أفتى الدكتور علي جمعة، مفتي الديار السابق، وعضو هيئة كبار العلماء بالأزهر، منذ أيام بفتوى أحدثت جدلًا واسعًا، حيث قال إنه يجوز للأب كتابة أملاكه لبناته قبل الوفاة، لضمان حياة مُستقرة لهن بعد الوفاة ومُساعدتهن في المعيشة وتكاليف الزواج، وهي الفتوى التي رفضها الدكتور مبروك عطية، أستاذ الشريعة الإسلامية بجامعة الأزهر الشريف، قائلًا: «ادعاء البعض بأن كل شخص حر في ماله ليست صحيحة، وخصوصًا في مسألة الميراث».
فتوى جواز كتابة الأب أملاكه لبناته
يرى الدكتور علي جمعة، أن كتابة الأب أملاكه لبناته كاملة وكان القصد من حرمان إخوته من الميراث فهذه النية حرام، وجاء ذلك خلال تصريحاته التليفزيونية، التي أثارت جدلًا واسعًا.
وأوضح جمعة، أنّ كتابة الأب أملاكه كاملة للبنات بنية حرمان الأخوة من الميراث، فإن التصرف صحيح مع الحرمة، وعقابه من الله عز وجل يوم الحساب، منبها على أن نظام الميراث في الإسلام لم ينشأ للتمييز بين الذكر والأنثى.
ميراث المرأة في الإسلام
وأشار جمعة، إلى أنّ الإثقال على المرأة ومضايقتها وحرمانها من الميراث ليس من الإسلام أو الأخلاق، ويجب على الإنسان مراجعة نفسه في هذا الشأن، حيث يجب مراعاة البنات والإشراف عليهن، والبعض لا يسأل عليهن إلا وقت الميراث، مؤكدًا على أنّ من حق الأب أن يكتب أملاكه لبناته في حياته لحماية حقوقهن وسترهن في الدنيا، وهناك فرق بين تصرف الأب في حالة الحياة وبين بعد مماته، لأنه في حياته فهو يتصرف في ملكه، لأن قطار الميراث لم يأتِ بعد والرجل لم يمت بعد، موجهًا رسالة إلى رافضي هذا بالقول «والله عيب»، وأحكام المواريث نظام إلهي لا يمكن المساس به ولكنه يكون بعد الموت، ولهذا لا يجوز «لخبطة» ما قبل الموت بما بعد الموت.
تقسيم الميراث
وتابع عضو هيئة كبار العلماء بالأزهر، أنّ قضية الميراث'> تقسيم الميراث ليس لها علاقة بتصرف المالك في ماله وأملاكه حال حياته لأن هذا جائز ولا حرج فيه، ولا علاقة له بالميراث، منوهًا بأن من يزعم أن كتابة الأب لبناته أملاكه حال حياته، يعطل الميراث'> تقسيم الميراث فهو أمر مضحك، حيث أنّ الميراث محله التركة والتركة أمر غيبي لا يتم ولا يسمى بهذا الاسم إلا بعد وفاة صاحب التركة.
اختلاف مبروك عطية مع فتوى علي جمعة
أحدثت فتوى علي جمعة، جدلًا واسعًا سواء في الشارع أو على السوشيال ميديا، وقد اعترض عليها عدد من رجال الدين، وجاء في مقدمتهم الدكتور مبروك عطية، الأستاذ بجامعة الأزهر، مشددًا على أنّ الإنسان حر في ماله وفقًا لضوابط الشرعية، فالضوابط الشرعية ليست قيودا وإنما ضمانات للمصالح.
وأكد عطية، في تصريحات تليفزيونية، على رفضه لما جاء في فتوى جمعة بشأن جواز كتابة الأب أملاكه لبناته، قائلًا: «لهن أرض ميراثاً من تركة أبيهم وأشقاؤهن أعطوهن قيمة ميراثهن مالاً.. فهل يجوز أن يكتب الأب ماله لبناته»، موضحًا أنّ «الكتابة هتوديه نار جهنم، كل شيء مكتوب في كتاب المواريث»، والحكمة من جعل الذكر مثل حظ الأنثيين كالحكمة من فرائض الصلاة لا يعلمها إلا الله لكن يجب التعبد بها.
واستكمل أستاذ الشريعة الإسلامية بجامعة الأزهر الشريف، أنّ الأصل في توزيع تركة المتوفى على الذكور والإناث دون النظر إذا كانت تركة عينية أو نقدية، فإن كانت أنثى واحدة فلها نصف ما يحصل عليه أخيها من الميراث، وهنا لها الحق إذا أرادت أن تبيع نصيبها بإرادتها وتتقاضى من أخيها الثمن فلها مطلق الحرية لفعل ذلك».
الإفتاء: المساواة في العطاء والهبة مستحب شرعا
ومن جانبها حسمت دار الإفتاء الجدل، وقالت عبر صفحتها في بيان رسمي، إنه من المقرر شرعًا أن التسوية بين الأولاد في العطاء والهبة أمر مستحب شرعًا؛ واستدلت بحديث النبي صلى الله عليه وآله وسلم قال: «ساووا بين أولادكم في العطية، ولو كنت مؤثرًا أحدا لآثرت النساء على الرجال».
وأضافت الدار: لكن قد يَخصُّ الشخص الواهب بعض أولاده بعطاء زائد عن البقية؛ لحاجة كمرض، أو كثرة عيال، أو صغر سنٍّ، أو مساعدة للزواج، أو مساعدة على التعليم والدراسة ونحو ذلك مما يستدعي الزيادة في العطاء والهبة، فلا يكون الإنسان حينئذٍ مرتكبًا للظلم، ولا إثم عليه في ذلك؛ لأنَّه تصرف فيما يملك حسب ما يراه مُحقِّقًا للمَصلَحة.