هاني صبري- المحامي
وقع انفجار في صهريج وقود في بلدة تليل بعكار شمالي لبنان، مما أسفر عن مقتل عشرين شخصاً علي الأقل وعدد من الجثث متفحمة وصل إلى حدّ لا يمكن التعرف إليها ، فضلاً عن إصابة العشرات.
ولم يعرف بعد أسباب الانفجار الذي وقع وأنه جاري التحقيق في الحادث.
وهناك أزمة محروقات حادة تشل المرافق العامة والخدمات في لبنان منذ شهور ينعكس سلباً على قدرة المرافق العامة والمؤسسات الخاصة وحتى المستشفيات على تقديم خدماتها.
وتستمر الأزمات والأحداث والكوارث التي تضرب لبنان فمجزرة عكار لا تختلف كثيراً عن مجزرة المرفأ ، حيث وقع الانفجار في عكّار بعد أيام على إحياء لبنان الذكرى الأولى لانفجار مرفأ بيروت في 4 أغسطس 2020 والذي أودى بحياة أكثر من 200 شخص.
ونتج الانفجار من كميات ضخمة من مادة نيترات الأمونيوم مخزنة منذ 2014 في المرفأ من دون إجراءات وقاية. وتبين أن موظفين ومسؤولين سياسيين وأجهزة أمنية وعسكرية كانوا يعلمون بمخاطر تخزينها.
التحقيق مازال يراوح مكانه وسط اتهام الطبقة السياسية بعرقلته.
للاسف الشديد هناك حالة من الغضب والأحباط الذي يعاني منه اللبنانيين ويشهد لبنان أزمات اقتصادية وسياسية طاحنة ومتلاحقة ، واحتجاجات شعبية، وتزايدت حدة الأزمة منذ تفجير مرفأ بيروت الذي نجم عنه دمار كبير في العاصمة اللبنانية.
نقدر ما يعانيه الشعب اللبناني المطحون الذي أنهكته الحروب الأهلية وتردي الأوضاع الاقتصادية والسياسية وفشل الحكومات اللبنانية المتعاقبة في تلبية الحد الأدني من احتياجاتهم الضرورية ، وبدفع اللبنانيين فاتورة الصراعات الطائفية علي السلطة التي دمرت لبنان، والمشهد معقد للغاية في ظل الوضع الراهن الذي تعيشه البلاد وحالة انعدام الثقة في الطبقة السياسية الحاكمة.
نري أنه قد تحدث ثورة جياع في لبنان - لا قدر الله- بسبب تدهور الأوضاع السياسية ، والإقتصادية الصعبة وانهيار قيمة الليرة التي فقدت أكثر من تسعين في المئة من قيمتها ، ونتمني ألا تحدث ثورة جياع ويخرج لبنان من كبوته في أسرع وقت.
الجدير بالذكر أن لبنان على وشك الإفلاس، وأن معدلات الفقر والبطالة والدين العام وصلت لمعدلات قياسية غير مسبوقة هي الأسوأ بتاريخ لبنان.
في تقديري أن الأزمة الحقيقية في لبنان ناشئة عن سياسات ممنهجة منذ عقود، وإن ما يحدث في لبنان هو نتاج فشل سياسي لطبقة سياسية فقدت مفهوم المصلحة العامة، فهي تعمل لصالحها ولا تعمل لصالح المواطن اللبناني، وبالتالي فإن العجز سببه الفساد السياسي ، مع وجود صراع طائفي وسياسي يترافق مع الوضع الاقتصادي السيئ ، وتكمن خطورة الموقف في عجز البنك المركزي على التدخل من أجل كبح انخفاض الليرة اللبنانية المستمر.
وقد يعود الحراك إلى الشارع اللبناني نتيجة الجوع والغلاء الفاحش ونقص المواد الأساسية، مما يجعل الوضع مرشح للتصعيد خاصة في غياب أي تدخل دولي بسبب تداعيات جائحة كورونا وتفاقم الدين العام، ويتحمل حزب الله اللبناني الموالي لإيران المسؤولية الأكبر لما وصلت إليه لبنان الحبيبة.
أن الانقسامات والصراعات الطائفية ليست الحل ، ويجب تغليب مصلحة لبنان على أي اعتبارات طائفية أو مذهبية أو إقليمية.
لذا يجب أن يتكاتف كل اللبنانيين حكومةً وشعباً للخروج من تلك الأزمات والحرص علي استقرار لبنان سياسياً وأمنياً بما يحفظ وحدة البلد وتماسُك مؤسّساته ، ونبذ الطائفية ، ونزع سلاح حزب الله وحركة أمل ، وضرورة معالجة الوضع الاقتصادي ومُلامسة تطلّعات الناس وهمومهم المعيشية، والحدّ من الهَدْر والقضاء على الفساد، ورفض المحسوبيات في التوظيف، والابتعاد قدر الإمكان عن الإجراءات الإقتصادية المؤلمة بحق الشعب اللبناني الذي يعاني الأمرّين من تفشي الفقر وانعدام فُرَص العمل ونقص الخدمات، من دون ذلك تبقى الأمور مرشحة لمزيد من الأزمات، حمي الله لبنان وشعبها من كل سوء.