مراد وهبة
التاو هو أصل الأشياء، ويقال عنه إنه مقدمة لله، وهو موجود قبل السماء والأرض، وهو وحده الثابت، ومتغلغل فى كل الأشياء. وهو يترجم بلفظ «الطريق» أو بلفظ «الطبيعة» أو «النفس الكلية للطبيعة». وبسبب تعدد هذه الألفاظ ومعانيها فقد قيل إنه من الأفضل عدم ترجمة لفظ «تاو» والإبقاء عليه كما هو. ومع ذلك فإذا كان ولا بد من انتقاء اللفظ المترجم فقد تم الإجماع على أنه يعنى «الطريق»، ومن ثم تترجم التاوية بلفظ «الطريق- إيَة». وقيل إن مؤسس التاوية هو الفيلسوف الصينى لاوتسو (517-570) ق.م. ومع ذلك فقد قيل إن لاوتسو ليس اسمًا لإنسان بل إنه لقب ويعنى المعلم الأكبر.
وُلد فى مزرعة فى جنوب بكين وكان يعمل أمين مكتبة وثائق الدولة فى مدينة تشو. وبعد أن عاش فيها فترة من الزمن اكتشف أن الدولة هزيلة وفى طريقها إلى الانهيار فاستقال وحمل أمتعته على عربة يقودها ثوران وسار بها نحو المجهول. وعند الحدود رجاه الحارس المسؤول أن يبقى ليكتب فلسفته، وكان عنوانها التاوية. وأنا هنا أنتقى عبارات من هذا الكتاب وهى على النحو الآتى:
■ الالتزام بالحياة البسيطة والاتحاد مع الطبيعة وإنكار الذات والزهد فى الحضارة من أجل الدخول فى تناسق مع التاو، هو الطريق الأبدى والقوة الحاكمة المطلقة للكون.
■ الحياة البسيطة تعنى الآتى: ليس من كارثة أشد فتكًا سوى الانسياق وراء الأهواء، وليس من مصيبة أعظم من أن تكون شرهًا، ومن هنا يكون القانع بالقناعة فى حالة اكتفاء ذاتى.
■ إن الحكيم لا يراكم من أجل ذاته بل من أجل الآخرين، ومع ذلك فإنه يراكم من أجل ذاته لأنه كلما أعطى للآخرين فإن ما يعطيه يصبح مِلكًا له.
■ إن تحكم دولة كبيرة يماثل طهى سمكة صغيرة بمعنى أن كثرة تحريكها يفسدها.
■ الغيرية نقيض الأنانية لأنها أفضل الطرق لمسلك الإنسان.
■ احتضن البساطة فتتقلص الأنانية وتتوارى الشهوات.
■ الفضلاء ينتبهون إلى التزاماتهم أما الرذلاء فلا ينتبهون إلا إلى أخطاء الغير.
■ طريق السماء يخلو من المحاباة لأنه ينحاز إلى الإنسان الخيّر.
■ الاتحاد الصوفى مع المطلق ينفتح على الآفاق الآتية:
أن تعرف التناغم معناه أن تكون متناغمًا مع الأبدى، والتناغم مع الأبدى يعنى أن تكون متنورًا.
التاو خالد وليس له اسم. وبالرغم من أنه بسيط إلا أنه من المحال التحكم فيه. ننظر إليه ولكن لا نراه واسمه اللامرئى. وننصت إليه ولكن لا نسمعه واسمه اللا مسموع. ونلمسه دون أن نقتنصه واسمه اللاملموس.
ومع ذلك فإنه قد قيل إن التاوية كانت مرفوضة فى عصر التنوير الأوروبى بدعوى أنها تروج للخرافات مع قليل مما قد يكون صالحًا للعقل الأوروبى الحديث. وهو قول فاسد روج لهم المعادون لأى تنويرغير غربى. وقد قيل أيضًا عن الفكرة المحورية للتاوية وهى «عدم الفعل» بأنها تعنى عدم الاكتراث بمتطلبات الحياة الدنيا بوجه عام، وتجاهل مواجهة الشرور الاجتماعية بوجه خاص. وهذا أيضًا قول فاسد لأن أصل هذه الفكرة المحورية مردود إلى تحذير التاوية من تجاهل الحياة الباطنية للإنسان؛ لأن هذه الحياة هى الموجهة للتعامل مع الحياة الدنيا.
نقلا عن المصرى اليوم