المفتي: الإسلام لا يقصد مجرد وجود نسل كثير لا قيمة له أو وزن
قال الدكتور شوقي علام، مفتي الجمهورية، رئيس الأمانة العامة لدُور وهيئات الإفتاء في العالم، إن الإسلام قد أرشد إلى السعي للارتقاء بحياة البشر جميعًا، ويظهر ذلك في 3 وظائف جعلها من مهمة الإنسان، وهي عمران الأرض، واستخلاف الإنسان فيها، ثم الإصلاح؛ مشيرا إلى أن هذا المفهوم المعاصر والإسلامي قد تكامل في رؤية الدولة المصرية للتنمية المستدامة.
تنظيم النسل لا يتعارض مع ما جاء بالقرآن الكريم
ولفت مفتي الجمهورية، إلى أن تنظيم النسل لا يتعارض مع ما جاء في القرآن الكريم من النهي عن قتل الأولاد خشية الفقر؛ إذ أن هذا التشريع متعلق بقتل النفس أو الجنين الذي له روحٌ مستقرة، ولا يمكن أن يكون حجةً أو أساسًا للقول بأن القرآن الكريم ينهي عن تنظيم النسل؛ كما أن الأخير لا يتعارض مع قوله صلى الله عليه وسلم: «تناكحوا تكاثروا فإني مباه بكم الأمم يوم القيامة»؛ موضحا أن الحديث فيه الحض على الزواج والنهي عن العزوف عنه، ثم إن التباهي إنما يكون بالقوة والكيف الذي تتمتع به الذرية عن طريق توفير الرعاية والعناية الكافية.
وشدد «علام» على أنه في عهد الرئيس السيسي تُقدِّرُ الجمهورية الجديدة قيمة الإنسان، وتجعل من المواطن المصري الركيزة الأساسية للتنمية الشاملة والمستدامة، ومن ثم كانت مبادرات الرئيس المتعددة في مجالات الصحة والتعليم ومكافحة الفقر والقضاء عليه من أعظم المنجزات، التي تسعى نحو توفير حياة كريمة للمواطن، باعتباره ركيزة أساسية في عملية التطوير الشاملة التي تنفذها الدولة في عهد السيسي.
جاء ذلك في كلمته التي ألقاها بمؤتمر «تفعيل دور منظمات العمل الأهلي في التصدي للقضية السكانية»، الذي يقام تحت رعاية وزارة التضامن الاجتماعي، وتنظمه الجمعية المصرية لتنظيم الأسرة، بالتعاون مع الاتحاد العام للجمعيات والمؤسسات الأهلية.
التنمية المستدامة أمر مليء بالمعوقات
وأكد مفتي الديار المصرية، أن العمل والتكسُّب وحفظ البدن والترفه بالنعم واستخراج ما في الأرض من خيرات واستصلاحها وسد حاجات الناس المعتبرة وتجنب الفساد والإفساد، كل ذلك ونحوه هو من الإصلاح، لافتا إلى أنه «لا يظن أحد أن التنمية المستدامة طريقٌ سهل، بل هو معبر مليء بالمعوقات التي لا بد من القضاء عليها، وأحد أهم هذه المعوقات يتمثل في زيادة عدد السكان؛ فإنها كما تُعد عقبةً في طريق تحقيق النمو الاقتصادي فهي كذلك سببًا مباشرًا في الفقر والجهل والمرض».
ونوه الدكتور شوقي علام، إلى أن القضية السكانية «أمن قومي»، لها تأثير سلبي مادي وبدني ومعنوي كبير على الأبوين والأولاد، فضلًا عن المجتمع؛ والشريعة إنما تهدف إلى مجتمع قويةٌ أفرادُه بدنيًّا وخُلقيًّا وعلميًّا وثقافيًّا وروحيًّا؛ فالإسلام لا يقصد مجرد وجود نسلٍ كثيرٍ لا قيمة له ولا وزن، وإنما يُريد قويًّا.
وشدد «علام» على أنه ليس للإسلام غرض في كثرة النسل إن كان يؤدي إلى الجهل والفقر والمرض وعدم الرعاية؛ لافتا إلى قول الرسول عليه الصلاة والسلام: «تتداعى عليكم الأمم كما تداعى الأكلة على قصعتها، قالوا: أو من قِلَّة نحن إذن يا رسول الله؟، قال: بل أنتم حينئذٍ كثير، ولكنكم غثاء كغثاء السيل».
محاربة الانفجار السكاني قضية تحتاج إلى رفع درجة الوعي
واعتبر المفتي خلال كلمته، أن محاربة الانفجار السكاني أحد أهم القضايا التي تحتاج إلى رفع درجة الوعي والإدراك لدى المصريين؛ إذ أصبح المواطن مدركًا تمامًا للعواقب الوخيمة التي تنتج عن الزيادة السكانية غير المنظمة.
وأشار إلى ضرورة تكاتف الجميع لحل القضية السكانية، والدولة وإن أدت دورها في سبيل ذلك فإن هذا لا يحدث إلا بوعي وعمل طوائف المجتمع أفرادًا وجماعات ومؤسسات، وتأتي على رأسها منظمات العمل الأهلي، باعتبارها أهم المؤسسات التي تُسهم بشكل كبير في جمع شمل الدولة المصرية، تحت راية واحدة، هي «الوطن العزيز مصر»، وكذلك في مواجهة التحديات التي تجابهها الدولة المصرية، وهي تسعى إلى تحقيق مشروعها العظيم مصر الحديثة.
وتابع «علام»: «ولما كان من أهم آليات التصدي للقضية السكانية التوعيةُ بمخاطرها، والحث على تنظيم النسل وتوفير الدعم اللازم لاستخدام وسائله، ومشاركة مؤسسات الدولة في تنفيذ خططها الاستراتيجية في هذا الصدد؛ كان ذلك من أهم أدوار منظمات العمل الأهلي، ولا يحدث ذلك إلا بوضع آليات تنفيذية مبنية على رؤية عميقة ودراسات دقيقة بطريقة علمية حديثة ووسائل منهجية تتجاوز مرحلة المشاركة المجردة في تنفيذ الخطط الموضوعة إلى مرحلة المشاركة في الرصد والتحليل، ومتابعة جميع جوانب القضية السكانية وآثارها وأسبابها الاجتماعية والاقتصادية».
واختتم مفتي الديار المصرية كلمته بالتأكيد أنه ينبغي في هذا المقام على منظمات العمل الأهلي التعاون مع المؤسسات المعنية لتطوير الخطاب الإعلامي والديني، وتنميته في مجال التصدي للقضية السكانية، وتشجيع الإعلاميين والخطباء على تناول هذه القضية، خاصة الكوادر المؤهَّلة والقادرة على ذلك، مع زيادة دعم وتشجيع البرامج الإعلامية للحث على تنظيم النسل، ووضع البرامج التنفيذية المعاونة على ذلك، وعقد دوراتٍ تدريبيَّةٍ متطورة للإعلاميين والخطباء في مجال التوعية بالقضية السكانية، تركز على كشف السلبيات التي تلحق الفرد والمجتمع.