CET 10:21:29 - 01/09/2009

مقالات مختارة

بقلم‏:‏ د‏.‏ ق‏.‏ صفوت البياضي

هل جربت يوما سد فيه الناس آذانهم حتي لا يستمعوا إليك؟ عندما ضاقت الدنيا قدامك وأردت الحديث إلي صديق تستريح له ومعه فلم يرد علي ندائك فذهبت إليه طارقا بابه فلم يفتح لك بابا‏,‏ كتبت إليه بالطرق العديدة التقليدية بالبريد والبرق والحديث منها عبر الرسائل الإلكترونية والتليفونية‏(‏ بالفاكس‏),‏ ولم تلق استجابة وبالطبع دارت بعقلك أسئلة هي طبيعة ومألوفة مثل لماذا أغلقت الأبواب بلا أسباب معروفة لي‏.‏

وأحيانا لا نلق ردا لأن من نسأله يعرف ما نطلبه وهو عاجز عن إجابة المطلب أو غير راغب في الاستجابة للمطلب‏,‏ فالمسئول بخبرته عندما يعرف الطالب عن طريق معاونيه الذين تلقوا الطلب أو معرفته برقم الطالب مثلا فهو يعرف إذن من الطالب وماذا يطلب ولأنه لا يستطيع أو لا يرغب فإنه لا يلبي النداء أو يطلب من معاونه أن يتلقي المكالمة‏,‏ ولكنه يعتذر لأسباب تقليدية يعرفها مساعدوه عندما يعطي الإشارة بأنه لا يريد التجاوب مع المتحدث‏.‏

والأسوأ هو من يرد عليك ويطمئنك بل ويعدك بأنه يملك حل المشكلة‏,‏ وسوف يعمل علي معالجة الموقف‏,‏ ولكنه في قرارة نفسه إنه لن يتجاوب أبدا مع مثل هذه المطالب رغم مشروعيتها بل وأحقيتك فيما تطلب وأنت تعلم تماما أن أمثالك الذين كان لهم ذات المطلب لم يجدوا أية مشقة في الحصول علي مطلبهم‏.‏

ويأتي السؤال إلي من تذهب أو تلجأ بعد أن طرقت الأبواب من مكتب الموظف الصغير إلي أكبر مسئول‏,‏ وكلهم أجمعوا علي غلق الأبواب والنوافذ بإجماع الآراء ــ كما يقول رجال القضاء‏.‏

وهنا يكون الطريق الوحيد اللجوء إلي الله سبحانه‏,‏ ليس عجزا بعد أن سلكت الطرق المشروعة ــ رافضا غير المشروع منها ــ ولكنك بالتجائك إلي المولي تكتشف أمورا عجيبة منها ــ إنه وحده ــ سبحانه ــ معين من لا معين له‏,‏ ولا يسد أذنيه عن صرخات المسكين وهو ــ سبحانه الذي ينظر ويري ويجازي كل واحد حسب أعماله‏.‏

وباللجوء إلي الله كرامة للداعي أو الشاكي‏,‏ فالشكوي لغيره ــ سبحانه ــ مذلة‏,‏ والذل هو عدم المبالاة أو بالوعود الكاذبة أو الردود الرافضة والباغضة أو الحاقدة‏.‏ فاللجوء إلي الله ــ نعمة ــ عند استجابة الطلب وصبرا عند التأجيل ودرسا عند الرفض‏,‏ فالاستجابة نعمة تستحق مزيدا من الحمد والشكر لصاحب الفضل ومانح الهبات والنعم‏,‏ وقد تكون الإجابة ليس الآن لحكمة عليا نحن لا ندركها وإنما في الموعد الأفضل تأتي استجابة المطلب وعند الرفض نكتشف أن ما طلبناه لم يكن هو الأفضل لنا بل علي العكس تماما‏,‏ فالابن الذي يطلب من أبيه سيارة‏,‏ وهو لم يعد قادرا علي قيادتها بالدرجة التي تضمن له الأمن والسلامة ويرفض الوالد مطلب ابنه وقد يغضب الابن‏,‏ ولكن عندما يتأكد الأب أن ابنه أصبح قادرا علي تحمل المسئولية‏,‏ يجيب مطلبه‏.‏وقد طلب ابن من أبيه سيارة ولكن الأب أعطاه كتابا به معلومات تجعله أكثر قدرة علي تحمل المسئولية وغضب الابن وألقي الكتاب علي مكتبه وترك البيت‏,‏ وقرر ألا يعود إليه وسافر بعيدا عن أبيه ولم يدخل البيت إلا بعد أن سمع نبأ موت الأب فجاء ليشارك في جنازته‏,‏ ودخل غرفته ووجد الكتاب الذي لم يفتحه وإذ به يجد شيكا مصرفيا ومعه كلمة رقيقة تقول هذا المبلغ يكفيك لشراء السيارة التي تريدها فقط تأكد من مراجعة إرشادات القيادة حفاظا علي حياتك الغالية‏,‏ أما الطفل الصغير الذي طلب من أبيه عنقودا من العنب‏,‏ وقال الأب لا ليس الآن بكي الطفل‏,‏ ولم يرق قلب الأب لبكائه‏,‏ ومرت الأيام وإذ بالوالد يأخذ ابنه إلي ذات الحديقة ويقطف عناقيد من العنب‏,‏ وسأل الطفل لماذا الآن‏,‏ وليس منذ أيام؟ وأجاب الأب ابنه لقد كان العنب حصرما‏,‏ أما الآن فصار حلو المذاق‏.‏ لكل هذه الأسباب نقول إلي العلي القدير نرفع شكوانا وبابه دائما مفتوح لطالبيه‏,‏ وفي ذلك كل العزاء والرجاء لمن أغلقت أمامهم أبواب البشر الذين ظنوا أنهم آلهة صغيرة أو كبيرة يملكون المنح والمنع‏,‏ النعم واللاء‏,‏ وهم لا يعلمون أن المراكز لا تدوم والسلطة وصلتنا بعد أن كانت لغيرنا‏,‏ وهكذا ستكون ونصيحتي هي إلي الله ندعو ومنه نطلب ونترجي وننتظر‏.

نقلا عن الأهرام

المقال الموضوع يعبر فقط عن رأي صاحبه وليس بالضرورة عن رأي أو اتجاه الموقع
شارك بآرائك وتعليقاتك ومناقشاتك في جروبنا على الفيس بوك أنقر هنا
أعرف مزيد من الأخبار فور حدوثها واشترك معانا في تويتر أنقر هنا
  قيم الموضوع:          
 

تقييم الموضوع: الأصوات المشاركة فى التقييم: ١ صوت عدد التعليقات: ٠ تعليق

خيارات

فهرس القسم
اطبع الصفحة
ارسل لصديق
اضف للمفضلة

جديد الموقع