( 1851- 1923 )
إعداد/ ماجد كامل
يعتبر أحمد باشا كمال وبحق هو شيخ الأثريين المصريين ؛ فهو يعتبر أول اثري مصري . أما عن أحمد كمال نفسه ؛ فلقد ولد في 29 يونيو 1851 م ؛ تعلم مباديء القراءة والكتابة قبل أن يلتحق بالتعليم النظامي ؛ كما حفظ القرآن الكريم ؛ ثم التحق بمدرسة المبتديان الابتدائية بالعباسية ثم أنتقل منها إلي التعليم الثانوي حيث مكث بها عامين وتأهل بعدها إلي مدرسة اللسان المصري القديم ؛ وهي المدرسة التي أنشاها العالم الألماني بروجش لدراسة الآثار واللغة المصرية القديمة والقبطية والأثيوبية واللغات السامية ؛كما تعلم اللغات الحديثة مثل الفرنسية والألمانية والإنجليزية ؛ كما عشق دراسة التاريخ المصري القديم . وكان من المفترض بعد التخرج أن يعمل بمصلحة الآثار ؛ ولكن للأسف الشديد كانت تخضع للسيطرة الأجنبية في ذلك الوقت . فعمل مدرسا للغة الألمانية بأحدي مدارس القاهرة ؛ ثم تركها وعمل مترجما للغة الفرنسية في وزارة المالية ؛ ولكن أستمر عشقه للآثار ؛ فسعي إلي الألتحاق بمصلحة الآثار ؛ ولكن بوظيفة كاتب في البداية بعد أن تظاهر بعدم معرفته بالآثار ؛ بعدها عمل مترجما ومعلم للغات بالقديمة بالمتحف المصري . ولما خلت وظيفة أمين مساعد بالمتحف المصري تمكن من الفوز بها ؛ وكان ذلك خلال عام 1873 م ؛ فكان بذلك أول مصري يتولي هذا المنصب ؛ وظل يشغله حتي أعتزل العمل عام 1914 . وكان بذلك يقوم بتدريس اللغة المصرية القديمة والحضارة القديمة في مدرسة المعلمين العليا وفي الجامعة المصرية الأهلية ؛ وأختير عضوا بالمجمع العلمي والمجمع اللغوي المصري والمجمع العلمي العربي بدمشق .أما عن النشاط العلمي لأحمد باشا كمال ؛ فله مساهمات عظيمة في الحفائر التي أجريت في عشرات المواقع الأثرية وخاصة مدينة عين شمس ومصر الوسطي ؛ وقام بنشر تقارير عن هذه الحفائر ؛ وكان له دورا كبيرا في العثور والكشف عن مومياوات الفراعنة المخبأة بالدير البحري غرب طيبة . كما بذل جهودا كبيرة في عملية نقل آثار المتحف المصري وتنظيمه وتريتيبه مرتين :-
1-المرة الأولي عندما نقلت آثاره من بولاق إلي متحف الجيزة عام 1890 م .
2-المرة الثانية عندما نقل من متحف الجيزة إلي المتحف الحالي بوسط القاهرة عام 1900 م .
كما تبني دعوة الي إنشاء العديد من المتاحف في عواصم الأقاليم المصرية ؛ حيث نجح فعلا في إنشاء متحف في أسيوط والمنيا وطنطا . أما عن جهوده الأكادديمية ؛ فلقد سعي لدي الوزير أحمد حشمت باشا لإنشاء فصل دراسي لتدريس الآثار المصرية بمدرسة المعلمين الخديوية ؛ وبالفعل أنشأ أول فصل ؛ حيث تتلمذ فيه عدد ممن صاروا علماء التاريخ والآثار بعد ذلك مثل ( سليم حسن- أحمد عبد الوهاب باشا – محمود حمزة ) . وبالفعل تم تخريج الدفعة الأولي خلال عام 1912 م ؛ ولقد حاول أن يعين بعض الخريجين بالمتحف المصري ؛ ولكنه لم يتمكن بسبب العراقيل التي وضعها الأجانب أمامه ؛ ولكن بعد فترة قصيرة تمكن من ثلاثة منهم بالمتحف المصري ؛ ثم قام بإرسال ثلاثة منهم للدراسة بفرنسا وانجلترا وهم ( سليم حسن - محمود حمزة – سامي جبرة ) . كما سعي لدي وزارة المعارف لإدخال دراسة الآثار المصرية في مدرسة المعلمين العليا ؛ وبالفعل وبفضل جهوده تمكن من فتح أول فصل دراسي عام 1924 م ؛ ولما أنشئت الجامعة المصرية تقرر أن تكون من بين أقسام كلية الآداب قسم الآثار المصرية ؛ ثم أستقلت بعد ذلك وصارت كلية خاصة بالآثار . ولقد أستمر أحمد باشا كمال في العمل والتأليف والكتابة حتي توفي في 5 أغسطس 1923 عن عمر يناهز 72 سنة تقريبا .
ولقد أثري العالم الكبير المكتبة التاريخية والأثرية بالعديد والعديد من الكتب والمراجع القيمة نذكر منها في حدود ما تمكنت من التوصل إليه :-
1-العقد الثمين في محاسن وأخبار وبدائع آثار الأقدمين من المصريين ؛ ويتناول فيه تاريخ مصر الفرعونية مع التركيز علي النواحي الحضارية .
2-الفوائد البهية في قواعد اللغة الهيروغليفية ويتناول فيه قواعد تلك اللغة وطريقة كتابتها ؛ وأتبع نفس المنهج المتبع في قواعد اللغة العربية ؛ ووضع في نهاية الكتاب ملحق يحتوي علي قاموس صغير للكلمات الهيروغليفية ومعانيها والنطق القبطي لها .
3-اللآلي الدرية والنباتات والأشجار القديمة المصرية وهو معجم للنباتات القديمة ؛ مرتب حسب الحروف الأبجدية وبه أسماء النباتات باللغة الهيروغليفية ومرادافتها بالعربية والفرنسية .
4-بغية الطالبين في علم وعوائد وصنائع وأحوال القدماء المصريين ؛ وهو مزود بثلاثمة رسم توضيحي ؛ تناول فيه علوم قدماء المصريين من طب وفلك ورياضة ونبات وحيوان ... الخ .
5-ترويح النفس في مدينة الشمس والمعروفة الآن بعين شمس ؛ تناول فيها تاريخ المدينة وأسمائها القديمة ومعابدها ومعبوداتها وآثارها وأطلالها الحالية .
6-الدر النفيس في مدينة منفيس وهو كتاب صغير يتناول فيه تأسيس المدينة في عهد مينا وأسمائها القديمة وأقاليمها وتاريخها .
7-الحضارة القديمة في مصر والشرق وهو عبارة عن مجموعة محاضرات ألقاها في الجامعة المصرية الأهلية
8- له كتابان باللغة الفرنسية يدخلان في نطاق الفهرست العام للمتحف المصري الذي أشترك فيه العديد من العلماء ؛ كما أن له نحو ستين مقالا باللغة الفرنسية تناول فيها بحوثا دينية ولغوية وجغرافية .
وكل هذه الكتب السابقة في ناحية ؛ ومعجم اللغة المصرية القديمة في ناحية أخري لوحده ؛ فهو مخطوط يقع في 22 مجلد ؛ ويجمع مفردات اللغة المصرية وما يقابلها بالعربية والفرنسية والقبطية والعبرية . ولقد تمت طباعته عن طريق المجلس الأعلي للاثار عام 2002 بعد جمع المخطوط من الورثة . والفكرة الرئيسية في هذا المعجم هو أن هناك صلات بين اللغة المصرية القديمة واللغات السامية خصوصا اللغة العربية . وفي هذا المعجم قام بتتبع هذه الفكرة وتأصيلها ؛ولقد أستغرق العمل في هذا المعجم ما يقرب من عشرين عاما من العمل الجاد المتواصل ؛ ولقد تقدم بهذا العمل إلي وزارة المعارف لطبعه قبل وفاته ؛فأحالته إلي مدير المطبوعات وكان إنجليزيا الذي أحاله إلي كبير الأمناء وكان انجليزيا أيضا ؛ وهو بدوره جوله إلي لجنة أحد أعضائها إنجليزيا والآخر فرنسيا ؛ ولقد كان رأي اللجنة مخيبا للأمال ؛فلم تهتم الوزارة بطبعه حينها ؛ حتي قام المجلس الأعلي للآثار بطباعته عام 2002 كما ذكرنا سابقا . كما تسلمت مكتبة الإسكندرية نسخة منه .
بعض مراجع ومصادر المقالة :-
1- آرثر جولد شميث الأبن :- كمال ؛ أحمد 29 يونيو 1851 – 4 أغسطس 1923 م ؛ صفحتي 589 ؛ 590 قاموس تراجم مصر الحديثة ؛ المجلس الأعلي للثقافة ؛ المشروع القومي للترجمة ؛ العدد رقم 521 ؛ الطبعة الأولي 2003 ؛ كمال ؛ أحمد 29 يونيو 1851 – 4 أغسطس 1923 م ؛ صفحتي 589 ؛ 590 .
2- مروة موسي :- مكتبة الإسكندرية تتسلم معجم أحمد باشا كمال من أسرته ؛ جريدة الوطن ؛ 11 اكتوبر 2020 .
3- زكي فهمي :- صفوة العصر في تاريخ ورسوم مشاهير رجال مصر ؛ الفصل الخاص بأحمد باشا كمال .