السوق السوداء كانت تسيطر على ما يقرب من 60% من إجمالي التعاملات بالدولار قبل التعويم
كان يوم الخميس 3 نوفمبر من عام 2016 فاصلاً في تاريخ سوق الصرف المصرية، ففي وقت كانت الحكومة مجبرة على استمرار دعم الدولار حفاظاً على أسعار السلع، كان تجار العملة يواصلون استنزاف الموارد الدولارية بأكثر من طريقة.
وبسبب المكاسب الخيالية التي حققها تجار الدولار خلال الفترة من 2011 وحتى عام 2016، انتشرت هذه التجارة على نطاق واسع وقامت شركات الصرافة بالتوسع في أنشطتها وإضافة المزيد من الفروع، وفي المقابل كان احتياطي البلاد يواصل النزيف مع ارتفاع فاتورة الواردات إلى أن أصبحت السوق بحاجة ماسة إلى مواجهة تجارة العملة ووقف السفه الاستيرادي.
وعلى الرغم من أن قرار تعويم الجنيه المصري مقابل الدولار وتحرير سوق الصرف بشكل كامل لم يكن مفاجئاً، إلا أن تجار العملة والمتحكمين في سوق الدولرة حاولوا من خلال عدة طرق استعادة عافيتهم وإحكام سيطرتهم على السوق من جديد، لكن جاء قرار البنك المركزي المصري بوقف جميع شركات الصرافة التي تخرج عن التعليمات، إضافة إلى تحرك الجهات الرقابية لضبط كل المتاجرين بالعملة ليشهد عام 2017 نهاية قاسية لتجار السوق السوداء.
تشير التقديرات غير الرسمية، إلى أن السوق السوداء للعملة كانت تسيطر على ما يقرب من 60% من إجمالي التعاملات بالدولار قبل التعويم، وهو ما تسبب في خسائر عنيفة وكبيرة للبنوك التي ابتعد عنها المتعاملون في ظل أسعار صرف كبيرة في السوق السوداء مقارنة بالأسعار التي تطرحها البنوك. لكن مع إحكام الرقابة وترك الدولار للعرض والطلب والسيطرة على الواردات وتقنينها بالتعاون بين البنك المركزي المصري ووزارة التجارة والصناعة، استقر الطلب على العملة الصعبة وزاد المعروض الدولاري في البنوك.
مجموعة الأرقام التي أعدتها "العربية.نت" تشير إلى الأزمة التي كان يعاني منها الاقتصاد المصري بسبب انتشار عمليات الدولرة، فاحتياطي البلاد من النقد الأجنبي انخفض خلال الفترة من 2011 وحتى عام 2016 بنسبة 52.5% فاقداً نحو 18.9 مليار دولار، حيث نزل الاحتياطي من مستوى 36 مليار دولار في 2011 إلى نحو 17.1 مليار دولار في 2016، لكنه كان قد سجل أدنى مستوى في تاريخه الحديث خلال عام 2013 حينما لامس مستوى 13.6 مليار دولار.
في المقابل، ومنذ قيام المركزي بتعويم الجنيه مقابل الدولار، قفز حجم الاحتياطي بنسبة 129% مضيفاً نحو 22.5 مليار دولار بعدما ارتفع من مستوى 17.5 مليار دولار في 2016 إلى نحو 40.1 مليار دولار خلال عام 2020. وهو ما يشير إلى متوسط نمو سنوي يبلغ نحو 10.5% بزيادة سنوية قيمتها 4.5 مليار دولار. لكن الاحتياطي سجل أعلى مستوى في تاريخه خلال عام 2019 حينما بلغ نحو 44.5 مليار دولار.
على صعيد تحويلات المصريين العاملين بالخارج والتي تعد رقماً مهماً في حجم احتياطي النقد الأجنبي المصري، تشير الأرقام إلى أن قيمتها الإجمالية خلال السنوات من 2011 وحتى عام 2016 بلغت نحو 87.1 مليار دولار. في المقابل، سجلت خلال السنوات من 2016 وحتى 2020 نحو 126.3 مليار دولار، ما يعني زيادة نسبتها 45% بقيمة 39.2 مليار دولار.
وقبل أن يتم تعويم الجنيه المصري كان سعر صرف الدولار يبلغ 8.8 جنيه، لكن في أول أيام التعويم حدد البنك المركزي المصري سعراً استرشادياً عند مستوى 13 جنيهاً ليقفز سعر صرف الدولار خلال 24 ساعة بنسبة 47.7%. وفي منتصف عام 2018 بلغ متوسط سعر صرف الدولار نحو 19.60 جنيه بزيادة نسبتها 122.7% عن قيمته قبل التعويم.
لكن مع بداية 2019 بدأت موجة ارتفاع الدولار تتلاشى ليهوي إلى مستوى 17 جنيهاً، ثم واصل تراجعه ليسجل خلال العام الحالي متوسط 15.62 جنيها، متراجعاً بنسبة تزيد عن 25.4% من أعلى مستوى بلغه الدولار في منتصف 2018.