هاني صبري - المحامي
الوعد بالبيع هو اتفاق بين شخصين يعد بمقتضاه أحدهما الآخر بإبرام عقد معين خلال مدة معينة، ويقبل الطرف الآخر هذا الوعد مرجئاً اتخاذ قراره بالارتباط بهذا العقد أو رفضه إلى وقت لاحق.

يلتزم الواعد بمقتضى الوعد بالبيع أن يبيع عقارا بثمن معين إذا رغب به الموعود له خلال مدة معينة ، هذا هو الوعد بالتعاقد الملزم لجانب واحد، فهو عقد، لأنه يقوم على إيجاب وقبول بين الواعد والمستفيد من هذا الوعد، وبدون هذا القبول نكون بصدد إيجاب فقط لا عقد، وهو عقد ملزم لجانب واحد، هو الواعد، وأهم صور الوعد الملزم لجانب واحد، هو الوعد بالبيع، كالوعد الذي يوجهه مالك العقار إلى شخص.

حيث ترجع أهمية هذا الموضوع، في كون هذه المراحل السابقة عن التعاقد تمنح للطرفين فرصة التعرف على الالتزامات المتبادلة وتساعد على معرفة مدى قدرة الطرف الآخر على إبرام العقد النهائي كما تمنحه فرصة الاستعداد والتحضير لبعض الإجراءات التي يتطلبها إبرام العقد النهائي.

و يجوز أن يتفق أطراف العقد على أن يتحمل الموعود لهم التزامات وأن يقبلوا إعطاء ضمانات مقابل رفض إبرام العقد النهائي.

يتحمل الموعود له عبء إثبات إبداء الرغبة فى الميعاد ، لذلك فإذا رفض الواعد إبرام العقد فور إبداء الرغبة شفاهة أو تغيب عن موطنه الثابت بالعقد ، تعين انذاره فورا على يد محضر برغبة الموعود له فى إتمام البيع محل الوعد.

يمكن الاتفاق فى عقد الوعد بالبيع على أنه إذا أبدى الموعد له رغبته فى إتمام عقد البيع ، تعين إفراغ عقد البيع فى ورقة رسمية وحينئذ يلتزم الواعد بإعدادها فإذا مانع قام الحكم مقام العقد مفرغا فى هذه الورقة الرسمية.

يلزم لصحة عقد الوعد أن يكون مستوفيا كافة الأركان المقررة فى العقد الموعود بإبرامه ، فإن كان من العقود الشكلية كعقد الرهن الرسمي وجب ان يكون عقد الوعد به بدوره رسميا ، ومتى استوفى الوعد أركان العقد الموعود به ونكل الواعد من وعد ، كان للموعود له رفع دعوى بصحة ونفاذ عقد الوعد وحينئذ يقوم الحكم مقام العقد.

 أن الوعد الملزم لجانب واحد قد يتخذ طابعاً تبادلياً، إذ كثيراً ما يقترن الوعد الملزم لجانب واحد بشرط التعويض عن الانتظار أو التجميد، وهو مبلغ مالي يدفعه الموعود له إذا رفض إبرام العقد النهائي، تعويضاً للواعد عن عدم إمكان التصرف خلال مدة الوعد.

هذا المبلغ الذي يتعهد المستفيد بدفعه إذا لم يبرم العقد النهائي يسبغ على الوعد الملزم لجانب واحد طابعاً تبادلياً، لأنه يرتب التزامات على عاتق كل من المتعاقدين، ومع هذا يبقى الوعد وعداً ملزماً لجانب واحد إذا كان مبلغ التعويض صغيراً بالنسبة للشيء محل التعاقد ومدة الوعد، لأن هذا العقد تبادلي لا يحتوي في حقيقته إلا على وعد ملزم لجانب واحد: الواعد وحده يلتزم بإبرام العقد النهائي، أما الموعود له فيبقى حراً في إبرام العقد أو رفض الوعد .

وعلى العكس الوعد يصبح ملزما للجانبين إذا كان مبلغ التعويض كبيراً بحيث يعدم حرية الموعود له في الخيار بين إبرام العقد أو رفضه، بمعنى آخر التعويض عن الانتظار يجعل الوعد ملزم لجانب واحد وعدا ملوماً للجانبين إذا كان هناك تقارب في القيمة بين هذا التعويض والالتزام الموعود به .

نجد هذه الصورة في بعض العقود كأن يعد ملك لشيء شخصاً بأن يبيع له هذا الشيء إذا رغب ويعد هذا الأخير بشرائه إذا رغب البائع في ذلك خلال مدة معينة، فيصبح كل منهما واعدا بالتعاقد إذا رغب الطرف الآخر.

شروط الوعد بالتعاقد :
حددت المادة 101 مدني هذه الشروط هي :

الشرط الأول: تعيين كافة المسائل الجوهرية للعقد الموعود بإبرامه، فالوعد بالنسبة للواعد هو إلتزام نهائي بالعقد الموعود به، ولهذا يجب أن ينصب وعده على تصور كاف لهذا العقد، ففي الوعد بالبيع يجب تعيين الشيء المبيع والثمن، وفي الإيجار يجب تحديد العين المؤجرة والأجرة ومدة الإيجار.
الشرط الثاني: تحديد مدة للوعد يلتزم فيها الواعد بوعده ويلتزم المستفيد بممارسة خياره بين إجراء العقد أو رفضه، ويترتب على تخلف هذا الشرط بطلان الوعد، هذا الأجل قد يكون صريحاً وقد يستفاد ضمنياً من الظروف، كأن ينصب الوعد على منح منشأة صناعية جناحاً في معرض يفتتح بعد شهرين - أجل الوعد هنا هو المدة الباقية على افتتاح المعرض.

الشرط الثالث: أن يتم الوعد في نفس الشكل الذي يستلزمه القانون لإجراء العقد النهائي، فإذا كان العقد الموعود بإبرامه شكلياً كالهبة أو الرهن الرسمي فيجب أن يتم الوعد في نفس الشكل وإلا وقع باطلاً، فإذا أبرم وعد برهن رسمي في ورقة عرفية كان الوعد باطلاً لأنه لم يتم في ورقة رسمية فلا يجبر الواعد على إجرائه في الشكل المطلوب ولا يقوم حكم القاضي مقام الشكلية، إذ لو جاز ذلك لتمكن المتعاقدان من التحايل على الشكل الذي يفرضه القانون .

الشرط الرابع: يجب في الوعد الملزم لجانب واحد أن يتوافر في الواعد وقت الوعد الأهلية اللازمة لإبرام العقد النهائي، وتقدر عيوب الإرادة بالنسبة له في هذا الوقت، أما المستفيد فتكفي أهلية التمييز وقت الوعد، أما في الوعد الملزم لجانبين يجب توافر أهلية إبرام العقد النهائي عند المتعاقدين وقت إبرام الوعد.  
آثار الوعد بالتعاقد
أما إذا تم «الوعد بالتعاقد» ترتب عليه آثار معينة يجب أن تفرق في شأنها بين مرحلتين:
الأولى: قبل إظهار الموعود له لرغبته في إبرام العقد النهائي.

والثانية: بعد إظهار هذه الرغبة، فقبل أن يظهر الموعود له رغبته في التعاقد النهائي، لا ينشيء الوعد إلا التزاما على عاتق الواعد بإبرام العقد الموعود به وهذا يقتضي ألا يقوم بأي عمل من شأنه أن يحول دون إبرام العقد النهائي .

فإذا أظهر الموعود له رغبته في إبرام العقد الموعود به خلال المدة المحددة العقد النهائي من هذا الوقت دون حاجة إلى رضاء جديد من الواعد وأصبح كل من طرفيه ملتزماً بما يرتبه هذا العقد من آثار، وإذا امتنع الواعد عن تنفيذ ما يرتبه العقد من التزامات كان للطرف الأخر أن يلجأ إلى القضاء فيصدر القاضي حكمه بإلزام الممتنع بتنفيذه التزامه.