سليمان شفيق
حين نعاك الناعي فاضت دموعي علي جدارما تبقي من قلبي المريض
ونظرت الي صورتك المعاقة علي الحائط فوجدتك في القرب وفي البعد جميلا ، بكيت كثيرا فارتحت قليلا .
لا اصدق ان الموت طالك !!
كتبت منذ عشرة أيام.. أسامة عيد سينتصر في معركة المرض كما انتصر دائمًا، لكن إرادة الله قد حكمت، ولم يستطع الفارس أن ينتصر في معركته الاخيرة مع الفيروس اللعين
اتأمل ما كتبة عنك صديقك عبد الرحيم علي رئيس مجلس ادارة البوابة نيوز :" أسامة ذلك الرجل الذي يحمل قلب طفل كما كتب عنه الدكتور عبد الرحيم علي: "أسامة عيد.. تلك الروح الطفولية التي رسمت على القلب أحزانا وذكريات.. عم سلاما يا صديق.. سلم على أهلنا هناك.. وانتظرني"
اتذكر فرحتي كفرحة اب لنجاح ابنة حينما تم موافقة د عبد الرحيم علي تعيينك وتوقيعك علي قرار التعيين ، ولم اكن اعرف ان الموت سوف يخطفك و يخطف القرار ولكنها ارادة الله .
لم يتبقي سوي صوتك الضعيف عبر الهاتف من المستشفي تسأل عني وعن صحتي ، لا انسي مواقف اخية ذو السبعة غشر عاما وهو يحاول مساندة اخية حتي ادركت ان اسامة لم يمت بل نقل الله موهبتة الي ابانوب ذلك الفتي التي تم كية بنار التجربة لتحولة الي فارس.
أسامة؛ كتاباته ملتهبة بنار المعارك ،وهو يبتسم ابتسامتة مجلجلة كإلهة الأوليمب وأحفاد زيوس، انسانية خرافية تحمل من جينات أخناتون وجمال نفرتيتي، وجبهة عريضة كجبل المنيا الشرقي، صامد مثل أبيه عيد المقاتل، وعيون تتسع لرؤية الحقيقة كوجوه الفيوم، هكذا وكلما اقتربت من تلك الظاهرة التى تتجسد فى إنسان يسمى أسامة شعرت بأننى أعرفه كما أعرف وأحب ابني البكر.
من عمق النهر الذي يروينا، وننسى عذوبته، هناك في مغاغه بالمنيا وُلد أسامة عيد، التاريخ حيث تمحورت شخصية آل عيد، تجمع ما بين التدين والبطولة، وجدل العلاقة بين العدل والقوة، وأدرك أن الحق لا يتأتى إلا بالعدل، كان محامي المظلومين وحارب في كبرياء فارس وعناد طفل وصمت محارب .
عرفت أسامة منذ خمسة عشر عاما وأنا على فراش المرض، حيث كنت أنتظر إجراء عملية قلب مفتوح، واحتجت للدم، وقام أسامة ليس بالتبرع لي فحسب بل وقيادة الحملة لجمع المتبرعين، خمسة عشر عاما كان دائما يقف بجواري في أزماتي الصحية والسياسية مهما اختلفنا في الرأي، وظل يؤازرني في العمل بـ "البوابة نيوز"، بالملف القبطي على أرضية المواطنة في تواضع الفرسان، زميل محترم وصديق وفي شاهدته في معركة النائب عبد الرحيم علي، يجول معه في صمت الجندي المجهول دفاعا عن الحق في شخص صديقه عبد الرحيم علي، الذي أحبه من كل قلبه وقام بتعيينه، وكان يستعد لإرسال أوراقة لنقابة الصحفيين ولكن القدر كان أسرع بقبول أوراق رحيله، اتمني من النقيب ضياء رشوان والاساتذة في مجلس النقابة اعطاء اسامة العضوية الشرفية لنقابة قاتل من اجل دخولها حتي الموت .
لم يكن أسامة سوى قلم ينطق بالعدل، وقاد معارك حقيقية دفاعا عن الوطن والفقراء بالقلم ، وخاض مواقف مشهودة حتى في ساحات النيابات في فروسية أصحاب الرأى، ربط بين حرية الضمير وحرية "الكيبورد"، حول استخدام الهواتف المحمولة والاتهامات التى توجه من خلالها ولاستخدام الإنترنت، وقدم في ذلك نموذجا رائدا حول الدفاع عن حرية الرأى والتعبير من خلال السوشيال ميديا.
كان أسامة عيد ضد الانحراف في استخدام الملف القبطي، وكان مدافعا دومًا عن الكنيسة والبابا تواضروس، دافع أسامة عن حرية المواطنين المصريين الأقباط دائما على أرضية المواطنة، ولم يكن يخشي عداء المنافقين الطائفيين الذي يتحلون بالطائفية بحثا عن ادوار منحرفة واحيانا مشبوهة ، ولكنه كان واضح وضوح الشمس في قسوتها علي تلك الجراسيم .
خرج النعش فى فيضان من الدموع في عيد الصليب، وكأنه يتبع قول المسيح:
إ"ِنْ أَرَادَ أَحَدٌ أَنْ يَأْتِيَ وَرَائِي، فَلْيُنْكِرْ نَفْسَهُ وَيَحْمِلْ صَلِيبَهُ كُلَّ يَوْمٍ، وَيَتْبَعْنِي." (لو 9: 23 )
هكذا تخلص أسامة من قيود المرض، وحمل صليبه نحو المسيح في فجر ليلة حزينة بكى فيها القمر وهو يتوارى قبل بزوغ الشمس مثل فراشة تطير إلى آخر المدى، ليتركنا نبحث عنه في أحزان القلب، وذكريات حواراته وكتاباته ومواقفه مع كل مظلوم أو محتاج، كنت دائمًا أتلمس ريح مضاربه، أزوره، أقرأ له، أتزود من حواراته، أسامة مثل الحجر الكريم كلما سقط عليه ضوء عكس شعاعًا مختلفًا عن الآخر، صحفي، مناضل، مقاتل، رجل مواقف فارس وإنسان ومواطن.
عزائي للابن والاخ ابانوب ومن خلالة للأسرة والوطن ولكل من أمسك قلمًا من أجل الدفاع عن المظلومين.
ستظل باق في قلبي وقلوب احبائك والوطن والكنيسة والبوابة ما تبقي لي من عمر ، اما انت فالي هناك يا ابني مع المسيح ذلك افضل جدا، لن أنساك حتى نلتقي في عالم أكثر محبة ونور وحرية.