سحر الجعارة
فى عقد قران كريمة داعية إسلامى مستنير (متخصص فى الفقه وأستاذ جامعى)، أمسك بالميكروفون وقال إن عقد الزواج هو عقد بين الزوج والزوجة والطرف الثالث هو «الدولة، ممثلة فى المأذون».. وأضاف أن كل ما يردده المأذون من صيغة للزواج: (على سنة رسول الله، ومذهب الإمام أبى حنيفة) لم يكن متبعاً، ولم يكن الأئمة قد وُلدوا فى عصر الرسول، عليه الصلاة والسلام، ولا كانت هناك صيغة محددة.
مضى على هذا القران أكثر من عامين، ومضت سنوات مضاعفة على وثيقة الزواج فى شكلها الأخير، والتى تتيح للزوجين وضع كل ما اتُفق عليه فى قسيمة الزواج: (عمل الزوجة، الشقة ملك مَن؟ فرش الزوجية فى حالة الطلاق، النفقة.. إلخ).. الدولة حاضرة وفاعلة، لكن البعض يصر على تغييبها، على إفشالها، لتظل «الفاشية الدينية» تحكم بلدنا «من الباطن»، تنخر عموده الفقرى: «الأسرة»، وتنهك جهازه العصبى وقدرته على التنمية والتقدم والإصلاح: «الدولة»!.
حين يتحدث الرئيس عبدالفتاح السيسى فهو يتحدث باسم دولة الدستور والقانون.. لاحظ أنه يستمد شرعيته من «ثورة شعبية» على الفاشية الدينية، وحددت ثورة 30 يونيو أن تتم صياغة دستور البلاد قبل انتخاب رئيس لها.
فهو رئيس منتخب، محارب فى المقام الأول، لا يخشى فى الحق لومة لائم، يعمل لمصلحة الوطن مهما دبروا من محاولات اغتيال أو مؤامرات لإفشال الدولة.. يدير الملفات الخارجية بذكاء وخبرة، ويتعامل مع المشاكل الداخلية بوعى وتفهم وحنو الوالد الذى يعرف جيداً طبيعة الشعب المصرى «الأصيلة»، معدنه النادر المغطى بأتربة الدروشة والتغييب الفكرى والتجهيل الثقافى.
فى كل معركة يخوضها الرئيس من الحرب على الإرهاب إلى الإصلاح الاقتصادى، مروراً بالتنمية وتأسيس «الجمهورية الجديدة»، لم يستخدم أسلوب «الصدمات الكهربائية»، بل عادة يستخدم سياسة الاحتواء. طيب، عندك «ابن عاق»، يريد أن يستقل بإحدى مؤسسات الدولة ويحولها إلى «عزبة خاصة».. من وجهة نظرى -بعد طول صبر- هذا العاق يجب أن يُستبعد تماماً من خريطة العمل الوطنى!.
«العزبة» تعمل بنفس آليات جماعة الإخوان الإرهابية: (هى الملاذ الآمن لبعض من غيروا جلدهم كالثعابين من رموز الإخوان، مليارات من ميزانية الدولة ودافعى الضرائب، فتاوى تكفيرية، اختراق لباقى مؤسسات الدولة «أشبه بالأخونة» من التعليم إلى الصحة، هيمنة على بعض الزوايا والمساجد «رغم تبعيتها رسمياً لوزارة الأوقاف»، فتاوى تدمر الأسرة المصرية وتنشر التنمر والتطرف).. هى مفرخة للإرهابيين، تنازع الدولة فى سلطاتها بسلاح الدين، وهو السلاح الذى أزهق أرواح الشهداء من الأبرياء والجيش والشرطة.. السلاح الذى أسقط أوطاناً من حولنا.. فهل ينتظر الرئيس حتى يتمزق الوطن ونصبح «لاجئين»؟
عندما تحدث الرئيس «السيسى» مؤخراً عن تغيير المسار السياسى، أشار إلى التحديات الاجتماعية والثقافية والدينية والإعلامية.. وحذر: (لن أسمح لأحد أن يخالف مسيرة الدولة التى نريدها).. وهذا لن يتحقق إلا بسلطة الدولة وهيبتها بقوة القانون.. لا بالفتاوى ولا برضا أصحاب القداسة الزائفة.
من يرد أن ينضم لهذا المسار الوطنى فليكن فى خدمته، يوظف المؤسسة التى يديرها لخدمة الإنسان وليس لتركيعه باسم الوكالة الحصرية للدين. ليس لدينا أنصاف آلهة ولا تابوهات محرمة ولا أوصياء على البشر.. ومن يجد نفسه «محصناً» تحيط عمامته هالة نور فليستقل من منصبه.
وليكن هذا فراق بيننا: «افتحوا أكشاكاً للمسابح».
نقلا عن الوطن