خالد منتصر
مصر '>تجارة الأعضاء فى مصر صارت عملية سمسرة وسوق نخاسة تصل إلى مرتبة العار، أن نصل إلى درجة إعلانات فى الصحف وعلى وسائل التواصل: «مطلوب كلى وفص كبد» وعلى الغلبان الذى رسا عليه المزاد أن يتصل ليأخذ المبلغ بعد تسليم البضاعة! الحل هو فى تفعيل قانون زرع الأعضاء، القابع فى الثلاجة منذ ٢٠١٠ ولا أحد يعرف سبب دفنه وأخذ عزائه فى عمر مكرم، قانون نقل أو زرع الأعضاء من المتوفين إكلينيكياً، توفى هو الآخر إكلينيكياً، بل وصل إلى مرحلة التعفن الرمى من طول مدة الإهمال والطناش، تخيلوا إسبانيا هى أعلى دولة فى العالم من حيث معدلات المتبرعين بالأعضاء لأكثر من 24 عاماً، فهى الحالة النموذجية لعملية السماح بالتبرع بالأعضاء، ومن خلال العمل على نظام «الموافقة المفترضة»، يعتبر النموذج الإسبانى جميع المواطنين مانحين محتملين ما لم يختاروا تحديداً عدم المشاركة!! ونظرية السكوت علامة الرضا عن التبرع موجودة فى فرنسا والنرويج والسويد وتركيا أيضاً.
نحن ضد تجارة الأعضاء ونعتبرها خطيئة، أما الدول العربية فقد تجاوزتنا للأسف، تونس -على سبيل المثال- كانت من أولى الدول التى أدرجت عبارة «متبرع» على بطاقة الهوية الوطنية لكل تونسى يعلن عن رغبته فى التبرع بأعضائه بعد الوفاة، بعد قانون حكومى صدر فى العام 1999، إذ كشفت دراسة كُشف عنها فى «المنتدى الفرنسى المغاربى السابع لزراعة الأعضاء» فى 2017 أن 77% من التونسيين يرغبون فى التبرع بأعضائهم بعد الوفاة، كما أضافت السلطات السعودية عبارة «يرغب بالتبرع بالأعضاء» على رخص قيادة المواطنين للإشارة إلى أن حاملها يرغب فى التبرع بأعضائه بعد الوفاة، وتشارك وزارة الصحة السعودية إعلانات توعية وتثقيف وتعليم السعوديين آلية التبرع.
ولأننا من المفترض أننا القدوة والمنارة وأكبر دولة عربية، فلا بد أن نلحق بهم فوراً وأن نتخلص من هذا الخوف وتلك الرعشة، لذلك نقف وراء تفعيل قانون نقل الأعضاء بكل قوة، لأن كل دقيقة تأخير فى تفعيل القانون هى التى ستؤدى إلى انتشار التجارة وليس العكس، فعندما نسمح بنقل الأعضاء من المتوفين حديثاً وننشر الوعى بين الناس لكى يكتبوا توصية بأعضائهم بعد الموت فى بطاقة الرقم القومى أو رخصة المرور، فإننا بذلك نسد الطريق على تجارة الأعضاء بين الأحياء، لأنها فى ذلك الوقت لن تكون لها سوق، ومن الأوهام التى روَّجت لها بعض أفلام السينما ما جعل المعارضين يوهموننا ويخدعوننا بأن الجرّاحين ينتظرون على باب الميت، والحقيقة بالطبع بعيدة عن تلك الهلاوس جداً جداً، ففريق تحديد الوفاة فى مكان، وفريق الزرع من الممكن أن يكون على بُعد آلاف الأميال، وتربطهما فقط شبكة كمبيوتر بها قائمة الانتظار والنسيج المطلوب، وبهذا الفهم ينتفى مفهوم العصابة الذى يروجه معارضو زرع الأعضاء، ويحل محله مفهوم مَن يبذرون الأمل فى رحم الغد ويعزفون لحن الحياة ويسدون الآذان عن نعيق الغربان.
نقلا عن الوطن