون عندها قد ربحنا نفسًا حيّة وهدأة بال.
كثيرًا ما تساءلت وما زلتُ اتساءل : لماذا لا تفتح الشرطة الباب على مصراعيه امام التائبين ، فتُعيّن يومًا أو ايامًا يعيد بها الشباب هذه الاسلحة مثلًا الى موظف في السلطة المحلية فتستلمها الشرطة بعد ايام دون ان تحاسب او تُدقّق..
ولا أستغرب ولن استغرب أن فعلها العشرات والمئات وعادوا الى رشدهم فوفّروا علينا أرواحًا .
سقى الله ايام الشّلّوط ، رغم أن الشلّوط عنف وتعدٍ.