كتب: محرر الاقباط متحجون 
توقع أبوبكر الديب، مستشار المركز العربي للدراسات، والباحث في الشأن الإقتصادي والعلاقات الدولية، أن يؤثر صعود طالبان وحكمها لأفغانستان إلي تهديد عرش الدولار الأمريكي، مضيفا أن ما تشهده أفغانستان حاليا يرجع لتآكل الثقة في القوة الأمريكية ومظلتها الأمنية والاقتصادية العالمية.
 
وقال الباحث في الإقتصاد السياسي والعلاقات الدولية، أن تقدم حركة طالبان وسيطرتها علي أفغانستان أحدث صدمة هائلة في الإقتصاد الدولي.
وأضاف أن التقدم السريع لمقاتلي الحركة أربك المستثمرين وحركة التجارة والأسواق المالية في البلدان المجاورة مثل إيران وطاجيكستان وتركمنستان وأوزباكستان والمستثمرين وباكستان وقد تراجعت بالفعل أسعار السندات الباكستانية بنسبة 8% العام الجاري.
 
وذكر مستشار المركز العربي للدراسات أن العالم يترقب موجة أو أكثر من اللاجئين وتسريب جماعات عنيفة يمكنها هز استقرار المناطق الحضرية والبنية التحتية ما يهدد التعافي العالمي من جائحة كورونا
 
وأوضح أن تأثير الأزمة في أفغانستان ربما يمتد لمناطق بعيدة وكذلك علي حركة الاستثمار والتجارة العالمية وربما يطلب الكثير اللجوء الي أوروبا أو الي  تركيا وربما يؤدي هذا إلى الضغط على عملة اليورو والليرة التركية.
 
وحذر مستشار المركز العربي للدراسات من انهيار الاقتصاد الأفغاني في حال أوقف المجتمع الدولي مساعداته وربما اندلاع حرب أهلية من جديد على غرار تسعينات القرن الماضي
 
واضاف أنه بعد الإطاحة بنظام طالبان عقب أحداث الحادي عشر من سبتمبر انتعش الاقتصاد الأفغاني بفضل مليارات الدولارات من المساعدات الدولية ودول المانحين التي وعدت بمساعدات سخية في عدد من المؤتمرات الدولية التي عقدت في عواصم أوروبية وآسيوية ووعدت بتقديم مليارات دولارات للنهوض بالمؤسسات الدولية الأفغانية الحيوية ومساعدتها في إنعاش اقتصادها المريض وتحسين ظروف حياة الأفغانيين الذين يعيش أكثر من خمسين % منهم تحت خط الفقر وفقا لآخر إحصائيات الأمم المتحدة، واقتصادها مهدد بالانهيار وهناك مخاوف من هروب الإستثمارات.
 
وأشار مستشار المركز العربي للدراسات، إلي أن أفغانستان تقع في منطقة ليست لها منافذ على المياه الدولية وهي محاطة بالجبال الوعرة ولها حدود شاسعة مع إيران تبلغ مساحتها نحو تسعمائة كيلومتر كما أن حدودها مع جارتها باكستان تقدر بأربعمائة كيلومتر ولها حدود مترامية الأطراف مع جمهوريات آسيا الوسطى مثل طاجيكستان وتركمنستان وأوزبكستان.
 
وأوضح أنه لا تزال أفغانستان أكبر منتج للأفيون في العالم، ويقدر المسؤولون البريطانيون أن حوالي 95 %  من الهيروين الذي يصل إلى المملكة المتحدة مصدره من أفغانستان ووفقاً لإحصاءات الأمم المتحدة، فقد زادت زراعة الخشخاش في أفغانستان بشكل كبير في السنوات العشرين الماضية، ولا تزال 12 مقاطعة فقط من مقاطعات البلاد البالغ عددها 34 خالية من زراعة الخشخاش، رغم الحوافز المقدمة للمزارعين للتحول إلى زراعة المحاصيل الأخرى مثل الرمان أو الزعفران، ورغم فرض طالبان حظراً قصير الأجل على زراعة الخشخاش في عام 2001 ، فقد أصبحت منذ ذلك الحين مصدر دخل بملايين الدولارات لهم ولغيرهم وغالباً ما يُجبر مزارعو الخشخاش على دفع ضرائب على أرباحهم لمقاتلي طالبان.
 
وقال مستشار المركز العربي للدراسات إنه حسب وكالات الاستخبارات إنه في حين أنه من المستحيل إجراء قياس دقيق لمقدار الأموال التي تمكنت طالبان من جمعها بدقة لكنها تترواح بين 300 مليون دولار إلى 1.6 مليار دولار سنويا.
 
وأضاف الباحث الاقتصادي، أن حالة عدم الاستقرار الأمني والسياسي أدت لزيادة معدلات الفقر والبطالة والأمية في أفغانستان، وتدهورت الأوضاع الصحية فقد عانت البلاد من الاحتلال السوفيتي منذ 1979 والمقاومة له حتى رحل عام 1989، ثم دخولها مرحلة الحرب الأهلية ما بين الفصائل المتناحرة، وظهور طالبان أواخر عام 1994 ثم دخولها العاصمة كابل عام 1996، ثم الحرب الأمريكية على أفغانستان منذ أكتوبر 2001 مصحوبة بقوات تحالف من أكثر من 40 دولة، ثم أخيرا سيطرة طالبان من جديد.
 
وقال إن صعود طالبان سيلقي بظلاله على الاقتصاد العالمي الذي مازال يعيش أثر الصدمة وربما من نري تراجعا عن مشتريات سندات الخزانة والأصول الأمريكية وتهاوي الدولار، مقابل انتعاش سوق السندات الصيني وعملتها باعتبارها القوة الصاعدة في آسيا.
 
وأضاف أن العالم يترقب موجة أو أكثر من اللاجئين أو ربما تسريب جماعات عنيفة يمكنها زعزعة استقرار الدول المحيطة ما يهدد التعافي العالمي الذي بالكاد تحقق بعد انحسار وباء كورونا وربما يمتد تأثير الأزمة والحرب في أفغانستان لمناطق بعيدة من العالم وما يهدد حركة الاستثمار والتجارة العالمية وانتقال الأموال وأسواق المال وربما يطلب الكثير من الأفغان اللجوء إلى أوروبا أو إلى  تركيا أو دول أخرى ما يزيد الضغط على "اليورو" والليرة التركية وغيرها.
 
وأشار إلي أن المشهد السياسي والاقتصادي سيتغير ويصبح أكثر تعقيدا في منطقة آسيا الوسطى وستكون له تداعيات خطيرة على النفوذ الأميركي ومشاريع "الحزام والطريق" الصينية في كل من باكستان وإيران ودول آسيا الوسطى.