بقلم : أنطوني ولسن
تم إنتخاب الدكتور محمد مرسي رئيسا لجمهورية مصر العربية عبر صناديق الأقتراع بغض النظر عن كل ما قيل ويقال حول الفوز ، فهو شرعا وقانونا الرئيس الرسمي لمصر .
كما حدث مع مجلس الشعب والشورى في بداية العمل من محلولات " التكويش " على كل شيء في المجلسين بالنسبة الأكبر للأخوان ، ويليهم السلفيين . فكان لهم الأغلبية التي لها الحق في تسير الأمور كما يشاؤون وليس كما يجب أن يكون و حدث نفس الشيء مع الرئيس د. محمد مرسي بعد نجاحه في إنتخابات الأعادة وتوليه الحكم و" تكويشه على كل السلطات إن كانت التشريعية أو التنفيذية .
خدرنا المجلس العسكري الأعلى للقوات المسلحة وأعلن الأعلان الدستوري المكمل الذي ألغى الهيئة التأسيسية التي شكلها المجلس النيابي لكتابة دستور مصر الجديد . كذلك أوقف عمل المجلس النيابي والذي أصدرت المحكمة الدستورية العليا قرار وقف المجلس عن العمل والإنتظار لأنتخابات نيابية جديدة ظانا منه " المجلس العسكري " أنه وضع الأخوان في مأزق.
ومع ذلك تم تشكيل هيئة جديدة تحايلوا على أعضائها بتقليل عدد أعضاء الأخوان والسلفيين بإشراك نواب من أحزاب ذات مرجعية إسلامية .
في فترة الأعادة لأنتخابات الرئاسة ظننا أن المجلس العسكري الأعلى للقوات المسلحة سيؤيد الفريق أحمد شفيق الرجل العسكري لتستمر منظومة العسكر في الحكم .
على الرغم من الرفض التام لحكم العسكر ، إلا أن البعض ظن أن حكم العسكر أفضل لمصر من حكم الأخوان والسلفيين والتيارات الأسلامية . على الأقل يمكن الوقوف في وجه العسكر ، لكن من الصعب والمستحيل في ظل الدولة الدينية الوقوف في وجه الحكام نواب الله على الأرض .
تم ما تم ونجح الأخوان وتولى الدكتور محمد مرسي سدة الحكم وقال أنه رئيسا لكل المصريين فهلل الناس ، الراضي عليه والغاضب مادام هو رئيس لكل المصريين .
قامت بعض الفئات من الشعب المصري بإظهار عدم الرضى عن تولي الرئيس مرسي الرئاسة وبدأت تطالب إما بتركه للكرسي ، أو الأستجابة لمطالبهم المشروعة في المشاركة في إدارة البلاد " الحكم " .
لا أعرف من أين أتى أصحاب تحديد يومي 24 و 25 أغسطس من هذا العام 2012 للأعتصام أمام قصر الرئاسة وعدم التحرك حتى يستجيب الرئيس لمطالبهم المشروعة .
هلل من هلل للفكرة ، وبدأ الأستعداد لهذا اليوم المنشود للصمود والوقوف في وجه الرئيس الجديد آملين أن لا يستجيب لهم ويبدأ في إستخدام العنف لأبعادهم فيأتي البطل المنقذ " سوبرمان " في شكل المشير طنطاوي رئيس المجلس الأعلى للقوات المسلحة والذي " المجلس " صاحب الحق في إدارة شئون البلاد كما نص عليه ذلك الأعلان الدستوري المكمل . وهيهه حايرجع العسكر للحكم ونخلص من الحكم الديني . ويا فرحة ما تمت خدها الغراب وطار .
نجاح الدكتور مرسي لم يكن مفاجئا لأحد فماما أمريكا مع بابا أوباما مع تيزه هيلاري كلينتون مع قطر والسعودية وبعض الحبايب أصحاب ومشجعي الربيع العربي بقيادة الجماعات الأسلامية والتي على رأسها جماعة الأخوان المسلمين الممتد سلطانها وقوتها تقريبا العالم أجمع ، بدون شك لا ولن يسمحوا لأحد غيرهم : الأخوان " يحكم مصر . وهكذا صار ، وهكذا حدث ، وهكذا تم .
في حركة لا أعتقد أنها كانت متوقعة من الرئيس مرسي قلب المائدة على كل اللاعبين وأعلن إلغاء الأعلان الدستوري المكمل . وهذا أول سحب لسلطات المجلس الأعلى للقوات المسلحة في إدارة البلاد معه . أو نقول بتقيد حركته كرئيس منتخب . تلى ذلك إعفاء المشير طنطاوي والفريق سامي عنان من الخدمة العسكرية وتعينهما كمستشارين له .. للرئيس . بل تم تكريمهما بقلادتين واحدة لكل منهما تتناسب مع رتبته العسكرية .
وخاب أمل المتظاهرين .. أو هكذا يبدو .وأصبح الدكتور محمد مر سي رئيسا لجمهورية مصر العربية رغم أنف كل معارض . ولا توجد لا جماعة لها قوة وتنظيم الأخوان .لأن " لا يفل الحديد إلا الحديد " ، ولا توجد أحزاب سياسية قوية معارضة إذا إستثنينا حزب التجمع الأشتراكي برئاسة الدكتور رفعت السعيد صاحب أكبر رصيد في تحدي الأخوان . أما الباقون فحدث ولا حرج .أتمنى من أحرار مصر أن يبقى الأمل هو رصيدهم المتبقى مع العمل الدؤوب في الألتحام أكثر وأكثر مع الناس وخدمتهم مع توعيتهم بحقيقة ما سوف يعانون منه في المستقبل .
ارجع إلى العنوان الذي عنونت به المقال :
ماذا يريد البعض من الرئيس المصري ؟؟!!...
سؤال محير حقيقة وخاصة أنه أعلن عندما تولى سدة الحكم " أنه رئيسا لكل المصريين " . وهذا إعلان جامع شامل .. أليس كذلك !!! ... فما هي المشكلة ؟!.
المشكلة أن الجواب بيبان من عنوانه . وعنوانه هنا بيقول إنه يعمل من أجل المصريين الذين هم في باطنه " الأخوان وبقية الجماعات الأسلامية كل حسب تقربه من الأخوان . فالرجل إن فعل ذلك فأنه لم يتعد الأصول . لأن الأخوان يظهرون غير ما يبطنون .
كذلك في الغرب الحزب الحاكم الذي جاء عن طريق إنتخابات شريفة حرة ، " إذا إفترضنا ذلك مع الأخوان " ، من حق الحزب أن يعين رجاله الناجحين في الأنتخابات البرلمانية من حق رئيس الجمهورية أو رئيس الوزراء تعين الوزارة منهم والمجالس المحلية منهم والمحافظين منهم . وهذا شيء طبيعي ومعمول به في الغرب لحث المنتمين للحزب على العمل الدؤوب من أجل الحزب . يقابله في الشرق ما يطلق عليه " أهل الثقة " .
لكن الفرق بين الشرق والغرب ، أن الحكومة الحاكمة في الغرب يقابلها حكومة ظل .
مثلا في أستراليا توجد حكومة فيدرالية .. أي حكومة تترأس جميع حكومات الولايات في أستراليا ويقابلها حكومة ظل أتت بغالبية الأصوات ولكنها لم تتعادل مع الحكومة الحاكمة ولو بصوت واحد . كما حدث مع الحكومة الحاكمة حاليا في الأنتخابات الماضية بقيت الحكومة ما يطلق عليه بالحكومة المعلقة . لأن كلا الحزبين كان ينتظر صوتا واحدا من المستقلين الأنضمام إليه ليصبح الحزب هو الناجح والفائز وله حق إدارة البلاد وليس حكم البلاد من رئيس الوزراء " الذي بمثابة رئيس الجمهورية " . ونفس الشيء مع ولايات أستراليا . كل ولاية لها حكومة تتكون من رئيس وزراء ووزراء تتولى إدارة شئون الولاية . ووزارة ظل لها رئيبس وزراء ونفس عدد الوزراء ولها الحق في المعارضة وعدم التصويت على أي قانون لأسباب تعرضها على الحكومة . وهذا على مستوى الحكومة الفيدرالية التي تترأس كل حكومات الولايات الأسترالية مع الأشارة إلى رؤساء البلديات والعاملين بها ، " المجالس المحلية " يتم إختيارهم بالأنتخاب .
هذا النظام لا يعني أن الوزراء لهم حق خدمة فصيل من الشعب على حساب فصيل أخر لأي سبب من الأسباب . د ينية أو عرقية أو أقلية . لأن الجميع متساوون أمام القانون ويخضع الجميع لقانون مدني إتفق عليه الشعب عن طريق الأستفتاء النزيه وليس إستفتاء يخضع للمشايخ أو القساوسة أو الكهنة " لبعض العبادات لأن أستراليا متعددة الجنسيات " ولا خوف من معارضة الحكومة أو حتى رفع قضايا ضد رئيس الوزراء او أحد الوزراء .
هناك الكثير والكثير جدا مما يريده البعض في مصر وأهم هذه الأشياء :
** أن يعمل الرئيس والحكومة على التركيز على أمن وأمان الشعب المصري الذي هو والحكومة في خدمة كل المصريين " عمليا وليس باطنيا " . أي بالفعل لكل المصريين !!..
** لا مضيعة للوقت والعمل الجاد لأعادة الأستقرار والحث على العمل والتشجيع على مساعدة كل من يريد بالفعل الأعتماد على نفسه " نفسها " العمل الحر كما نشاهد بإعلان بنك مصر ومساعدته لكل راغب في ممارسة المهنة التي يحبها بالتوميل المادي على أن يبدأ السداد بعد عام من بداية العمل .
** أن يعمل رئيس الجمهورية على توحيد الشعب المصري بالتصدي لكل من يعمل على تعميق الشقاق بين أطياف الشعب المصري .
** أن يعمل الرئيس على التصدي لكل من يعمل على الفتنة الطائفية ببث الكُره بين أبناء وطن واحد إسمه مصر .
** أن يعمل الرئيس على تقنين حرية الأعلام إن كان المرئي أو المقروء أو المسموع بوضع خط أحمر عند الحديث أو الكتابة أو عرض ما يسيء لأي ديانة لأي مواطن في مصر . أعتقد هذا أمر هام جدا .
** مصر في أشد الحاجة إلى تغيرات جذرية في التعليم الذي أصبح من أكثر المؤسسات تفريخا لأجيال تكره الغير ولا تخاف الله ولا إهتمام بالوطن مصر بل كل هم الطالب أن يهاجر بعيدا عن مصر . وهذا ما يثبته هجرة الكثير من الشباب والشابا ت للعمل في الخارج حتى عن طريق الهجرات غير الشرعية مما يعرض حياتهم للخطر .
** أهم شيء في هذه المرحلة لتخطي كل الأزمات والتطلع إلى مستقبل أفضل لمصر والشعب المصري هو حق المواطنة لجميع المصريين . والتي تعني المساواة في الواجبات والحقوق . ولا تفرقة بين مواطن وأخر في عمل أو تعليم أو الوظائف بسبب العرق أو اللون أو الدين ، ولا حتى بسبب إنتمائاتهم السياسية . إنما يعتمد على الكفاءة . أتمنى على سيادة الرئيس مرسي ترسيخ حق المواطنة لكل المصريين .
الحقيقة القائمة طويلة ومتعددة ، والطريق صعب وشائك . ندعو الله أن يساعد الرئيس مرسي في مواجهة المشقات لأعادة مصر إلى ماكانت عليه ومحاولة إقناع البعض الأخر أن الأخوان يهتمون بمصر والشعب المصري ليسوا كما قال الشيخ صفوت حجازي عن مصر مجرد دويلة في الخلافة الأسلامية . وكما قال وكرر مرشد الأخوان السابق الأستاذ محمد عاكف .. طوز في مصر .