بقلم : البير ثابت فهيم
يرتبط الناس بعلاقات مختلفة مع بعضهم البعض ، حيث تبدأ العلاقات بالمحبة والإتفاق والتوافق على كل شئ فيما بينهم سواء كانت فى المشاعر أو الأفكار أو الطموحات والآمال أو المصالح المشتركة حسب نوع العلاقة .. ولكننا نرى بعد فترة زمنية قد إنهارت تلك العلاقات بكل سهولة ، وإنتهى الأمر بأطرافها إلى حد القطيعة والجفاء وربما إلى الصراع والتطاحن والعداوة والبغضاء بعد العطاء والعشرة الطويلة والمجاملات الودية التى قضوها مع بعضهم فى محبة ووئام وإنسجام وتواد ، ثم يحدث هذا التغيير والإنقلاب بعد أن تكون قد تعمقت الصلات ووصلت إلى درجة التأصل فى النفوس !!! .
لماذا ياترى ينقلب الود إلى مشاعر الحقد والكراهية ويتحول التفاهم إلى تنافر وتتبخر الوعود والعهود التى قطعوها على أنفسهم بأن يبقى الصديق وفيا" لصديقه ، والزوج محبا" لزوجته ، والأخ ودودا" لأخيه ؟! لماذا تهتز ببساطة العلاقات الحميمة وتصاب بالتفكك بعد سنين طويلة من العلاقات المليئة بالأحداث الجميلة والمحبة والتراحم والترابط والاجتماع على الحلوة والمرة ؟؟ ثم تأتى لحظة من لحظات الغضب والنزغ من إبليس بقيامه بزرع الشوك بين الأحباء فيتشتت الشمل وتقطع الأواصر وتفسح عري الروابط والمحبة بصورة درامية بعد سنوات طويلة من العشرة والإرتباط ، وقد أفضى كل منهم للآخر بمكنونات باطنه ، وباح له بأسراره وأفكاره وكشف له عن خصوصياته من ألفها إلى يائها .
أننى لا أكاد أتقبل مبررا" واحدا" يدفع إلى هدم الروابط الاجتماعية ، ويزلزل أواصر الإخوة وأن يتغيروا فى المعاملة مع بعضهم البعض بعد عشرة ومضى فترة طويلة على إرتباطهم بالعلاقات التى تجمع بينهم على أسس ومقومات نفسية ومعنوية من شأنها أن ترسخ وتعمق أواصر الصلة بينهم لتصل إلى درجة الإنصهار والذوبان فى نفس واحدة يصدر عنها إحساس واحد كما هو حال العلاقات الزوجية التى يفترض أن تكون كذلك .
صحيح هناك أحداثا" مؤلمة قد تكدر صفو هذه العلاقات الجميلة ويظللها الوجوم والكآبة لفترة قصيرة نتيجة لحظات التهور والإنفعال والغضب ولسوء الفهم .. ولا تلبث أن تزول بعد محاسبة الإنسان لنفسه ، وهذه الزوابع بمثابة الملح للطعام والتى لاغنى عنها ، وقد أشار القديس مقاريوس الكبير فى هذا الموضوع حينما قال : ( أحكم يا أخى على نفسك ، قبل أن يحكموا عليك ) .
لذا نرى بأن الحوارات المبنية على الصراحة والموضوعية بين الأطراف والبعد عن أسلوب التشنج والغضب فى المناقشات من العوامل المؤثرة فى عدم حدوث المزيد من حالات التدهور فى العلاقات ، بل قد تأتى بنتيجة إيجابية وسريعة فى إذابة جبال الثلج ، وعودة الصفا وأواصر المحبة وروابط العلاقات الإجتماعية الطيبة كما كانت عليها فى العهود السابقة .