الخميس ٢٣ اغسطس ٢٠١٢ -
٠٧:
١٠ ص +02:00 EET
بقلم: د. رأفت فهيم جندى
الإدارة الامريكية: فى عهد بوش الأبن ارغم الأمريكان نظام مبارك على نزاهة الأنتخابات وحرية الصحافة فأتى 88 عضوا من الاسلاميين لمجلس الشعب فى 2005، وانهالت الأخبار والتحليلات السياسية فى الصحف المصرية الغير حكومية عن نظام مبارك الفاسد مدعومة ومصدقة بمعاناة الشارع المصرى، ثم فجأة ابدت الادارة الامريكية فى عهد اوباما تراخيها الكامل للديمقراطية المصرية، واختار اوباما القاهرة لمخاطبة الشعوب الإسلامية، بل واظهرت الأدارة الأمريكية قبولها لتوريث الحكم لجمال مبارك وكانوا يلقبونه عند زيارته لواشنطون بـ "السيد الرئيس".
بلع نظام مبارك الطعم وظن انه نجا من فخ الديمقراطية المفروضة عليه وزور انتخابات مجلس الشعب تزويرا كاملا فاضحا فى 2010 لتوريث جمال مبارك، فشارك الأمريكان فى الخفاء فى تأليب الشعب المصرى فكانت الثورة التى قلبت مبارك ونظامه، ثم كانت بعدها الأوامر الأمريكية الظاهرة والخفية للمجلس العسكرى بإرساء أنتخابات الرئاسة للإخوان.
الأخوان المسلمين: اشتركوا مع الأدارة الامريكية فى التخطيط لقلب مبارك، وشاركوا فى الثورة بقوة ولكن فى الخفاء فى بدء الأمر، وُقبض على مرسى والشاطر بتهمة التخابر مع المخابرات الأمريكية، وقام الأخوان بحرق مقرات الحزب الوطنى، وعندما استمال مبارك وقت الثورة الكثير من الشعب المصرى بخطاب عاطفى دبرت المخابرات الأمريكية بالاشتراك مع حماس والاخوان فتح السجون المصرية ثم قتل المتظاهرين فى موقعة الجمل لسحب هذا التعاطف الشعبى من مبارك.
وعندما وضح نجاح الثورة ضد مبارك اظهر الأخوان انفسهم بدلا من تخفيهم الاول، ثم هادن الأخوان المجلس العسكرى فى العلن ولكنهم دبروا لإنهاء شعبيته مستغلين سذاجة العسكر السياسية فكانت احداث اطفيح والبالون والماريناب وماسبيرو ومحمد محمود والتراس الأهلى فى بورسعيد ونجح الأخوان فى فقد المجلس العسكرى كل شعبية له فى مصر.
ثم كانت انتخابات الرئاسة ولم يبدى مرسى اى احتمال لخسارته الانتخابات لعلمه انه مساند بأوامر امريكية بل سارع واعلن فوزه قبل انتهاء نتيجة الفرز وقبل ان يخلد اوباما للنوم ليطمئنه ان خطتهما قد نجحت.
المجلس العسكرى: رضى العسكر بالدور الموظف لهم لإقالة مبارك وكان هذا على هواهم ايضا لعدم رغبتهم فى تولى جمال مبارك الرئاسة وفرحوا بلقب "حماة الثورة" وايضا بشعار "الشعب والجيش ايد واحدة"، وسرعان ما وضح للعسكر أن الأمريكان يريدون الأخوان فى الحكم، وانهم لن يؤيدوهم فى البقاء فى السلطة طويلا، وعندما كانت تثور علي المجلس العسكرى كرامته ويعتقل بعض المنظمات التابعة للامريكان كان ينصاع فى النهاية للعين الحمراء الامريكية، وانتهى به ان استسلم وسلم الرئاسة للأخوان طبقا للتعليمات الأمريكية، ثم كان تمام الانبطاح عندما اطاح مرسى برئاسة المجلس العسكرى وفنط اعضائه مثل ورق الكوتشينة، ولم يتوقع احد ان العسكرى سيكون بهذه الطراوة والنعومة وهو الذى سحل وقتل بدباباته واسلحته فى ماسبيرو ومحمد محمود وغيرهم، وكذلك صفت المخابرات الأمريكية عمرو سليمان العالم بأسرار الأخوان بتسليط اشعة قاتلة عليه.
اللبراليين: ظنوا انهم هم المحركين للثورة ولم يدروا انهم فقط الزناد فى بندقية امريكية الصنع، وظنوا انهم ابطال الأحداث، وسرعان ما وجدوا انفسهم خارج الدائرة بعد أن افترس الإخوان التورتة بمساعدة الأمريكان ولم يتركوا لهم حتى الفتات منها.
الشعب المصرى: فرح بالثورة على مبارك وشارك بها بحماسة شديدة ولم يدرى ان هناك اصابع خفية برمجته فانطلقت الحناجر بصراخ مكبوت طوال 30 عاما من الفساد الأدارى واستغلال موارد البلد، وسعد بشدة وهو يرى الديكتاتور الجبار مبارك يتهاوى امام عيونهم، ولكنه لم يكن يدرى ان الإسلاميين واقفين بالمرصاد لتلقف ثمرة الثورة، ونهاية الثورة تكشف بدايتها أن الثورة المصرية برمجة امريكية.
وهكذا فعل الأمريكان فى كل مكان من منطقة الشرق الاوسط فى تونس ومصر وليبيا واليمن وسوريا ولكنهم لن يقربوا من السعودية وضواحيها بل سارع الأمريكان باعلان تأييدهم لسحق التمرد الشعبى فى البحرين.
ويتبقى السؤال ما هى اهداف الأدارة الأمريكية من تسليم الشرق الأوسط للإسلاميين؟ هل هى لالهائهم فى نزاع سنى شيعى؟ أم فى مساندتهم عند ضرب أيران؟ أم بتقسيمهم لدويلات وتفتيتهم اكثر؟ الله اعلم.