تحل اليوم ذكرى رحيل الفنان الكبير جميل راتب، الذى أبهرنا بمسيرة طويلة من الأعمال الخالدة، التى تنوعت بين الخير والشر، ومنها شخصيتان يجب الوقوف أمامهما، لأنهما جسدتا قدرات راتب التمثيلية، وهما الرجل الصالح فى ثوب "أبو الفضل"، والشرير تحت عباءة "سليم البهظ".

 
رحل جميل راتب عن عالمنا فى الـ19 من سبتمبر عام 2018، تاركًا وراءه إرثًا كبيرة من مسيرة فنية طويلة قدم فيها ألوان عديدة من التمثيل، وتألق فى كل منها مبرزا موهبته الكبيرة الاستثنائية.
 
حياته العملية
بدأ جميل راتب حياته العملية حينما قطعت أسرته مصروفاته المالية عنه فى باريس، بعدما انقطع عن دراسة الحقوق والسياسة والتحق بمعهد خاص للتمثيل، فما كان عليه إلا أن يعمل بجانب دراسته فى المعهد، وبدأ عمله ممثلا فى باريس، وبعدها تدرج على خشبة المسرح الفرنسى، حتى شارك فى أعمال لشكسبير، وراسين، وكورناى، وموليير، وشارك مع فرقة "كوميدى فرانسيس" العريقة.
 
جميل راتب لم يكن مجرد ممثل على خشبة المسرح الفرنسى فقد قالت عنه إحدى الصحف الفرنسية بعد مشاركته فى مسرحية الوريث، إنه عندما يؤدى دوره على الخشبة فى مسرحية (الوريث) فإنه يخطف أنظار الحضور بأدائه القوى، وعينيه الحادتين، وهو أمر يعتبر نادر الحدوث فى أن يتمتع ممثل عربى بهذا الاهتمام فى الأوساط العالمية.
 
الفن المصرى
بعيدًا عن المسرح شارك فى السينما بأدوار ثانوية، وكانت البداية من فيلم أمريكى أداه فى باريس باسم "ترابيز" عام 1956، بعدها قدم 5 أعمال أخرى كان أبرزها "لورانس العرب" مع الفنان الراحل عمر الشريف، وفى عام 1974 اضطر إلى العودة لمصر لإنهاء بعض الأمور العائلية، وحصل على عطلة 6 أشهر من عمله فى باريس، ومع وصوله كان الراحل كرم مطاوع سببًا فى دخوله العالم الفنى المصرى الذى عرض عليه دورا كبيرا فى مسرحية "دنيا البيانولا"، وعمل فى تلك الفترة بين مصر وفرنسا، ووصل مجمل أعماله فى فرنسا إلى 75 عملا، بينها 15 عملا أمريكيا وإيطاليا وغيرهما.
 
شهرة عالمية
ولأن جميل راتب نال شهرة عالمية كبيرة، وتم تكريمه من "معهد العالم العربى" فى باريس، ذاع صيته فى البلدان العربية، وهو ما دفع تونس والمغرب والجزائر لأن يطلبوه للعمل فى بعض الأفلام فى تسعينيات القرن الماضى، منها أفلام "كش ملك"، و"شيشخان"، و"ليلة القدر"، وكذلك تم تكريمه من "معهد العالم العربى" فى باريس.
 
البطولة
مع بداية الخمسينيات كان سليمان بك نجيب مدير دار الأوبرا المصرية، وطلب حضور فرقة "كوميدى فرانسيس" من فرنسا وإيطاليا وبريطانيا لتقديم عروض فى مصر، حينها سأل عن جميل، واستفسر عن مستواه الفنى، وبعد أن سمع ردود فعل إيجابيا عنه تمنى أن يأتى ضمن المجموعة القادمة، فعلى عكس جميع النجوم العرب والمصريين على حد سواء، بدأ جميل راتب رحلته الفنية من باريس واستمر لـ28 عامًا هناك، ثم أكمل مشواره فى مصر.
 
وبالفعل أتى جميل راتب إلى مصر عام 1952 مع إحدى الفرق الفرنسية لتقديم عرض مسرحى، وكان يؤدى دورًا أساسيًا فقد مثلت الفرقة فى مصر ولبنان وسوريا وتركيا وإيطاليا، وكانت فرصة له ليقف أمام جمهور واسع فى أدوار كبيرة، ليكمل التمثيل فيما بعد مع كبار المخرجين والممثلين فى أدوار رئيسية.
 
الكرنك
بعد عودته للقاهرة رشح لدور الضابط فى "الكرنك" الذى لعبه كمال الشناوى، ثم رشحه صلاح أبو سيف فى دور مهم فى فيلم "الكداب" بعدها انهالت عليه الأدوار من كل مخرجى السينما تقريباً، وبعدما نجح سينمائيا فى مصر طلبته السينما الفرنسية، وشارك فى بطولة العديد من الأفلام المصرية، وأصبح الفرنسيون يطلبونه فى أدوار البطولة فعمل 7 أفلام فى السنوات العشر الأخيرة كما عمل أيضا فى بطولة ثلاثة أفلام تونسية إنتاج فرنسى مصرى مشترك.
 
تجربة الإخراج المسرحى
كذلك خاض تجربة الإخراج المسرحى وقدم مسرحيات مثل "الأستاذ" من تأليف سعد الدين وهبة، ومسرحية "زيارة السيدة العجوز" والتى اشترك فى إنتاجها مع محمد صبحى ومسرحية "شهرزاد" من تأليف توفيق الحكيم.
 
لورانس العرب
ومن أبرز أعماله الذى تألق فيها عالمياً، " لورانس العرب" وربما لا يعلم كثيرون أن جميل راتب قد شارك فى بطولة فيلم "لورانس العرب" عام 1962، وهو من إخراج المخرج البريطانى العالمى ديفيد لين، وإنتاج سام سبيجل وبطولة بيتر أوتول بدور لورنس وعمر الشريف بدور الشريف على، كما قام الراحل جميل راتب بدور ماجد، وأنتونى كوين بدور عودة أبو تايه وأليك غينيس بدور الأمير فيصل.