جمال رشدى: يكتب
انتقد اليوم السيد الرئيس عبدالفتاح السيسي عدم وجود رقمنة للدولة المصرية قائلًا، هذا الأمر خلانا مش شايفين كويس، بياناتنا مش واضحة فحصل استقرار لواقع غير دقيق به الكثير من الفساد، وأشار إلى وجود فساد كبير في منظومة التمويل وكشف عن " وجود بطاقة تمويل تحمل اسمه في محافظة المنيا، وتم صرف المواد التموينية بها، مضيفًا " والله العظيم بتكلم جد"
الكثيرين يتناولون كلام الرئيس اليوم بأنه واقعة عادية من الممكن ان تحدث، لكن هناك عبارة في كلام السيد الرئيس لابد ان نقف امامها طويلًا، لأنها تشخص واقع الفساد الذي وصلت له مصر، تلك العبارة هي " فحصل استقرار لواقع غير دقيق به الكثير من الفساد"
الجملة تجسد حال الفساد الذي أصبح واقع ثقافي مقنن تتعامل به مؤسسات الدولة، وليس وزارة التمويل فقط، وهنا الخطورة الحقيقية التي تواجه عملية المعالجة، لأن العنصر البشري أصبح منصهر داخل ثقافة الفساد وجزء منه، ربما تكون الإدارة الرقمية لمؤسسات الدولة هي جزء من المعالجة وليست كل المعالجة، لأن في الأخير العملية الإدارية الرقمية قائمة على مهارة العنصر البشري.
بطاقة باسم الرئيس وهو رأس الدولة يتم ممارسة الفساد باسمها دون خوف، فهنا الفجور الكاسح لذلك الفساد، يحتاج الي مجابهة غير تقليدية بعيدًا عن القوانين التقليدية التي هي أيضًا جزء من ذلك الفساد الراسخ والمتمكن منذ نشأته من أكثر من 60 عام.
عملية المعالجة تتطلب إعادة تكوين هيكلي لمؤسسات الدولة بعيدًا عن الوضع القائم حاليًا، تلك المعالجة تتطلب تركيب وظيفي، عن طريق إنشاء هيئات وشركات ومؤسسات شبه حكومية بعيدًا عن الهياكل القائمة حاليًا، تتضمن عنصر بشري ذات كفاءة ومهارة، بنظام تشغيل وأجور مختلف، يتولى إدارة المؤسسات عن طريق التعاقد مع الحكومة مع سحب الكثير من الصلاحيات الوظيفية من المؤسسات الحالية.
لان رقمنة الدولة في الوضع الحالي لا يمكن حدوثه وسط زخم العنصر البشري المتشبع بثقافة الفساد، وتتولي الحالة الجديدة الإدارة الرقمية لمؤسسات الدولة، وتلك الطريقة هي الأمثل للتغلب على تجذر الوضع الحالي، وتوغله حتى وصل الي استخدام رأس الدولة في ممارسة الفساد.
ولابد ان تكون بداية تغيير الهيكل الوظيفي من وزارة التنمية المحلية التي هي المجري المغذي للفساد، وأيضًا وزارة التربية والتعليم التي هي المفرزة الثقافية لتكوين عنصر بشري سهل تطويعه بثقافة الفساد.
واقترح ان يتم تعريف الفساد بكل تشعباته وانواعه والدخول به تحت مفصلة المحاكم العسكرية، حتى يتم لجم سعاره ضد توليد النظام الإداري المقترح، واعتقد بل واجزم ان وجود الفساد وعدم مجابهته جعل المواطن يتقوقع بعيدًا عن طريق سير عملية التنمية التي يقودها السيد الرئيس بكل براعة.
ما كتبته في هذا المقال من اقتراح توليد مؤسسات وهيئات شبه حكومية لإدارة الدولة، هو ما قامت به الشقيقة المملكة العربية السعودية، والتي اتواجد بها منذ سنوات طويلة وهو ما جعلها تعتلي المراتب الأولى في العالم للإدارة الرقمية، وأيضًا شبه اختفاء تام للجريمة والفساد في كل المؤسسات.