الثلاثاء ٢١ اغسطس ٢٠١٢ -
٣٦:
٠٩ ص +02:00 EET
بقلم: إسماعيل حسني
من حق الإخوان المسلمون أن يغضبوا وأن تتصلب شرايينهم من الدعوة للتظاهر يوم 24 أغسطس ضد حكم الرئيس محمد مرسي. ذلك أن انتفاضة شعب على رئيس في بداية حكمه من شأنها إضعاف مصداقية النظام الجديد داخليا وخارجيا، وإعلان فشل الرئيس في إقامة توافق وطني يضمن الإستقرار في البلاد.
ويرى الإخوان وحلفائهم من المتأسلمين والمتأخونين والمؤلفة عقولهم وجيوبهم وأقلامهم أنه ليس من العدل الثورة على رئيس منتخب دون اعطائه فرصة كاملة وقبل أن تمضي أسابيع على تسلمه مهام منصبه.
وكنا نود أن نتفق مع الإخوان في هذا المنطق البسيط خاصة وأننا كسائر المصريين نرجو لبلادنا فسحة من استقرار تعود فيها الحياة لمجرياتها الطبيعية، إلا أن الرئيس مرسي لم يمنحنا هذا الترف، وضن علينا بهذا الهدوء سواء بما اتخذه أو بما لم يتخذه من قرارات.
فالقرارات الأولى التي أصدرها الرئيس مرسي لم تكن قرارات مصرية الطابع وتحقق أهداف ثورة 25 يناير، بل كانت قرارات إخوانية صرفة تهدف لتمكين الجماعة من مفاصل الدولة وأجهزتها. فبدلا من الدعوة لانتخابات تشريعية جديدة جرى تحدى أحكام القضاء وتقرر إعادة مجلس الشعب المنحل، وبدلا من إعادة تشكيل تأسيسية الدستور المطعون عليها جرى تحصينها بقانون، وبدلا من الإفراج عن المعتقلين من الثوار تم الإفراج عن المحكوم عليهم بالإعدام في جرائم إرهابية، ثم خالف الرئيس تعهداته بتشكيل فريق رئاسي من مختلف الإتجاهات وتعيين نوابا بينهم قبطيا وامرأة، ثم جاءت الهجمة الإخوانية على الصحافة والإعلام وتشكيل الحكومة الصادم ليؤكدا أن المائة يوم الأولى من حكم الرئيس سوف تستنفد في الإسراع في فرض هيمنة الجماعة على أجهزة الدولة، مما دفع القوى الوطنية للإسراع بالتحرك لإيقاف هذا المخطط المدمر.
وكعادة الأنظمة المستبدة، لم يواجه الإعلام الإخواني الدعوة للإنتفاضة بمحاولة تفهم دواعيها وممارسة النقد الذاتي لنزع فتيل الإشتعال، بل واجهها بحملة هيستيرية من الإشاعات والأكاذيب، فهي تارة إنقلاب على الديموقراطية، وهي تارة أخرى تحرك إجرامي يهدف لحرق مقار حزب الإخوان وإتلاف الممتلكات العامة، بل وأهدرت بعض الأبواق الإخوانية دماء المتظاهرين وطالبت بقتلهم أينما ثقفوا، مما يفضح مدى رفض الإخوان لمجرد وجود معارضة سياسية في البلاد.
والحقيقة أن جماهير الشعب لن تخرج يوم 24 من أجل إسقاط الرئيس مرسي، فالكثيرون ممن أعلنوا الخروج هم ممن قاموا بالتصويت له في انتخابات الإعادة حينما قدمته لهم بعض الأقلام على أنه مرشح الثورة، وإنما ستخرج هذه الجماهير من أجل إيقاف مخطط الأخونة، والمطالبة بحل تأسيسية الدستور واسترداد مقاليد حكم البلاد من مكتب الإرشاد.
ولن تقتصر نتائج 24 أغسطس على فضح مخطط الأخونة، بل ستتعدى ذلك إلى كشف قيادات النخبة المصابة بهشاشة التفكير والعظام أمام الناس، وإحالتها إلى التقاعد، حيث ستفرز حركة الجماهير قياداتها الشعبية المعبرة بحق عن آمالها وتطلعاتها، والقادرة على بناء قواعد شعبية تستطيع الدفاع عن مدنية الدولة وحماية حقوق وحريات المواطنين. عاشت مصر حرة أبية.